قبل 25 يناير 2011.. علا صوتنا وبُحت حناجرنا للمطالبة بكشف المستور والمسكوت عنه فى «الآثار» بداية بحصر أموال العديد من قيادات هذه الوزارة المنكوبة قبل وبعد توليهم مسئولية عملهم..مروراً بمعرفة جنسيات ونشاط وأهداف البعثات الأجنبية التى تعمل داخل مصر والتى تعدت الـ 300 بعثة –بحسب كلام الخبراء-ختاماً بفحص جميع القطع الأثرية الموجودة فى المخازن والمتاحف والمعارض الخارجية لمعرفة المسجل والمزيف من غير المسجل والأصلى منها..ورغم أننى لم أجد لنداءتى ومطالباتى صدى حتى الآن لأسباب ما زلت أجهلها..إلا أننى أكرر وأناشد كل شرفاء الوطن ومسئوليه بالتحرك واتخاذ اللازم نحو آثار مصر التى تسرق وتنهب وتهرب إلى الخارج.
بعد ثورة 25 يناير.. استيقظنا على كارثة أعمق وأخطر مما سبق.. لم يمر علينا يوم قبل قيام ثورة 30 يونيه إلا ونسمع عن اقتحام اللصوص لمخازن وقلاع وتلال ومتاحف الآثار هنا وهناك وسرقة ما فيها!!..والأهم من هذا وذاك أن القطع الأثرية والمومياوات والتوابيت المسروقة والتى تم تهريبها إلى الخارج كانت محددة ومعروفة سلفاً.. يعنى بمنتهى الصراحة الكلام ده مالوش غير تفسير واحد فقط.. هو أن من قام بسرقة هذه الكنوز ليس غريباً عن البيت الأثرى.. والدليل على ذلك كلام د. عبدالرحمن العايدى ــ مدير الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطى سابقاً ــ عندما أكد للإعلام أن سرقة المتحف المصرى أثناء الثورة كانت مدبرة.. ولم يكتف «العايدى» بذلك، بل عرض فيديو لعدد من الرجال وهم يسرقون المتحف فى هذه الأيام.. وتساءل: أين الكاميرات التى كانت تراقب المتحف؟!..كاشفاً بأن ثمن هذه الكاميرات يتعدى الـ 80 مليون جنيه.. وكرر «العايدى» تساؤله: كيف اختفت الشرائط التى سجلتها كاميرات المتحف وقت اقتحامه؟.
كلام «العايدى» والعديد من الخبراء الذين أكد أن الآثار التى نُهبت من المتحف تعود لعهد إخناتون وتوت عنخ آمون.. ليه؟ لأنها أصبحت هدفاً لليهود لإثبات عبرانيتهم وحقهم المزعوم فى مصر بالكذب والافتراء.. إذاً فى هذه الحالة يمكن أن نطلق على هؤلاء «حاميها حراميها»!! أنا عارف إن كلامى هيزعل ناس كتير منى.. لكنه فى الوقت نفسه كلام مهم ولابد أن يصل لأعلى رأس فى الدولة.. فمن خان الأمانة وفرط فى تاريخ بلده لا يجب أن يستمر فى موقعه لحظة واحدة.. بل يجب أن يحاسب على جرمه مهما طال به الزمن..ولهؤلاء اللصوص أقول «إن اليهود لم يكلوا أو يملوا من التآمر ضد مصر.. وأول خطوة فى هذه المؤامرة الكبرى يمكن أن تأتى عن طريق «صهينة الآثار المصرية»..وهنا يجب طرح السؤال التالى: من الذى سمح للجمعية الجغرافية الأمريكية ذات الإدارة الصهيونية برئاسة «روبرت ميردوخ إمبراطور الإعلام الأمريكى» بأخذ عينة من رفات الملك توت عنخ أمون؟.. واسألوا د. مصطفى أمين عن سبب تحذيره من نقل رفات الملك الذهبى من الأقصر إلى القاهرة.. ولا تنسوا أن تسألوا د. عبدالحليم نور الدين ــ أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق ــ بالمرة عمن أتاح الفرصة عام 1993 للأمريكى المدعو «كريس وود» بالحصول على 27 عينة من مومياء توت عنخ آمون؟!.
هذا الكلام الخطير ذكرنى بواقعتين متشابهتين تحدث عنهما د.عبد الفتاح البنا-أستاذ الترميم بجامعة القاهرة-فى حلقة بالقناة الثقافية الثانية لتليفزيون الدولة..الأولى: عرض تمثال صغير الحجم «٧X١٠X١٠» سم يرجع إلى الدولة الوسطى فى مزاد ببلجيكا بمبلغ 30 مليون دولار..وقد تم سرقته من مخزن ميت رهينة ..وعندما شاهدته رئيسة البعثة التى اكتشفته معروضاً فى هذا المزاد ..صعقت وحضرت من موطنها بالولايات المتحدة الأمريكية على الفور إلى مصر وتقدمت ببلاغ للنيابة العامة ضد أمين المخزن المسئول عن وقوع هذه الجريمة.. وبالفعل تم إدانته وحبسه عدة أيام..لكنه سرعان ما خرج من محبسه.. ليه؟!.. لأنه سيتسبب فى سجن من يقفون خلفه ويسهلون له ارتكاب جريمته وهم بالمناسبة سلسلة كبيرة!!..والواقعة الثانية..هى قيام مسئول سابق فى الآثار يُلقبه «البنا» بــ«الغول» بسرقة مقبرة كاملة بجدرانها كانت فى عمق الأرض..مؤكداً أنه قدم في هذا «الغول» عدة بلاغات بعلم ومعرفة باقى قيادات الآثار..والنتيجة أنه الآن ومن قبل حر طليق.. ورغم خروجه على المعاش إلا إنه مازال «يحشر» أنفه فى كل صغيرة وكبيرة بالوزارة خصوصاً بأى أمر يتعلق بآثار سيناء!!
إذن ما جرى ويجرى حتى الآن لآثار مصر هو-هو نفس السيناريو الذى تم به سرقة المتحف المصرى وبقية المتاحف والمخازن على مستوى الدولة..وما جريمة سرقة الـ 40 1 قطعة أثرية من كلية الآثار-جامعة القاهرة بالدور الرابع ببعيد عن هؤلاء المجرمين.. والغريب-العجيب الذى كنا ومازلنا نسمعه من مسئولى الآثار هو إعلانهم ما بين الفينة والأخرى عن نجاحهم فى استرجاع بعض القطع المسروقة.. فى الوقت الذى لم نسمعهم فيه يعلنون عن إلقاء القبض على لص واحد أو متهم بالسرقة ألقى القبض عليه وحوكم وسجن!!..أليس من حقنا أن نسأل: طيب اللصوص دول مين؟!.
نضف إلى ما سبق قرار رئيس الوزراء الكارثى منذ أسبوع تقريباً بتشكيل مجلس أمناء عالمى-محلى لإدارة المتحف المصرى الكبير والذى سقط على رءوسنا كالصاعقة..أيضاً الخبر المزعج الذى نشرته جريدة «الأهرام» منذ أيام قليلة مضت عن «عرض دار كريستى للمزادات بنيويورك مزاداً جديداً يضم قطعاً فنية وأثرية مصرية يبلغ عددها 164..من بينها مجموعة من بورتريهات الفيوم القديمة التى رسمت خلال فترة الوجود الروماني على قماش الكتان الذي كان يستخدمه قدماء المصريين فى لف رءوس المومياوات منذ 2000عام «..والسؤال : كيف خرجت هذه الكنوز من مصر..ومن الذى أخرجها..وما رد فعل وزير الآثار على هذه «المصيبة»
وحتى يعرف الرأى العام حقيقة الجرائم التى ترتكب بحق تاريخه على يد حفنة «سافلة» من عبيد المال..فإن هذه الكنوز»كانت مخزنة فى مكان شديد الحراسة فى بدروم أسفل المتحف المصرى بميدان التحرير..كما أن البورتريهات المسروقة كانت ضمن الآثار التى سبق وتم عروضها بدولة اليونان تحت عنوان « بورتريهات الفيوم» عام 2002 بمناسبة زيارة السيدة سوزان زوجة الرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى أثينا ..ثم عاد المعرض بعد شهر إلى المتحف المصرى مرة أخرى..علماً بأن هذه البورتريهات تحظى باهتمام عالمى كبير جداً نظراً لأهميتها وقيمتها الفنية..ليه؟؟ لأنها ببساطة شديدة جداً قد سبقت فنون عصر النهضة الأوروبية..يعنى إيه؟؟..يعنى القيمة الفنية لهذه البورتريهات وكذلك الفارق الزمنى بينها وبين ولوحة «الموناليزا» العالمية الشهيرة يزيد على الـ ١٥٠٠عام !!..وصلت الرسالة يا لصوص ولاَّ نقول كماااان؟!.
لكل ما سبق نطرح السؤال التالى: كيف تم سرقة وتهريب هذا التراث الذى لا يقدر بثمن من المتحف المصرى إلى خارج البلاد..ويا ترى من المسئول عن ارتكاب مثل هذه الجرائم..أسئلة حائرة تحتاج إلى إجابة من الوزير خالد العنانى ..فهل يفعلها ولو مرة واحدة ويخرج عن صمته ليكشف لنا وللرأى العام حقيقة لصوص التاريخ..أم سيصمت كالعادة بسبب خشيته منهم أو لحسابات أخرى نريد معرفتها؟!..عموماً لن نتعجل الرد حالياً لأننا متأكدون أن هؤلاء اللصوص ومن يعاونهم هم الذين يسيطرون على كل صغيرة وكبيرة فى الآثار..وإلا فليقل لنا د. العنانى إذا كنا مخطئين: من هم مرتكبو هذه الجرائم..وهل يمكنه فتح هذا الملف بالاشتراك مع النائب العام؟!.