Breaking News

إبراهيم الصياد يكتب.. “مبادرة إنقاذ الإعلام المصري..ّ”

” إن الصمت فيما يتعلق بقضايا الوطن يصبح خيانة والحياد يصبح تواطؤا ” عباره قالها احد ابنائي من شباب الاعلاميين ربما ليؤنب بها اجيالا سابقة ترى اعلام الوطن يهان دون ان تحرك ساكنا وربما يحفز في الوقت نفسه على طرح سؤال ألم يان الآوان كي ننقذ الاعلام المصري من حالة الركود والفوضى والانفلات التي يعانيها ؟ ولهذا كان من الضروري ان يتفق مجموعة من المثقفين المصريين على اطلاق مبادرة انقاذ الاعلام وحتى ندرك اهمية هذا الطرح لابد من تفهم اسباب هذه الحالة ومن وجهة نظري يرتبط الامر بتوضيح بعض المفاهيم او دعونا نقول ضبط بعض المصطلحات المتداولة لتفسير الحالة  بشكل علمي حتى نستطيع اخراج الاعلام المصري من ازمته الراهنة ومن بين هذه المصطلحات ” الوعي ”  فاذا اتفقنا على ان تشكيل وجدان الامة رهن بوعي المتلقي فانه يعني الادراك الذي يقود الى الاهتمام المحفز على المشاركة التي تشكل الرأي العام في الاتجاه الايجابي لأن الفشل في انجاز ذلك هو ما يوصف ” بتجريف الوعي ” ما يؤدي الى تورط المجتمع قي تبعات المد الفوضوي  والانزلاق الى مستنقع الانفلات . 
 ومن المصطلحات المتداولة في الاعلام وتحتاج الى ضبط ” المهنية ” والتي تعني امتلاك القائم بالرسالة الاعلامية لاداواته وتوظيفها في الاتجاه الصحيح  وفق المعايير والقيم المهنية بحيث تصبح  المعايير قواعد قابلة للقياس الموضوعي للآداء الاعلامي مثل ان تكون المادة البرامجية مثيرة وكبيرة وغير عادية وتتعلق بجمهور المتلقين وان تقدم جديدا يضيف لإطارهم المرجعي اما القيم ترتبط باخلاق المهنة والتي يحلو للبعض تسميتها بميثاق الشرف الاعلامي وان كنت اراها مسودة سلوك تحكم الآداء وتوجهه في المسار الايجابي لكن نلاحظ ان غياب المهنية ومن قبل الوعي الايجابي يؤديان الى الحالة التي نحن بصددها فوضى وانفلات وتردي في الذوق العام وتكرس هذه الحالة مجموعة من الظواهر التي تشكل المشهد الاعلامي على النحو الذي نراه اليوم ليس في مصر وحدها ولكن في العالم العربي ومنها على سبيل المثال لا الحصر غياب نقابة مهنية للصحافة  المرئية والمسموعة او ما اتفق على تسميتها نقابة الاعلاميين ودعونا نتكلم بصراحة اكثر لا يوجد مسمى ” إعلامي ” بمعنى MEDIA FIGURE  لكن يوجد ” صحفي ” بمعنى JOURNALIST  وان اختلفت الوسيلة الاعلامية التي يعمل فيها جريدة ورقية او اذاعة او تلفزة او صحافة اليكترونية ولكن طلما هناك اصرار على حرمان الاعلامي من صفته الصحفية لاسباب في نفس ” يعقوب ” يصبح من الضروري وجود نقابة تدافع عن مهنة الاعلام وتقنن وتعرف من هو الإعلامي و تضع ضوابط مزاولة المهنة حتى يمكن فلترة المشهد من الشوائب التي علقت به وشوهت الشخصية المصرية وانحدرت بالذوق العام نتيجة اقتحام موضوعات وافكار شاذه وغريبة للقنوات االفضائية تحت غطاء حرية التعبير والابداع هدمت القدوة والمثل الاعلى وسيدت نماذج من السوء بحيث اصبح الاستثناء هو العادي والشاذ من الفكر هو السائد فامتلآت ” الدكاكين ” الفضائية ببرامج عن تشوية الدين والاتجار به وانكار ثوابته والسحر والشعوذه والاباحية و ادوية مجهولة  واعشاب يدعون انها شافية لكل امراض الانسان وتضمن له الصحة والفحولة واستغلت هذ القنوات شريط الاخبار المخصص لاستعراض حال البشر وقامت بملئه باعلانات تروج للتضليل في غيبة القانون ودون تدخل حاسم من الدولة لردع هؤلاء المتأمرين على صحة وحياة المواطن بالاضافة الى انتاج برامج تركز على النصف الفارغ من الكوب تحت غطاء الراي والراي الاخر مهمتها تضخيم الاخطاء عن طريق توظيف نظرية الالحاح على المتلقي حتى ترسخ في وعيه صور ذهنية معينة وهو المطلوب لتضليله ومن ثم تحريضه ناهيك عن برامج اخرى تسطح الفكر وتفقد الوعي تتحدث عن توافه الامور وتدمر الوقت فيما لايفيد .
