مسميات غريبة البدعة هي خروج عن الشرع فكيف يكون الطلاق خروج عن الشرع؟ اعتبر الفقهاء الطلاق ثلاثا في وقت واحد بدعة واعتبروا طلاق الحائض والنفساء والطلاق في طهر حدث فيه لقاء بدعة ثم ذهبوا يبحثون في حكمه يقع أم لا ؟
كل استنتاجاتهم جاءت من واقعة طلاق بن عمر لزوجته وهي حائض وعندما ابلغ عمر رضي الله عنه النبي صلي الله عليه وسلم تغيظ وقال له مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء). يعني في قوله تعالى:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [(1) سورة الطلاق]. ومقصود الرسول هنا يراجعها حتي تتم عدتها فيبدو أن بن عمر الحقها بأهلها مباشرة لذلك أمره الرسول أن يراجعها حتي تنتهي العدة فإن شاء ردها وإن شاء فارق فإن كان في قرارة نفسه لا ينوي ردها فلا يمسها في طهرها حتي لا يكون هناك احتمالية لحمل وإن حدث ولامسها فيكون بمثابة رجوع عن الطلاق لكن تحسب طلقة.
كل هذا بسبب التباس فهم أمر العدة والحكمة من تشريعها عند الفقهاء ، واليكم ما جاء في الامر من موقع بن باز
الطلاق البدعي يكون في الزمان ويكون في العدد. أما في العدد فهو أن يطلقها ثلاثاً بكلمة واحدة يقول: طالق بالثلاث، أو يقول: طالق ثم طالق ثم طالق، أو يقول: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، أو: أنت طالق وطالق وطالق، أو: تراك طالق تراك طالق تراك طالق، هذا بدعي، والسنة أن يطلقها واحدة فقط، هكذا السنة ،ولا يزيد عليها؛ لأنه قد يندم فيتراجع ولا يغلق الباب على نفسه، ولأن الله شرع الطلاق واحدة بعد واحدة لا دفعة واحدة؛ لأن الإنسان قد يغضب وقد يبدوا له حال فيطلق ثم يندم ويرى أنه قد غلط فيراجع إذا لم يطلق بالثلاث. ولكن اختلف العلماء في إيقاع الثلاث بكلمة واحدة هل يقع وتكون بائنة من زوجها بذلك أم لا يقع به إلا بواحدة أم لا يقع بالكلية؟ الجمهور من أهل العلم على أنه يقع وتكون به المرأة بائناً، لا تحل لمطلقها إلا بعد زوج وبعد إصابة إتباعا لعمر حين قضى بذلك -رضي الله عنه وأرضاه-. ويذهب بعض أهل العلم من التابعين ومن بعدهم وهو رواية عن ابن عباس – رضي الله عنهما-، ويروى عن علي والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف أنها تحسب واحدة رجعية؛ لما ثبت من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سأله أبو الصهباء فقال: يا ابن عباس لم تكن الثلاث تجعل واحدة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي عهد أبي بكر، وفي أول خلافة عمر؟ فقال ابن عباس: بلى. احتج هؤلاء العلماء بهذا الحديث على أن التطليق بالثلاث بكلمة واحدة تعتبر واحدة، وهذا رواية ثابتة عن ابن عباس أن هذه يعتبر واحدة إذا وقعت في زمن واحد. أما إذا وقعت بألفاظ مثلاً أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو تراك طالق، وتراك طالق، تراك طالق، أو أنت طالق وطالق وطالق، وما أشبه ذلك فهذا الذي أعلمه عن أهل العلم أنها تقع، تقع الثلاث كلها، وتبيّن منه المرأة بينونة كبرى لا تحل لزوجها المطلق إلا بعد زوج وإصابة، ولا أعلم إلى وقتي هذا أحداً من الصحابة أو من التابعين صرح بأنها هذا لا يقع به إلا واحدة، بل ظاهر ما سمعت وما قرأت أنه يقع كله، تقع الثلاث كلها، وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أنه لا يقع إلا واحدة كما لو طلق بالثلاث بكلمة واحدة، وجعل هذا مثل هذا، وجعل الطلاق الذي يقع بعد الأولى إنما يكون بعد نكاح أو بعد رجعة. أما إذا كان ألحقها الثانية أو الثالثة من دون نكاح ولا رجعة فهذا لا يقع، هذا كلامه رحمه، ولكني لا أعلم له أصلاً واضحاً يعتمد عليه من جهة النقل، وإن كان وجيهاً من جهة المعنى، لكن لا أعلم له أصلاً من جهة النقل، ولهذا فالذي أفتي به أنها تقع الثلاث على ظاهر ما نقل عن السلف الصالح في هذا، وإنما تعتبر الثلاث المجموعة طلقة واحدة إذا كان بلفظ واحد: أنت طالق بالثلاث، أنت مطلقة بالثلاث، أو ما أشبه هذه الألفاظ على ما جاء عن ابن عباس إذا كان في زمن واحد.
أما البدعي من جهة الزمان أي من جهة حال المرأة، فهو إذا كانت في الحيض، أو في النفاس، أو في طهر جامع فيه، هذا يقال له طلاق بدعي، والأصل في ذلك ما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بلَّغه عمر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمر: مره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء). يعني في قوله تعالى:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [(1) سورة الطلاق]. ومن هذا يعلم أن ابن عمر طلقها في الحيض لا في طهر جامع فيه، بل طلقها في الحيض لا كما قال السائل، ابن عمر طلقها في الحيض لا في طهر جامع فيه، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرشده إلى أن الطلاق يكون في طهر لم يجامعها فيه، هذا من السنة، أو في حال حمل، ولهذا اللفظ الآخر: (ثم يطلقها طاهراً أو حاملاً). فالطلاق السني أن يكون في حال طهر لم يجامعها فيه، أو في حال استبان حملها، وظهور حملها، هذا هو الطلاق الشرعي، أما طلاقها وهي حائض، أو نفساء، أو في طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها هذا يسمى طلاقاً بدعياً، في هذه الثلاث المواطن: حال النفاس، في حال الحيض، في حال طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها، هذه الثلاث الحالات الطلاق فيها بدعي. والحالة الأوليان سني، في حال كونها طاهرة لم يجامعها في طهرها، وفي حال كونها حاملاً قد استبان حملها، هاتان الحالتان الطلاق فيهما سني لا بدعي. أما الحالات الثلاث: حال الحيض والنفاس وحالة الطهر الذي جامعها فيه هذه الطلاق فيها بدعي، لا يجوز للزوج أن يطلق في هذا الأحوال الثلاث، لا في حال الحيض، ولا في حال النفاس، ولا في حال طهر جامعها فيه، وإذا أراد أن يطلق يسألها ويقول: ما هي حالها، يستفصل ويتثبت في الأمر
الطلاق البدعي من موقع بن باز
إذا عزم الرجل على الطلاق ينظر إن كانت في حيض أو في نفاس أو في طهر جامعها فيه فلا يطلق، وهذا من رحمة الله، لأنه سبحانه يحب أن تبقى الزوجية، ويكره الطلاق؛ كما في الحديث: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق). فمن رحمة الله أن ضيَّق طُرق الطلاق، وجعله واحدة فقط السنة، وجعله لا يقع إلا في حالين: حال الطهر الذي لم يجامعها فيه، وحال ظهور حملها، أما في حال الحيض والنفاس وفي حال الطهر الذي جامعها فيه، فينهى عن الطلاق وهذا كله من تيسير الله، ومن تضييق مسالك الطلاق وأوجه الطلاق حتى تبقى الزوجية أكثر. ثم اختلف العلماء في هذا هل يقع الطلاق البدعي أم لا يقع؟ نحن اتضح الآن أنه محرم وأنه لا يجوز للزوج أن يقدم عليه، لكن هل يقع إذا أقدم وعصا ربه وفعل هل يقع أم لا يقع؟ على قولين: محلهما أنه يقع مع الإثم، وهذا هو المشهور عند العلماء، وهو من الذي فعله ابن عمر، فإنه أوقع نفسه في طلقة لما طلق، لما سئل قال: كيف عجزت واستحمقت؟ قال: مه. قال نافع وغيره: إنه أوقعها، أنه احتسبها. وروى البخاري أنه احتسبت تطليقة عليه. وذهب جمع من أهل العلم إلى أن هذا الطلاق لا يحتسب، ولا يقع، وهو ما روي عن ابن عمر نفسه – رضي الله عنه-….. الخشني الحافظ المشهور بإسناد جيد أنه سئل ابن عمر عمن طلق وزوجته حائض هل يقع ……؟ قال: لا يعتد به. وجاء هذا عن …. وعن طاووس وآخرين أنه لا يقع لأنه محرم فلا يقع؛ لأن ما نهى الله عنه فهو جدير بعدم الإيقاع، ولهذا البيع المنهي عنه فاسد، والنكاح المنهي عنه فاسد، لا يقع، فهكذا الطلاق المنهي عنه لا يقع، بخلاف الطلاق الثلاث فإنه يحتسب واحدة، تقع منه واحدة كما تقدم إذا كان بلفظ واحد. وهذا القول الذي رآه بعض العلم، وإن كان خلاف المشهور، وخلاف الأكثر، هذا القول أظهر في الدليل، وأقوى في الدليل أنه لا يقع، يكون بدعياً على خلاف أمر الله، والله يقول: إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [(1) سورة الطلاق]. وهذا طلقها في غير العدة، فلا يقع طلاقه بل يكون عملا ليس عليه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون مردوداً قال عليه الصلاة والسلام: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد يعني فهو مردود وهذا هو الأظهر. أيها المستمعون الكرام إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه…