مصر كانت ولا زالت هى القلب النابض والعقل الواعي والقوة المعنوية الهائلة للكل الشعوب العربية ولمصر دورها الريادي والقيادي الذي لم ينقطع ابدا حتى في الفترات التى التي فيها الزعامة الشكلية لغيرها هكذا عبر الدكتور جمال حمدان في الدراسة العبقرية “شخصية مصر” … وكانت مصر من اولى الدول المطالبة بالاستقلال ومناهضة الاختلال وانهاء حكم الغرباء على مدار تاريخها الطويل ولذلك فنجد ان الشعب المصري من اغني الشعوب واحفلها بالاغاني والاناشيد الوطنيه التي هى وليدة الأحداث التى تهز الأعماق ، فهي المظهر الناطق المعبر عن أحداث البلاد ،وآلام وآمال الجماهير. انة شعب يعتز بقوميتة،وهو اعتزاز يصدر عن روح قوية خلابة قهرت الغزاة والفاتحين ولم يستطع الاستعمار أن ينال من اصالتها. والانسان المصري العظيم عبر الكثير من المآسي التي زادتة صلابة ووقف ينشد اغاني الحياة،وترنم باناشيد المجد والعزة والنصر،فكان لة النصر دائمآ على أولئك الغزاة الطغاة. وجميع الشعوب ما للأغنية الوطنية من أثر فعال حين تدور رحى الحرب وحين يحتدم القتال،إنها تشد العزائم وتخلق روح التضحية لدى السامع، والأغنية الوطنيه في جميع الثورات كانت أصدق ترجمان وافصح معبر عن أحاسيس الأمة وغضبتها من أجل حريتها، وطالما توجت الأمم والشعوب انتصارتها بالاناشيد الوطنية. التي كانت ولا زالت سلاحا من أسلحة المعارك الوطنية.منذ عهد المصرين القدماء، وتوجت تلك الأغاني انتصارات الفراعنة في ازهى العصور الحربية فى مصر القديمة. ولعل اقدم الأغاني والأناشيد الوطنية في العصر الحديث تلك التى رددها الشعب الثائر في وجة الحكام المماليك وجباة المال، ومن أمثلة ذلك “” ايش تاخد من تفليسي…..ايش تاخد يا برديسي “” ، …..يا عزيز يا عزيز….كبة تاخد الإنجليز….العسكر الطوابي…..يا رب انصر عرابي….المية في الابريق……يا رب خد توفيق….. كما قدم المطربان عبدة الحامولي ومحمد عثمان اول أغنية وطنية في دور ” عشنا وشفنا سنين….ومن عاش يشوف العجب…شربنا الضنا والانين….جعلناه لروحنا طرب ….غيرنا تلك وصال….واحنا نصيبنا خيال….كده العدل يا منصفين. “” وهكذا نرى أن الشعب المصري لم يستكن يوما للعدوان والقدر ، بل أن تاريخة ليشهد أنة لم يتردد في الذود عن أراضيه في كل الأزمان، فنجد على سبيل المثال ثورة الشعب المصري عام 1919 تلك الثورة التى كانت محصلة طبيعية لظروف القهر والاضطهاد التى عانى منة المصريون،وتعبيرا عن إرادة الشعب في الحرية تلك الحرية التي افتقدها سنين طويلة ومواجهة الاحتلال الإنجليزي والالتفاف حول سعد زغلول والدور العظيم الذي قام بة الزعيم الثاني لثورة 1919 خالد الذكر فنان الشعب سيد درويش الذي وهب روحة وفنة لهذة الثورة وراح يمدها باناشيد منددا بالاستعمار والاحتلال نذكر منها “” بلادي بلادي بلادي…..لك حبي وفؤادي “” ولحن انا المصري كريم العنصرين…..بنيت المجد فوق الاهرامين “” والنشيد الذي يدعو الجيش إلى محاربة أعداء الوطن فيقول فية “” اليوم يومك يا جنود…ما تجعليش للروح تمن “” ثم يخاطب الشعب ويقول “”قوم يا مصري…مصر دايما بتناديك….