Breaking News

محمد يوسف العزيزي يكتب…”نقابة الصحفيين.. أزمة يدفع ثمنها الوطن !”

مكتوب علي الوطن أن يخرج من أزمة ليدخل أزمة جديدة.. ومكتوب علي الرئيس أن يتحمل أعباء الحلول وتقديم الاعتذار إذا لزم الأمر ، ومكتوب علي الوطن أن يلهث ليحافظ علي كل ما تيسر من استقرار قبل أن تذروه الرياح .. هل كل ما يحدث محض صدف أم أنه مقصود ويعد له إعدادا ؟ 
في تقديري أنه وبهذا الترتيب لا يعد محض صدف إذا أخذنا في الاعتبار كل من يترصدون للوطن ويعملون علي عدم استقراره انتقاما من السلطة التي أفسدت خطة اختطاف الوطن وتقسيمه ، كما أنه ليس مقصودا ولا يعد له إعدادا علي الأقل في بعض الأزمات التي منها أزمة نقابة الصحفيين مع الداخلية .. لكن من صنعوا الأزمة من الطرفين لم يقدروا طبيعة المرحلة التي تمر فيها البلاد ، وقرروا انتهاز الفرصة للدخول في صراع إرادات والتعليم علي بعضهما البعض ، أو أنهم جهلوا كيفية إدارة الأزمة رغم بساطة الأمر حتى تحولت إلي أزمة كبيرة شغلت الدولة والنقابة والرأي العام وعلي الوطن أن يدفع ثمنها . 
مجلس نقابة الصحفيين أو بعضه كان يتعرض لحملة من كثير من الجماعة الصحفية لأنه انحرف بالنقابة عن مسارها الصحيح وسمح للبعض من خارج الجماعة الصحفية أن يسب الدولة والرئيس والسلطة علي سلالم النقابة بهتافات تسيء للجيش والشرطة والرئاسة في جمعة الأرض ، كما سمح المجلس لبعض أفراده أن يسب مؤيدي الجيش والرئاسة ويصفهم بأنهم بلطجية الداخلية ! 
وزارة الداخلية وهي جهة تنفيذ القانون كان مطلوبا منها القبض علي اثنين أحدهما صحفي عضو نقابة والآخر ليس عضو نقابة بموجب أمر ضبط وإحضار من النيابة العامة ، وعندما توافرت إليها المعلومات بوجود المطلوبين بالنقابة توجهت للقبض عليهما من داخل النقابة .. هنا انفجرت قنبلة الدخان فتلاشت الحقائق وراء سحب داكنة وخانقة وتوالت ردود الفعل العشوائي في كل التصريحات التي صدرت بعد الواقعة بساعات سادت فيها فترة صمت من الداخلية وكأن الأمر لم يكن في اختصاصها ، وعندما زادت علامات الاستفهام واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي .. خرج المتحدث باسم الداخلية ليقول كلاما مبعثرا يفتقد للمعلومات فيه من النفي أكثر من التأكيد ، فزاد الطين بله ، وخرج نقيب الصحفيين علي الشاشات ليردد كلاما سماعيا منقولا وغير موثقا قبل أن يتوجه للنقابة ويستبين الأمر ثم يصرح بما رأي وسمع من شهود العيان !
الجمعية العمومية للصحفيين انقسمت بين معسكرين أو ثلاثة .. الأول يعتبر فعل الداخلية خرقا للقانون والدستور وسابقة لم تحدث من قبل تتعارض مع قانون النقابة ، والثاني يري أن الصحفيين ليس علي رؤوسهم ريش وعليهم احترام القانون الذي يطالبون بتطبيقه علي الجميع ، وأن النقابة ليست مأوي للخارجين علي القانون مهما كانت مهنتهم ، والثالث يري أن الأزمة بفعل فاعل للوقيعة بين الصحفيين والسلطة وأن الدولة هي الخاسر في النهاية فليس من المصلحة شق الصف الآن وأن هناك من ينتظر ركوب هذه الموجة العالية لتحقيق أهداف سياسية بعيدة تماما عن هدف استقلال النقابة وحرية الرأي ، وقد بدأت بوادر هذا الركوب بدخول أطراف لا علاقة لها بالأزمة !
أخطأت الداخلية عندما دخلت النقابة للقبض علي المطلوبين دون تنسيق مع مجلس النقابة أو ترتيب مسبق ، ودون عمل دراسة أمنية كتلك التي تحدث عند تنفيذ حكم قضائي أو القبض علي متهم أو حتى إزالة مبني مخالف ، وكان لديها من البدائل ما تحقق به الهدف المطلوب دون خلق أزمة جديدة مع الصحفيين ( الذين ليس علي رؤوسهم ريشة ) .. عملية تقدير موقف فقط خصوصا وأن الأمر ليس خطيرا أو يهدد أمن الوطن .. الأزمة التي نشأت هي التي تهدد أمن الوطن !
أخطأ مجلس النقابة عندما لم يبذل جهدا حقيقيا في حل الأزمة أو وأدها في مهدها بتسليم الزميلين إلي النيابة العامة وتوفير حماية قانونية لهما ، وأخطأ عندما قرر أن يحل الموضوع بعد الأجازة وكأن النيابة وقسم الشرطة في أجازة ، وأخطأ عندما خرج البعض منه علي الإعلام وهو لا يعرف أبعاد الموضوع فقرر ركوب الموجة والحديث فقط عن حرية الرأي والتعبير .. القميص الذي يلبسه كل من يريد تحقيق زعامة علي حساب الوطن ، وأخطأ مجلس النقابة في خلط حرية التعبير والرأي بالسب والقذف والإساءة للدولة علي سلالم النقابة بحجة أن المجلس لا يكمم أفواه أحد ولا يملك ضبط إيقاع سلالمه ! 
حتي كتابة السطور الأزمة تتصاعد والحلول غائبة ، ومشعلو الحرائق يحملون جراكن البنزين ويقفون بجوار النار حتى لا تنطفئ جذوتها ومن يركبون الأزمات يتوافدون علي النقابة ويرفعون شعارات كاذبة لا يؤمنون بها .. ودعوة لعقد جمعية عمومية يوم الأربعاء لبحث الموقف مع الأمن .. وكل طرف راكب دماغه بين من يريد إثبات قوته وسلطته ، وبين من يريد استرداد شعبيته .. والوطن هو من يدفع الثمن دائما .. فهل من عقل ومسئولية وتدبر وحكمة ؟ .. اللهم لطفك . 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *