إبراهيم الصياد يكتب.. “المجتمع المدني والرسالة الإعلامية !!”

سألني البعض عن العلاقة بين الإعلام والتنمية او التخلف ووجدت أنه سؤال يحمل مشكلة العصر حيث قد أصبح  الإعلام من العوامل المحفزة على العمل والإنتاج والعكس صحيح قد يكون الاعلام من العوامل المثبطة للعزائم المشجعة على التكاسل بعبارة آخرى أضحت  الرسالة الاعلامية إما بانية للمجتمع أو هادمة له ولاشك أن الفضاء الملئ بألاف القنوات المتلفزة تبث في الإتجاهين السلبي والايجابي ونلاحظ أن المتلقي يميل أكثر الى كل ماهو سلبي أو غير معتاد أكثر من كل ماهو إيجابي أو معتاد ربما لأنه السائد في المشهد الاعلامي او إعمالا لفكرة ( الممنوع دائما مرغوب ) حيث تم استغلالها اعلانيا في جذب المتلقي ما آدى الى ظهور نوع من الإعلام يعتمد  الهلس وتزييف الوعي وهدم القيم وإعلاء فكر الخرافة و الغيبيات افكارا في صياغة الرسائل الاعلامية  ونشاهد  قنوات اعلاناتها تتحدث عن فك السحر والمس والربط و عودة الحبيب في 3 ساعات على الرغم اننا في القرن الحادي والعشرين وهناك من يفكر بعقل القرون الوسطى !!. 
ولهذا نحن امام ضرورة ملحة لوجود ما يمكن تسميته  ” الاعلام التنموي ” الذي يعتمد على  توظيف الفكر  في تطوير المجتمع و يكرس القيم الاخلاقية في خلق المثل الاعلى وابراز القدوة الحسنة وفي تعميم الطاقة الايجابية المحفزة على الانجاز ودعم قدرات الانتاج  ولكن كيف الطريق الى تحقيق هذا ؟ 
اتصور ان هذا يتحقق من خلال وجود علاقة بين الاعلام والقطاع الأهلي وأحد مظاهرها الرقابة المجتمعية على الإعلام من خلال منظمات المجتمع المدني بما يمكن من ضبط الاداء الاعلامي من ناحية و ” فلترة ”  المشهد من الظواهر السلبية المشار اليها من ناحية اخرى لكن هذه العلاقة تواجه بمشكلات تفسد التواصل بين قنوات الاعلام ومؤسسات المجتمع الاهلي او المدني                        
وقد شاركت مؤخرا في ورشة عمل  ألقت  الضوء على هذا الموضوع او  العلاقة بين الإعلام ومنظمات المجتمع المدني واكتشفت أن هناك عزوفا من الاعلام عن التعاطي مع المجتمع المدني ربما لأسباب غير إعلامية حيث أنه طالما تقبل التبرعات فإنها تعتبر ذات طابع اقتصادي وبالتالي يتم التعامل معها ماليا كما يجري التعامل مع مؤسسات القطاع الخاص بصرف النظرعن الأهداف النبيلة التي تتناولها  أنشطة الجمعيات الأهلية التي تمثل هذا المجتمع .
واعتقد أن الأمر يحتاج تعديلا تشريعيا خاصة ان في مصر نحو 40 الف جمعية أهلية السواد الأعظم منها يعمل في صمت وينفذ مبادرات تنموية تخدم المجتمع والاعلام لا يعلم عنها شيئا ربما لانه مشغول بقضايا خلافية وموضوعات مثيرة وافكارا جاذبة للاعلانات مثل الجن والشعوذه والجنس وطرق الموضوعات التي هي على خلاف مع عادات وقيم جمهور المتلقين وهناك عدد من هذه الجمعيات لا يتعدى عدد اصابع اليد الواحدة  هو الذي في دائرة الضوء الاعلامي بسبب حملاتها الاعلانية التي تتكلف مئات الملايين  . 
و خلال عملي رئيسا لقطاع الاخبار باتحاد الاذاعة والتليفزيون المصري  كان القطاع الاقتصادي يرسل لي مذكرات  يطالب القطاع بدفع مقابل إعلاني نتيجة إستضافة معدي البرامج لشخصيات يمثلون القطاع الاهلي حتى وان كانوا يتحدثون مثلا عن دعم جهود المجتمع لمكافحة الادمان بصوره كافه او المبادرات الخاصة بدمج ذوي الاحتياجات الخاصة او دور المجتمع المدني في حماية المستهلك والتصدي لظاهرة الغلاء وغيرها من الموضوعات التي تثري البرامج بافكار تتصل بالتنمية الشاملة بشكل مباشر وهذا ما جعلنا نطالب بالتحرر من القيود اللائحية الني تعوق التعاون بين المؤسسات الاعلامية والمنظمات غير الحكومية وهي بطبيعة نشاطها لا تهدف الى تحقيق الربح . 
وفي المقابل يشكو البعض من عدم توافر المعلومات من قبل الجمعيات الاهلية حول دورها وانشطتها ربما لسببين :
الاول عدم وجود جهاز اعلامي داخل الجمعية ينظم آليات التعاون والتنسيق مع وسائل الاعلام .
والسبب الآخر ما سماه البعض تشتيت انشطة الجمعيات الامر الذي يحتاج لرؤية وتخطيط في العمل الاهلي والتطوعي لأن هناك الكثير من مؤسسات المجتمع المدني يعمل بشكل عشوائي وهو ما يشكل عائقا أمام إبراز دوره اعلاميا على الرغم من ان التنمية قاسم مشترك بين الاعلام وهذه المؤسسات . 
إذن نقول لا إعلام بدون تنمية و نؤكد على ضرورة وقف حالة الفوضى في المشهد الاعلامي وهذا لن يتم إلا من خلال دعم إعلام الخدمة العامة ونقطة البداية عاملان مهمان الأول تحرر اعلام الدولة من القوانين المعوقة للحركة حتى يتم التفاعل مع مؤسسات الدولة سواء كانت حكومية او غير حكومية والثاني التركيز على قضايا التنمية المجتمعية وسنجد في المجتمع المدني معينا لا ينضب من فكر التنمية !! 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *