أمارس مهنة الطب النفسى منذ ما يقترب من الثلاثون عاما واربعة ، فى السنوات الاخيرة كنت ارى ارتباط الطب النفسي واسهاماته في مناحٍ كثيرة ومجالات عديدة فى الحياة كالصناعة والتجارة والرياضة والسياسة وغيرها ، واصبحت ارى أن الطب النفسي لاينبغي أن يقتصر دوره على علاج المرضى فقط وأنه من الواجب أن يتجاوز ذلك ويكون له دورا مجتمعياً تنموياً … وقائيا وتوعوياً وتطويرياً .
من ناحية أخرى ما مررنا به في السنوات الاخيرة على جميع المستويات يؤكد أن الازمة الاعظم التي نعاني منها هي الانسان المصري نفسه ، أزعم ان الانسان المصري يعانى من اضطراب في الوعي فاما تخلف وعيه تماما عن ركب الحضارة أو تشوه وزُيِف أو غائب الوعي اساساً ( الاَّ من رحم ربي ) . وإذا كانت الحضارة هي الانسان أولا فإن المشروع التنموي والاستثماري الأول والمبدئي لبناء حضارة هو ” بناء الانسان ” ، لذا أرى ان معركة التحضر يجب أن تبدأ ب ” تحديث ” أو ” اعادة بناء ” وعي الانسان المصرى حتى يستطيع النهوض بالوطن ليواكب حركة التقدم والتطور العالمي المستمرة ويتمكن من تبوأ درجات أعلى فى سلم الحضارة ، وبدون اعادة بناء – او تحديث – وعي الانسان المصري لا أمل فى تجديد خطاب دينى ولاثقافي ولاعلمي ولا اعلامي ولا سياسي ولا مشاريع عملاقة او صغيرة . وهنا يتجلى دور الطب النفسي بل وواجبه الوطني والانساني ليسهم فى هذه المعركة .
ومن هذين المحورين شرعت منذ حوالي عام ونصف فى عمل بعض الندوات تحت عنوان : نحو ثقافة نفسية لتصحيح مفاهيم مغلوطة عن المرض والمريض والعلاج النفسي ، والتوعية بشكل عام . واليوم أعود مستكملا المسيرة بعد توقف ليس بالقصير وبعد أن صارت الرؤية أكثر وضوحا فيما ينبغي أن أحمل ( على صعوبته ) فأبدا بالحديث عن اللبنة الأولى فى البناء الانساني ” عالم الطفولة والمراهقة ” الذي نعرفه ولانعرفه ، فالاطفال والفتيان هم شباب الغد ورجال المستقبل ، وبهم وعلى شاكلتهم سيكون شكل الوطن . ألقى الضوء على عالمهم فى محاولة لفهم مايدور بداخله علنا ندرك كيف نتفاعل معهم ونعرف ماينبغي ومالاينبغى ان نربي أولادنا عليه طامحين فى أجيال أكثر سواءاً ورُقِيَّاً .
د.أحمد عبدالله يكتب.. معركة الوعي !
موعدنا الخميس 27 سبتمبر الساعة 6م بمكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك “صالون د. احمد عبدالله الثقافي الاول”… أسأل الله التوفيق.