لا أحد يختلف على أهمية إصدار قانون تنظيم الإعلام الذي يضع حدا لحالة الفوضى الإعلامية التي إستشرت منذ سنوات ست مضت عندما إنهار النظام الإعلامي في إطار انهيار أشمل عم المجتمع كله عندما قامت ثورة 25 يناير التي سرعان ما اختطفت بأيدي القوى الظلامية وأدخلت مصر الى نفق مظلم حتى صححت ثورة ال 30 من يونية المسار وانقذت البلاد من منزلق خطير خطط له بإحكام للقضاء على الدولة المصرية .
ومن بين ما تم الإتفاق علية إنشاء الهيئة الوطنية للاعلام التي ستحل محل اتحاد الاذاعة والتليفزيون وهنا لابد من وقفة حتى لانقع في مشكلة كمن فسر ” الماء بعد الجهد بالماء ” و يفترض أن هذه الهيئة لايجب أن تبدأ من الصفر انما تبدأ من حيث انتهى إليه ماسبيرو وتبني على ما أنجزه منذ إنشاء الإذاعة المصرية عام 1934 والتليفزيون ( العربي ) عام 1960 غير أن مهمة هذه الهيئة ليست سهلة لأنها ترث إعلام دولة مكبل بالمشاكل الإدارية والمالية والفنية ولايجد من يقف الى جانبة في ظل طغيان مفاهيم الإعلام الخاص على المشهد الاعلامي ومحاولة ترسيخ فكرة – غير صادقة – في ذهنية العقل الجمعي أن لا أحد يشاهد تليفزيون او يستمع الى اذاعة الدولة !
وما يزيد الأمر صعوبة أن الحكومة لا تقف الى جانب هذا النوع من الاعلام انما تتعامل معه والخاص من مسافة واحدة وفي احيانا كثيرة تفضل الخاص عليه لأن الدولة تنظر لإعلامها على أنه إعلام له موارد إقتصادية لكنها مهدرة وتناسى الجميع أن إعلام ماسبيرو يمثل إعلام الخدمة العامة الذي يضع بناء وتنمية المجتمع نصب أعينه ويحمي الامن القومي على مدار الساعة ويقدم خدمات اعلامية لكل مؤسسات الدولة دون ان يطالبها بالمردود المادي وفي مقابل الدولة تطالب ماسبيرو بسداد ديون تجاوزت ال 24 مليار جنيه يأتي هذا الوضع في ظل سيادة فكر الكم على الكيف في آداء اعلام الدولة ويصبح الواجب الاساسي لقيادات ماسبيرو فقط الحفاظ على الالتزام الاجتماعي تجاه آلاف العاملين في مبنى ماسبيرو والقنوات الاقليمية بتغطية مستحقاتهم الشهرية .
من هنا نحن امام معادلة صعبة مطلوب حلها قبل ان تنتقل الرسالة الى الهئية الوطنية للإعلام وقد يتساءل البعض ماهو دور هذه الهيئة إذن بتكوينها ومهامها في حل المعادلة المشار اليها ؟ أليس حل مشاكل الاعلام الرسمي هو دورها الحقيقي ؟ أم تتسلم مهام اشرافها على اعلام الدولة على (الجاهز ) !
من وجهة نظري اذا علقت الهيئة الوطنية للاعلام في مشكلات ماسبيرو لن تحقق أي انجاز مرجو منها ولن تستطع تقديم اي جهد جديد لإنقاذ او تطوير الاعلام الرسمي وستظل نفس الآليات الحاكمة لنظام الفوضى السائد مستمرة والتي فرضها فكر الإعلام الخاص وبالتالي لابد من حل المعادلة الصعبة بنشر فكر الكيف الابداعي وتقليص عدد القنوات القومية والشبكات الاذاعية وتطويرها هندسيا وفنيا واعادة تدوير العاملين بإعادة إكتشاف جديد للمبدعين وفتح الباب امام شباب الاعلاميين الذين لايجدون عمل لتجديد دماء ماسبيرو !!
وفي الوقت نفسه ستكون سيطرة الفكر البيروقراطي على ماسبيرو مانعا لاي تطوير مستقبلي لأن الإبداع والبيروقراطية لا يلتقيان ومن ثم يجب ان تتفرغ قيادات ماسبيرو المعنية بالعملية الإعلامية لتطوير الشاشة والميكروفون ولا تستهلك في أمور الترهل الإداري وحل مشكلات الجمود البيروقراطي .