محمد يوسف العزيزي يكتب… “عمار يا مصر يا أحزاب !!”

 عمار يا مصر…
يا…  ثورتان فشلا في سد الفراغ الذي ملأ الحياة السياسية منذ عقود طويلة عاني فيها الشعب من غياب
التجربة الحقيقية للحياة الحزبية والسياسية مما خلق حالة عزلة فرضت نفسها علي جيل أو
أكثر أبعدته عن الدخول إلي دهاليز السياسة للتعلم واكتساب الخبرة والانخراط في العمل
السياسي وصولا إلي حالة تنافس صحية قوية تؤدي إلي صيغة تكون فيها القاطرة أحزاب حقيقية
لها تواجد فعلي في الشارع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للوطن ! ورغم نجاح
التجربة السياسية الحزبية قبل ثورة 1952 في ظل ظروف صعبة كان الوطن فيها محتلا إلا
أن التجربة الحزبية التي أطلقها السادات في منتصف سبعينيات القرن الماضي لم تتطور ولم
تأخذ طريقا لتداول السلطة , وظلت أحزابا كارتونية شكلية علي يمين أو يسار السلطة لا
تقدم ولا تؤخر ..بل عقدت الكثير من الصفقات مع السلطة لتحتفظ لنفسها بموطئ قدم في المشهد
السياسي الذي يحقق لها مكاسب دون بذل أي جهد حقيقي علي المستوي الشعبي بين الناس ,
ولذلك ظلت أحزابا في طور الطفولة تحتاج الرعاية وتطلب الدعم والمساندة من السلطة التي
تسعي لإزاحتها من المشهد السياسي وتحكم بدلا منها !! كانت مبررات هذه الأحزاب دائما
جاهزة وكلها تدور حول أن النظام الحاكم لم يسمح لنا بالتعاطي مع الجماهير ويضيق علينا
الخناق فلا نستطيع التواصل مع القواعد الشعبية ولا نتمكن من عقد المؤتمرات لبناء قواعد
شعبية في أنحاء الوطن يمكن معها بناء أحزاب قوية .. بعد 25 يناير وسقوط النظام وانتزاع
حق الحرية والحركة والانتشار وتحطيم كل القيود التي منعت الأحزاب من التكوين ومن العمل
الميداني بلا قيود وكذلك كل القوي السياسية التي عانت كثيرا بسبب توجهاتها المعارضة
للحكم ..لم تستطع هذه الأحزاب وهذه القوي تحقيق أي شيء علي مستوي التواجد في الشارع
ولم تستطع استقطاب فئات من المجتمع كانت تبحث عن تحديد هوية سياسية لها تمارس من خلالها
حقوقها السياسية وتندمج في آليات اللعبة . هربت الأحزاب السياسية إلي الوراء أحيانا
, وإلي الأمام أحيانا أخري ..هربت إلي الوراء عندما لم تستطع تقديم رؤية وإستراتيجية
واضحة وحلولا لمشكلات مزمنة في هذا الوطن وهربت إلي الأمام عندما قفزت علي هدف الوصول
للشارع وتطلعت مباشرة لحجز مكان لها في مستقبل الوطن دون تقديم أوراق اعتمادها للشعب
فأدخلت نفسها في جدل وسفسطة كشف حقيقة وجودها حجما وتأثيرا في الشارع وأنها أحزاب شكلية
تمارس المعارضة للمعارضة فقط وأن رموزها يتحولون حسب الحالة وحسب الظروف ..فهم في المعارضة
مجرد مجموعة تصريحات وأدوات نقد ..وعندما يدخلون السلطة ويصبحوا جزءا من العمل التنفيذي
تسقط عنهم ورقة التوت ويظهروا بلا رؤية أو خطة وأنهم ضد ما كانوا يؤمنوا به !! الحياة
السياسية والحزبية علي المحك إذا كانت تريد النجاح ، وكل المبررات التي كانت تسوقها
لتغطية عجزها سقطت وتلاشت إلا أن الشكوي ما زالت قائمة ، ومع استمرار الشكوى تفقد المزيد
من المصداقية في الشارع السياسي بسبب فشلها .. ويا أحزاب يا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *