منظومة التعليم المتبعة حاليا لن تبني إنسانا راقيا … وبالتالي لا أمل في بناء دولة قوية في ظل هذه المنظومة … وما أراه إصلاحا وعلاجا لهذه المنظومة العقيمة يتلخص في ضرورة إعادة النظر لأسلوب التربية ( الجانب الخاص بالمدرسة ) بدءاً من :
إلحاق الطفل بالصف الأول الابتدائي بعد أن يتم عامه الخامس من عمره .. لتربيته وتعليمه إكمالا لتربيته مع الأسرة .أو لاصلاحها ( في بعض الحالات ) … على أن يقضي الطفل ثلاثة أعوام لارسوب فيها ، ولا يحمل حقيبة مكتظة بالكتب والكراسات والأدوات المدرسية التي تكلف أولياء الأمور مالا يطيقون . ولا يلجأون للدروس الخصوصية … وهنا يجب أن يراعى تحسين الوضع المادي للمعلم بزيادة أجره … لكن مع التركيز على أساليب التربية وإعداد الطفل إنسانيا يكون الطفل بعد الثلاث أعوام قد أتقن القراءة والكتابة والعمليات الحسابية الأولية ( على السبورة فقط ) وتجرى له اختبارات شفهية وتحريرية ليحصل التلميذ الضعيف على المزيد من الحصص حتى يصل إلى مستوى أقرانه الناجحين .. والمنقولين إلى الصف الرابع ..
في الصفين الرابع والخامس يضاف إلى منهج التربية بعض المواد العلمية ( علوم _ دراسات ” تاريخ وجغرافيا محلية ليتعرف على محافظات مصر ومراكزها ) .. بعد ذلك يختبر التلميذ لينتقل إلى الصف الأول الاعدادي بعد عامه العاشر . ويبدأ تعليمه منهج الصف السادس الذي يدرس حاليا ..
يتضح من ذلك الميل إلى سهولة تعليم الطفل وترغيبه في الذهاب إلى المدرسة طواعية .. ويكون الهدف هو التربية أولا بطرق وأساليب يمكن الاتفاق عليها بعد مشورة المختصين .. بحيث تجعل الطفل ” إنسانا راقيا منتجا ” .. يكبر وتكبر معه صفات الرجولة وتحمل المسئولية .. ينمو وينمو فيه الوعي بالسلوك الراقي ، الذي تبدو به الحياة جميلة ، خالية من المشاكل النفسية .. يشب الطفل ويزداد حبه للعمل والمشاركة الفاعلة في بناء المجتمع .. فتشتد صلته ببلده ويقوى انتماؤه للوطن …
أما عن طرق وأساليب التربية وهو بيت القصيد … فهذا أمر لابد أن ينطلق من قناعتنا بأن الطفل في أعوامه الأولى وهو نبت صغير ولكونه سريع الالتقاط وأكثر استجابة لما يتلقاه من معرفة وكما يقولون ” التعليم في الصغر كالنقش على الحجر ” فهو أولى بالرعاية والاهتمام ليكون رجل المستقبل .. وتربيته على الأخلاق يشبه البناء في مرحلة وضع أساساته .. وباختصار شديد أرجو ويحدوني الأمل .. أن أرى طفلا لا ينطق إلاّ بكل لفظ مهذب .. ولا يتصرف إلاّ كل تصرف متحضر .. آمل أن أرى طفلا عندما يطلب شيئا من أحد يقول : ” لو سمحت ” .. أو ” من فضلك ” .. وإذا أخذ يقول : ” شكرا ” وإذا أخطأ في القول أو الفعل يقول : ” أنا آسف ” أو ” لا تؤاخذني ” .. طفل يحترم الكبير ويوقّره .. ويعرف لمعلمه قدره ..ولمن رباه فضله .. وللوصول إلى هذه الحالة ( كما كانت في الماضي ) لابد من مشاركة المدرس والأطفال في تمثيليات تجسّد المعنى ، أو الصفة الأخلاقية المراد غرسها في عقول التلاميذ .. مثل حب الآخر _ خصلة الايثار _ الوفاء _ الصدق _ الشجاعة _ الكرم _ العناية بالمظهر النظيف .. الخ .. نصنع له داخل فناء المدرسة مايشبه الطريق ويتدرب على السير مراعيا آداب الطريق والتعرف على إشارات المرور وعلامات السير والالتزام بها حتى لا يتعرض للخطر . يتعلم كيف يتعامل مع وسائل المواصلات .. وكيف يحافظ على الممتلكات العامة والخاصة كالحدائق والمنشئات ما يخص منها الدولة أو الأفراد ..
ومن الأهمية بمكان أيضا أن يشب الطفل على حب الجندية ، واحترام المؤسسات الأمنية التي تحمي حدود البلاد من الأعداء وتسهر على حماية المواطنين في الداخل من الخارجين على القانون .. يجب غرس حب العمل في الطفل الصغير وضرورة كسب المال الحلال الذي يشعره بقيمته الانسانية ويوفر له الحياة الكريمة المعتدلة التي لااسراف فيها ولا تقتير .. .. وعندما يصل التلميذ إلى المرحلة الثانوية وقد تزود بهذا القدر من التربية الأخلاقية المستمدة من الدين والعقيدة الوسطية السمحة سنجده ينبذ العنف .. ولا يقع ضحية التطرف .. بل سيكون مُعَدَاً لتلقي العلوم التي تجعل منه مخترعا أو مبدعا في أحد المجالات الانسانية .. هكذا نصنع الانسان .. صانع الحضارة .. وبفكره الراقي ترقى حضارته .. وتبقى ..