خد بنصري نصري دين واجب عليك “” وكانت هناك ظروف تمنع الغناء الوطني باسم مصر، وذكر اسم سعد زغلول وذكر الوطن والوطنين، فخرجت الأغاني الوطنية تتحدث مجازا وتشير إلى إلى الجهاد والالتفاف حول سعد زغلول والسير وراءة في أحداث ثورة 1919 فتقول الأغنية “” يا بلح زغلول….يا حليوة يا بلح “” اللة اكبر…عليك يا سكر…..يا جابر أجبر…زغلول يا بلح …سعد وقالي ربي نصرني…..جيبت لوطني زغلول يا بلح ….”” ، وكان لاستمرار الكفاح منذ ثورة 1919 حتى ثورة 1952 أن ردد الشعب المصري عددا من الأغاني الوطنية وكان هناك فرق بين هذة الأغنيات وبين ما تردد من الأغاني والأناشيد في ثورة 1919 فمن حيث الكلمة نجد أن من بين من اشتركوا في كتابة اناشيد هذة الفترة أو الذين وقع الاختيار علي كلماتهم الحماسية، وقصائدهم الوطنية، كانوا صفوة نادرة من الكتاب والشعراء أمثال….أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدتة الخالدة “دمشق ” التى غناها الموسيقار محمد عبد الوهاب والشاعر الكبير حافظ إبراهيم في اغنيتة لام كلثوم “” وقف الخلق ينظرون جميعا…كيف ابني قواعد المجد وحدي “” والشاعر مصطفي صادق الرافعي فى “” اسلمي يا مصر أنني الفدا….. ذي يدي إن مدت الدنيا يدا “” كما استمعنا أيضا كل من الشعراء “”محمود طة، عباس محمود العقاد، أحمد رامي، بيرم التونسي، عبد الفتاح مصطفي، صالح جودت، مأمون الشناوي، فتحي قورة، محمود حسن اسماعيل وغيرهم من أساطين هذة الفترة.”” وبهؤلاء جميعا وصلت كلمة الأغنية الوطنيه والنشيد الوطني ما وصلت آلية من سمو المعني، وقوة التعبير، ودقة التصوير5، وصدق الاحساس مما الهب صدور الشعب وأفراد الجيش المصري العظيم ومثل الكلمة كان اللحن والأداء فلم يكن أقل جودة من الكلمة ومن الملحنين الذين ساهموا الحركة الوطنية بفنهم الموسيقار محمد عبد الوهاب ،فريد الأطرش،زكريا أحمد، عبد العظيم محمد، سيد مكاوي، الموجى، كمال الطويل، بليغ حمدي….وغيرهم من عملاقة التلحين في ذلك الوقت …ولذلك نجد أن نجاح الثورات والحركات السياسية الحديثة في مصر كان مرتبط بكم الأغاني الوطنية التي توازرها وتؤيدها والغناء المصري كان ملازما لكل صور التحرر والاستقلال التى مرت بها مصر منذ غزو الهكسوس للبلاد في العام 1725 ق.م وحتى حرب اكتوبر المجيدة في العام 73 وما تبعها من أحداث، وجميع الشعوب تعلم ما للأغنية الوطنية من أثر فعال كما ذكر الزعيم محمد فريد في مذكراته أن انشودة المارسليز الذي نظمها الشاعر والمؤلف الموسيقى والضابط الفرنسي جوزيف كلود دي ليل كانت السبب إنجاح الثورة الفرنسية…. والأغنية الوطنيه المصرية لها دور هام في الأحداث السياسية والاجتماعية والتاريخية توثق وتؤرخ للحدث لحظة بلحظة والمبدع المصري لا يتكاسل ولا يتوانى يحول الحدث الي كلمات مغناة تطرب لها الأذان وتتحول الأغنية إلي صيحة يستصرخ بها المواطن ليحتشد الكل في واحد.