وفي اعتقادي ان هناك عوامل كرست ازمة الاعلام من بينها على سبيل المثال لا الحصر سيطرة الوكالات الاعلانية على المحتوى البرامجي ولعبت على فكرة ان الممنوع مرغوب لجذب المتلقي ورفع نسبة المشاهده وبالتالي حصد اكبر كم من العوائد المالية وعدم الفصل بين الملكية والادارة بمعنى ان مالك الوسيلة الاعلامية اصبح هو المتحكم في السياسة التحريرية و غياب التشريعات المنظمة للاعلام خاصة فيما يتعلق بحرية  تداول المعلومات والضوابط الحاكمة للمساءلة القانونية للاعلامي خلال ممارسته للمهنة بما لا يشكل قيدا على هذه الممارسة واذا كانت هذه الامور واضحة بالنسبة للصحفيين فهي غير محدده للاعلاميين في الوسائل السمعية والبصرية وطبيعي غياب نقابة مهنية تنظم وتحمي المهنة عامل آخر يكرس الازمة . 
والسؤال ماهو الحل حتى نخرج من ازمة الاعلام الراهنة ؟ هناك حلول كثيرة لكنها تفتقد لارادة سياسية تفعل من عملية اتخاذ القرار تبدأ معظمها من الحكومة التي احيانا تنظر الى الاعلام على انه معوق لادائها ؟! وكثير من الوزراء في الحكومات المتعاقبة خاصة منذ ثورة يناير بتعاملون مع الاعلام على انه خصم ونسيوا او تناسوا ان الاعلام هو مرآة المجتمع واذا تجاهل  المسئول دور  الاعلام انفصل عن المجتمع خاصة في الوزارات المعنية مباشرة بحياة المواطن مثل التعليم والصحة والتضامن الاجتماعي والمالية على وجه التحديد واذكر ان احد وزراء المالية في حكومة سابقة اعترض على ان يوجه تليفزيون الدولة له نقدا وقال ” ألا يكفي اني اعطية شهريا مرتبات العاملين فيه ” و كانه يدفع مستحقات العاملين في ماسبيرو من جيبه الخاص !! 
اذن يجب ان تهتم الدولة بالاعلام وخاصة اعلام الخدمة العامة المتمثل في اتحاد الاذاعة والتليفزيون لاني اقول دائما ان الاعلام الرسمي هو صمام الامان اذا صلح انصلح حال الاعلام ككل اما فيما يتعلق بالتشريعات اتصور ان الفصل بين الصحافة والاعلام في الواقع ثم دمجهم في قانون موحد مثل الذي صدر مؤخرا امر معيب لا يتفق مع الدستور او بعبارة اخرى يجب ان يكون هناك قانون لكل منهما لان القانون الموحد ركز على الصحافة وهمش الاعلام !! وكان من المفترض ان يتزامن مع صدور اي تشريعات جديدة خروج نقابة الاعلاميين للنور حيث نلاحظ ان البعض يجدون مصلحتهم في تاخير انشاء النقابة حيث يقومون بدورها ودور المجلس الأعلى للصحافة والإعلام الذي مازال عدم تشكيله  مثار جدل بين الجماعة الصحفية والاعلامية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *