مع تتابع الأحداث التي تحيط بنا وتهز مجتمعنا، تتعالى الأصوات وترتفع ما بين مُطالبٍ للتجديد الخطاب الاعلامي، أو متحامل عليه وعلى المؤسسات الاعلامية العامة والخاصة وكأنها السبب في حدوث تلك النكبات من حوادث إرهابية أو حوادث طرق أو مظاهرات، أو غيرها مما يؤرق حياتنا ويهدد استقرارنا.
والحق الذي ينبغي أن يكون لنا منهجًا، والصالح العام الذي ينبغي أن يكون لنا غايةً وهدفًا – أنَّ الحاجة ملحةٌ لخطاب اعلامي راقي يوقظ الضمائر، ويثقف العقول، ويحرك الفكر، ويحيي القِيَم في النفوس، لينعكس أثرها سلوكًا واقعيًّا، وبخاصة في ظلّ ما تحياه أمتنا من شتاتٍ فكرىٍّ وتَرَدٍّ للحالة الاخلاقية، وتخلُّف علميٍّ
إضافة إلى تصاعُد الأحداث السياسية في المنطقة العربية التي تُنذِر بخطرٍ يُهدِّد أمن واستقرار تلك البلاد، وخاصَّة بعد أحداث العراق وسوريا وظهور ما يُسمَّى جماعة (داعش) الإرهابية، وبعد أن أُحبِطت في مصر العديدَ من المخطَّطات الخارجية التي كادت تُحْدِقُ بالمنطقة كلِّها.
وعند النظَر في أفكار المُطالبين بتجديد الخطاب الاعلامي – والتي يعلو صوتها في وسائل الإعلام نجد أنفُسَنا بصدَدِ اتجاهات مختلفة تُنبِئُ عن أنَّ لكل اتجاه رؤيةً تختلفُ عن غيرها في مفهوم التجديد، تصل بنا إلى أنَّ كلَّ اتجاهٍ يريد تجديدًا للخِطاب الاعلامي يرسم صورتَهُ ويُحدِّد مفهومَهُ في نفسه، حسَب مُكَوِّنِه الثقافي وخَلْفِيَّتِهِ السياسية، ترتب على أثرها مطالبات ودعوات إلى إلغاء وزارة الاعلام وإلغاء نقابة الصحفيين ودعوات تنطلقُ بنظرتها إلى التجديد من خصائص المكونة للاعلام نفسه وآلاته في مواكبة التطور تأثُّرًا وتأثيرًا، اعتمادًا على حركة التطور التكنولوجي الملحوظ به”.
وما زالت الدعوات إلى التجديد تتوالى وتزداد تصاعدًا من كل الاتجاهات، لكنَّ السؤال الذي لابد أن يُعْلَن بقوة هو: أيُّ نوع من التجديد نقصد؟ هل نريد تجديدًا للخطاب الاعلامي يحفظ الأصول والثوابت، ويراعي المُتَغَيِّرَات والمُسْتَجَدات، أم نريد ترويضًا للخطاب الاعلامي بحيث يَتَّفِقُ وهوى بعض الاتجاهات التي تريد تبديد بعض أو أكثر من عقولنا وتقاليدنا وعادتنا ؟
إنَّ المؤسسات الاعلامية لا تَأْلُو جُهدًا في تحقيق ما يتطلَّبه الواقع من تجديد للخطاب الاعلامي، وإن كان من تقصير فلأنَّ البيئة المحيطة بها يجب أن تتهيَّأ لقَبول ما يصدر عنها من نتاجٍ علمي وعملي، فلا يمكن أن يحدث تجديد وسط جو من الصخب الإعلامي يعكر هذا الخطاب، ويشوش عليه ويبخس جهد المؤسسة الاعلامية الرائدة واهمها التلفزيون المصري .
الذي نخشاه من هذه الاتجاهات أو الموجات المُتلاحِقة التي تشكك في اعلامنا حينًا وتتعرض لثوابته حينًا آخر، وهو التنكر لتاريخ الأمة المصرية الذي عُرِفت به منذُ فجر التاريخ، وهو التمسك بالقيم والثوابت؛ ولذا كانت مصر من أسرع البلاد قبولاً للإخر ؛ ولذلك كان ولا بُدَّ من مراعاة طبيعة هذا الشعب حتى نتمكَّن من التصدي لكل فكر شاذ كيف ما كانت صوره وأشكاله.
وثمَّة دور للإعلام الوطني في التصدِّي للإرهاب، وفي اعتقادي أنَّه لم يتَّضح هذا الدور بعد، علمًا بأنه لا يختلف اثنان في أنّ الإعلام وسيلة مزدوجةُ الاستخدام؛ فقد تكون وسيلةَ بناءٍ وارتقاءٍ بالأوطان، وقد تكون وسيلة هدم وتفتيت للشعوب وللقيم، وكونها كذلك فهذا يدعو لمراجعة كل ما يصدر عن هذه الوسائل ومَن يتحدثون فيها، ولقد أصابنا ما أصابنا من جرَّائها على سبيل المثال تشكيكًا في ديننا وتشتيتًا لأفكارنا، وقد اتَّضح جليًّا أنَّ الإسلام دين التسامح ونبيه نَبِيُّ الرحمة وهما بَرِيئانِ ممَّا يحدث من قتل وإرهاب وتطرُّف؛ ومن ثَمَّ لا مجالَ لاتهام الإسلام أو التعرُّض لتعاليمه، حتى وإن وردت أو فهمت خطأ بعض النصوص في بعض كتب التراث، والإسلام له ثوابت وأصول تُسْتَقَى من مصادره المعروفة، والفكر الإسلامي هو اجتهادات العلماء، يُؤخَذ منه ويرد عليه،وأَوْلى بالإعلام التركيز على قيم الإسلام السمحة وغرس الانتماء والمشتركات الإنسانية التي تجمَعُ ولا تُفرِّق وتُوحِّد ولا تُمزق.
ونحن اليوم نشددعلى اهمية الاعلام واهمية تجديد القائمين عليه سواء معدين او مقدمي برامج او مخرجين ومهندسي الصوت والاضاءة والجرافيك والسوشيال ميديا ، والصحافة الورقية والالكترونية وصحافة الفيديو وكل ما يستجد من تكنولوجيا في المعدات تفيد في اعلام المجتمع بما يجري حوله من احداث وفق ميثاق الشرف الاعلامي بكل صدق وامانة وحيادية