من الحياة
“اتفضل… اتفضل الغذاء.. الشاي علي النار …اتفضل اشرب شاي” … هذه الكلمات التي طالما سمعناها و الصورة التي رسمناها علي مر سنوات و نحن نمر في شوارع وقري وريف مصر نسمعها علي لسان المسن، الشاب ، المرأة الرجل ..من امام منازلهم… اندثرت هذه الأيام ..و اندثرت معها هذه الكلمات ..و اندثرت مشاعر العطاء و الكرم و الجود..و حبس الجميع داخل أعمدة المنازل و حبست معها مشاعر المودة و الإحسان و الشفقة و العطاء داخل الضلوع و أصبحنا نتنفس الوحدة و الغربة داخل أنفسنا .
اتفضل ..اشرب شاي كانت” رمز للألفة بين الناس ، لللمة، لدفء العيلة،للأصول ،لاحترام الكبير ، للتسامح ،الجود ، و العطاء و الكرم.. كرم اليد و اللسان و القلوب و المشاعر لمن حولنا.. اتفضل .. اشرب شاي.. أرست المساواة بين الغني و الفقير “الجود بالموجود”
“بصلة المحب خروف” كما جاء في أمثالنا الشعبية حتي الجود لو كان كوب شاي!!!
فقال الله سبحانه و تعالي “وما انفقتم من شيء فهو يخلفه “”وما تنفقوا من خير فلأنفسكم و ما تنفقون الا ابتغاء وجه الله و ما تنفقوا من خير يوف إليكم و أنتم لا تظلمون”
الكرم صفة من صفات الله سبحانه وتعالي فهو “الكريم “..كما وصف الله سبحانه و تعالي في كتابه الكريم نبيه بالكرم ” انه لقول رسول كريم”… و قد حق الرسول صلي الله عليه و سلم المسلمين بالكرم عندما قال “ما من يوم يصبح العباد الا ملكان ينزلان فيقول احدهما: اللهم أعط منفقا خلفا و يقول الاخر: اللهم أعطى ممسكا تلفا”… اللهم اجعلنا من المنفقين يا رب.
عليك ان تعلم..”فلا الجود يغني المال قبل فنائه ولا البخل في المال الشحيح يزيد
فلا تلتمس بخلا بعيش مقترا لكل غد رزق يعود”.. صدقت يا حاتم الطائي يا رمز الكرم، الجود ، العطاء ،
الذي سال يوما ” يا حاتم هل غلبك احد في الكرم؟ قال نعم غلام يتيم نزلت عنده ، ووجدت له عشرة رؤوس من الغنم فذبح لي رأس
منهم فتناولت الدماغ ” المخ” و استطبته .. فخرج و ذبح رأسا وراء رأسا و انا لا اعلم .. فلما خرجت لارحل اذا بي اجده قد ذبح الغنم بأسره ..فقلت له” لما فعلت ذلك؟فقال، اتستطيب شيء أملكه فابخل عليك به … ان ذلك لسبة علي العرب!!!”
فسأله الرجل ،و ما الذي عوضته به يا حاتم؟قال؛ ثلاثمائة ناقة حمراء ، وخمسمائة رأس من الغنم .. فقيل له ؛ اذا انت أكرم منه ..، فقال حاتم: لا هو اكرم .. فقد جاد بكل ما يملك، و إنما انا جدت بقليل من كثير”…
اين نحن من هذا اليتيم و من هذا الحاتم؟!! هذا هو ما نفتقده الان .. الجود والعطاء .. و ليس شرطا ان يكون الجود بالمال ، بل قد يكون الجود بموقف حق ، نصيحة مخلصة،مشاعر ألفة ورحمة و حب بين الناس..المهم نجود حتي و لو بقليل من كثير ممن لدينا.. المهم ان يشعر من حولك بأنك تجود و تعطي حتي لو كانت كوب شاي .
والآن … علينا ان نقف و قفة مع النفس … و عليك ان تتساءل هل انا معطاء، جواد لمن حولي؟ اجب علي السؤال و راجع نفسك .. و أدعو معنا.. اللهم اجعلنا يا كريم.. نحمل صفة من صفاتك و هي الكرم و أكرمنا بكرمك و جودك علينا يا رب … ولأننا ولدنا بطبيعتنا انانيين فعلم أولادك العطاء و الإيثار ، والكرم حتي لو كان كوب شاي ..