تناولت الجمعية العامة جريمة التنمر عبر الإنترنت(Cyberbullying) في قرارها 69/158 ويشكل التنمر عبر الإنترنت مصدراً لقلق بالغ, ويمكن تعريف التنمر عبر الإنترنت بأنه فعل متعمد وعدواني يرتكبه فرد أو مجموعة أفراد باستخدام أشكال إلكترونية للاتصال بضحية لا تستطيع أن تدافع عن نفسها بسهولة. وعادة ما يُرتكب هذا الفعل مراراً وتكراراً وعلى مر الزمن، وكثيراً ما يتسم باختلال في توازن القوى.
ولا يتطلب هذا الفعل الوجود المادي للضحية؛ وفي الواقع، يمكن أن يتيسر بعدم الكشف عن الهوية. والفعل الواحد الذي يُرتكب على الإنترنت يمكن أن يشاهده وينشره عدد كبير من الناس، مما يجعل من الصعب جداً تقييم الكيفية التي ستخوض بها الضحية هذه التجربة في المرة الأولى وفي المرات اللاحقة.
وتُستخدم في ارتكاب أفعال التنمر عبر الإنترنت مجموعة متنوعة من الوسائط والمنصات، بما في ذلك الشبكات الاجتماعية عبر الإنترنت، والبريد الإلكتروني، وغرف الدردشة، والمدونات، والرسائل الفورية والرسائل النصية. وثمة عامل حاسم أدى إلى ظهوره وهو النمو السريع لإمكانية وصول الأطفال إلى الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وعلى الرغم من أنه من الصعب تقدير النسبة الدقيقة لمستخدمي الإنترنت من الأطفال، فإن أحد التقديرات الأخيرة يشير إلى أن ثلث المستخدمين حول العالم تقل أعمارهم عن 18 سنة( ). وأصبح الأطفال يتصفحون الإنترنت في سن أصغر وبأعداد أكبر، ومتوسط العمر لأول استخدام للإنترنت آخذ في الانخفاض.
ويمكن أن يشمل التنمر عبر الإنترنت نشر شائعات، أو نشر معلومات كاذبة، أو رسائل جارحة، أو تعليقات أو صور فوتوغرافية محرجة، أو استبعاد شخص ما من شبكات التواصل على الإنترنت أو وسائل التواصل الأخرى. ونظراً إلى أن التنمر غالباً ما ينتج عن التواصل المباشر في المدرسة أو في بيئات اجتماعية أخرى، فهو يمكن أن يسبب ضرراً بالغاً للغاية، حيث إنه يمكن أن يؤثر على الطفل الضحية في أي وقت، ويبلغ بسرعة جمهوراً واسعاً للغاية.
ويعتبر التنمر عبر الإنترنت من أكبر شواغل الأطفال عند تصفح عالم الإنترنت. وتشير البحوث في أوروبا إلى أن استلام الرسائل الجارحة هي أقل المخاطر شيوعاً بين الأطفال على الإنترنت ولكنها تزعجهم أكثر من المخاطر الأخرى؛ وطلبت الأغلبية العظمى من الأطفال المتضررين من مثل هذه الرسائل دعماً اجتماعياً واستخدمت نسبة 6 في المائة منهم استراتيجيات لحذف هذه الرسائل أو حجبها ( ).
وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك فجوات في البيانات بين المناطق المختلفة، فمن الواضح أن التنمر عبر الإنترنت يؤثر على عقول الأطفال ويدفعهم إلى التماس الدعم. وأكدت البيانات التي جمعتها منظمة الشبكة الدولية لخطوط المساعدة الهاتفية للطفل أن التنمر عبر الإنترنت حول العالم يمثل سبباً متكرراً لاتصال الأطفال بخطوط المساعدة: كان هناك 847 27 اتصالاً بخطوط المساعدة في عام 2014 بشأن التنمر عبر الإنترنت، طبقا للاحصائيات بانجلترا
ويشكل التنمر عبر الإنترنت مظهراً خطيراً من مظاهر العنف على الإنترنت وقد يرتبط بأشكال مختلفة من الاعتداء الجنسي. وقد يشمل التنمر عبر الإنترنت في الواقع عرض ونشر صور ومشاهد ذات طابع جنسي، مثل مواد جنسية صريحة منتجة ذاتياً؛ أو إعداد رسائل أو صور ذات طابع جنسي أو تبادلها أو إعادة توجيهها (رسائل نصية قصيرة إباحية)؛ أو تشجيع الترهيب والتنمر عبر الإنترنت (التحرش عبر الإنترنت)، بما في ذلك بهدف الحصول على خدمات جنسية من الضحية أو إرغام الضحية على أداء أفعال جنسية (ابتزاز جنسي).
الرسائل النصية القصيرة الجنسية
تبين دراسة نشرتها الجمعية الوطنية لمنع القسوة على الأطفال ( ) أن ما بين 15 و40 في المائة من الشباب في المملكة المتحدة يتبادلون رسائل إباحية. وهذه النسب تشمل أطفالاً تقل أعمارهم عن 12 سنة، ويشعرون في كثير من الأحيان بالقلق والارتباك والضيق بسبب ضغوط الرسائل الإباحية التي يتعرضون لها من أقرانهم. وأهم تهديد متعلق بالتكنولوجيا ليس من الغرباء ولكن من أقرانهم و”أصدقائهم” على الشبكات الاجتماعية. ويدرك المراهقون كيفية تقليل المخاطر على الإنترنت الناشئة عن الغرباء، ولكن لا بد من تحويل جهود التوعية نحو الحد من المخاطر الناشئة عن أقرانهم. ويعتبر دور المدارس في عقد مناقشات بشأن الضغوط الجنسية التي تواجه الطلاب وفي تشجيع دعم وتدريب المعلمين لتيسير هذه المناقشات مهماً.
والأغلبية العظمى من الشباب الذين ينتجون أو يستلمون رسائل نصية قصيرة جنسية لن يبلغوا على الأرجح شخصاً بالغاً بها؛ ويعتبر الآباء والمعلمون الملاذ الأخير لالتماس المساعدة ( ). وفي حين أن معظم الصور المتضمنة في الرسائل النصية القصيرة الجنسية تكون مولَّدة ذاتياً وموزَّعة على جهاز متنقل، فإن الصور تتحرك بسهولة من أي منصة متنقلة إلى الشبكات الاجتماعية، مما يمكن أن يؤدي إلى التنمر عبر الإنترنت والاعتداء عبر الإنترنت على هذه المنصات.
ويتسم التنمر عبر الإنترنت بعدم التوازن في القوى ويمكن أن يتسبب في ضرر عميق. وعلى الرغم من أن الأثر يعتمد على طبيعة وظروف الضحية، والنوع المعين من التنمر عبر الإنترنت والدرجة التي ينتهك بها سلامة الطفل وكرامته، فإن الضحايا عادة ما يشعرون بالقلق والخوف والضيق والارتباك والغضب وانعدام الأمن وانخفاض التقدير للذات وشعور قوي بالخجل وحتى أفكار انتحارية. وقد يتأثر أداء الأطفال في المدرسة بسبب الضغط النفسي أو قد يتغيبون عن المدرسة لتجنب التعرض للتسلط. ويمكن أن تكون معدلات التسرب من المدارس أعلى أيضاً بين الضحايا.