“إذا كنا نريد إقتصادا قويا والمزيد من فرص العمل فعلينا العمل معا, ووضعنا سيكون أفضل إذا كنا معا… وإذا أردنا مكافحة التغيير المناخى فمن الأفضل أن نفعل ذلك معا… وإذا أردنا هزيمة الإرهاب والحفاظ على سلامة وطننا علينا أن نقوم بذلك معا…”. من كلمات رئيس الوزراء البريطانى “كاميرون” الأربعاء الماضى, والذى كثف من دعواته للتصويت لصالح بقاء بريطانيا فى الإتحاد الأوروبى قبيل إستقالته.
ولعل الكثير منا تابع الأستفتاء البريطانى التاريخى والذى عرف إعلاميا بإسم “بريكسيت” على عضوية بريطانيا فى الإتحاد الأوربى والذى يضم 28 دولة, وقد إنتهى بتصوت الغالبية لصالح الخروج , فقد أظهرت النتائج أن نسبة مؤيدى الإنفصال بلغت 51.9% مقابل 48.1 % لمعسكر البقاء, فقد صوتت كلا من إنجلترا وويلز للإنفصال, فيما صوتت كلا من إسكتلندا وأيرلندا الشمالية للبقاء.
ولا شك أن خروج بريطانيا سيشكل نقطة تحول سواء فى علاقاتها بأوروبا أو بالعالم, ومعظمنا يراقب الوضع الراهن ويتسآل : كيف سيكون مستقبل بريطانيا والإتحاد الأوروبى؟ فالمملكة المتحدة أصبحت أول دولة كبرى تغادر الإتحاد منذ تأسيسه قبل 60 عاما! تلك الدولة التى تسهم بحوالى 17 مليار دولار فى ميزانية الإتحاد. فلم يخرج قبلها من الإتحاد إلا “جرين لاند” 1985م والتى لا يتجاوز سكانها 50 ألف نسمة مما يصعب قياس حالتها على بريطانيا.
وعلى الرغم من أهداف الرخاء والديموقراطية التى سعت لتحقيقها أوروبا الموحدة فى “تجربة الإتحاد الأوروبى” , إلا أن ذلك صاحبه أيضا وعلى الجانب الآخر العديد من العثرات والمشكلات التى باتت تعانى منها عدد من الدول الاعضاء وبخاصة فى المجالات الإقتصادية . وذلك بعيدا عن حلم الإستقلال لدى الكثير من أقاليم الإتحاد على مستوى ما دون الدولة كما هو الحال فى إقليم “أسكتلندا” فى بريطانيا ( وقد صرحت رئيسة وزراء اسكتلندا بانه من المرجح اجراء إستفتاء جديد حول إستقلالها عن بريطانيا عقب إعلان خروج الآخيرة من الإتحاد)، كذلك الحال فى إقليمى ويلز وإيرلندا الشمالية , هناك أيضا إقليم “كتالونيا” بأسبانيا وكلا من إقليمى “الباسك” و “أندلوثيا” , وفى بلجيكا كذلك التى تعانى من الإستقطاب المزمن بين مكونيها السكانيين: الفلامان والوالون , وإيطاليا ليست ببعيدة حيث يفكر أيضا سكان منطقة جنوب “النيرول”بمحافظة “بولزانو- بوزن” فى الإستقلال.
وجدنا أيضا الترحيب من زعيمة اليمين الفرنسى “مارلن لوبان” والتى طالبت بإجراء مماثل فى فرنسا, كذلك الوضع فى هولندا حيث طالب النائب اليمينى “غيريت فلديزلر” بإجراء إستفتاء لخروج هولندا أيضا.
ولعل السؤال الدى يطرح نفسه بناء على هذه الخلفية:
هل هذا بداية لتفتت القارة العجوز وإنهيار إتحادها؟ والذى طالما تكرر ذكر نمودجها فى أدبيات السياسة للإشارة إلى قدرة الفرقاء على تجاوز قرون من الخلافات القومية والعرقية و اللغوية والمذهبية لتصل للتناغم فى تبادل المصالح السياسية والإقتصادية و الامنية؟!.
ولعل سؤالا آخر يبدو لى أكثر أهمية : كيف نرى نحن العرب هذه التجربة؟ وترى ماذا يمكن أن نستفيد أو نتعلم منها؟؟!!.