عندما أعلن الرئيس السيسي أمام منتدي الشباب العالمي في مدينة شرم الشيخ أن مقاومة الإرهاب تعتبر من حقوق الإنسان علي غرار الحقوق الأخرى مثل حرية التعبير وغيرها من الحقوق الاجتماعية والسياسية كان يؤكد علي خطورة هذا الإرهاب علي الفرد ثم علي المجتمع لأنه ينتهك إنسانيته ويدمر معها كل الحقوق ، لذلك طالب الرئيس المجتمع الدولي بإضافة هذا الحق إلي باقي الحقوق الأخرى التي أقرتها الدساتير والقوانين والمعاهدات الدولية .
لم يكن في مخيلة الرئيس وهو يسوق هذا الطرح أن هناك من سيخرج علينا ويقول أن هناك اتفاقات دولية متعددة لمكافحة الإرهاب ولكنها جميعا لم تتحدث عن مواجهته باعتبارها حقا من حقوق الإنسان، وإنما تناولته في إطار دعم قدرة الدول على التعاون المشترك في هذا المضمار !
الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون والمفكر السياسي قال أيضا في مقال له ( هل مقاومة الإرهاب حق إنساني أم واجب قانوني ؟ ) أنه لم يرد في أي ميثاق نص حول حق الشعوب في مقاومة الإرهاب رغم أنه جريمة وطنية ودولية شنعاء ومقاومته ليست مجرد حق بل هي واجب قومي ودولي .
ومع ذلك فرحات أراد أن يفرغ دعوة الرئيس من مضمونها الإنساني وساق في مقالة الفرق بين الحق الإنساني والواجب الدستوري والقانوني ليصل في النهاية إلي التحذير بأن وراء الدعوة ما يخشاه فيقول ( الخشية كل الخشية أن تكون الدعوة لاعتبار مقاومة الإرهاب من حقوق الإنسان ذريعة لتبرير انتهاك الدولة للحقوق والحريات في معرض حربها ضد الإرهاب، وذريعة للنيل غير المشروع من المعارضين السلميين بحجة مقاومة الإرهاب )
الحقيقة أن الدكتور فرحات أراد بكلامه جعل الأمر يختلط علي الناس فربط بين مقاومة الإرهاب وانتهاك الحقوق والحريات ، وكأن الدولة تمارس عمليات القمع العشوائي والقتل تحت راية مقاومة الإرهاب علي مدار الساعة ، وأن الدولة لا تجد ذريعة للنيل من المعارضين السلميين غير وصفهم بالإرهاب ، وهذا ما لا نراه علي أرض الواقع ، كما أن فرحات لم يقدم دليلا علي ذلك يؤكد مجرد تخوفاته التي يراها .
فرحات يواصل إفراغ الدعوة من مضمونها ويطرح سؤالا ويجيب عليه فيقول (هل المقصود بالدعوة إلى اعتبار مقاومة الإرهاب حقا من حقوق الإنسان، حماية حقوق ضحايا الإرهاب؟.. هذه مسألة بديهية لا خلاف عليها تدخل فى إطار التزام الدولة والمجتمع بأكمله بجبر الأضرار التي لحقت بضحايا الإرهاب وتعويضهم وأسرهم ماديا وأدبيا، وهو التزام دستوري نصت عليه المادة ٢٣٧ من الدستور. )
والحقيقة أن دعوة الرئيس لاعتبار مقاومة الإرهاب حق من حقوق الإنسان هي نظرة أكثر حضارية وتقدما للإنسانية .. لأنها تحافظ علي حق الحياة وهو الحق الأهم والأغلى والأسمى الذي لا تأتي بعده حقوق ذات قيمة.. وهل بعد فقد الحق في الحياة حقوق ؟ وماذا يفعل الإرهاب غير استلاب حق الحياة من الإنسان ؟ وماذا تفيد القوانين والدساتير لمن فقد حقه في الحياة ؟
قد تستطيع الدولة بالقانون والدستور جبر الضرر لأهالي الضحايا وتعويضهم ماديا وأدبيا .. لكن في النهاية هناك من فقد حقه في الحياة بسبب الإرهاب والقتل غير المشروع !
ويواصل فرحات إلي التحذير من دعوة الرئيس فيقول (إن إدراج مقاومة الإرهاب ضمن حقوق الإنسان له أيضا خطورته على الأمن القومي. فقد يعطى ذريعة للأفراد فى اقتضاء حقهم بأيديهم والقصاص الفردي لضحاياهم ، وتتحول الدعوة إلى مقاومة الإرهاب إلى دعوة لنشر العنف. )
لا أدري كيف فكر الدكتور فرحات في هذا الطرح ، وكيف يري اعتبار مقاومة الإرهاب كحق إنساني مرتبط بالحق في الحياة دعوة لنشر العنف ؟ هل يري فرحات أن مقاومة الإرهاب مسئولية الدولة فقط ؟ وهل يري الذين يسقطون ضحايا من فعل الإرهاب ليسوا من جنس الإنسان وليس لهم حقوق ؟ وماذا عن حق الحياة للإنسان .. هل هو حق قانوني فقط ؟
الإرهاب يزهق أرواح الناس ويسلبهم حقهم في الحياة ، ومن ثم يجب أن تكون مواجهته من الجميع لأن ذلك حق من حقوق الإنسان في العالم .. أم أن حقوق القتلة والإرهابيين هي الأهم لأنهم أحياء ؟!