دون موعد مسبق.. قابلت اللواء فؤاد فيود ــ الخبير العسكري ورئيس مجلس علماء مصر ــ مع صديق مشترك منذ وقت ليس بالقصير .. تحدث كل منا عما يجول بخاطره من القضايا المختلفة والمشتركة في ذات الوقت بين مصر وبقية دول المنطقة.. وخصوصا ملف الإرهاب كل حسب علمه وعمله.. فكان حوارا طيبا.. لفت انتباهي في هذا اللقاء.. ما كشف عنه اللواء فيود في محاضرة له مع طلبة الجامعات.
أثناء محاضرته للطلبة تطرق اللواء إلى دور قواتنا المسلحة في السلم والحرب للحفاظ على مقدرات الشعب وأمته.. مستشهداً ببطولات أحمس الأول على الهكسوس.. مرورا بإنجازات جيش إبراهيم باشا بن والي مصر محمد علي.. ختاما بنصر اكتوبر العظيم.. كما دعم محاضرته بحديث الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ عندما قال: “إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، قال أبوبكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة.
وفجأة يعترض اللواء أحد الطلبة فيقول له: معذرة يا فندم.. أنا سمعت أعلم علماء الأرض وهو يؤكد ضعف هذا الحديث!!.
سأله اللواء: ومن هو يا بنى أعلم علماء الأرض الذى سمعت منه هذا الكلام؟!.. الطالب: الشيخ أبو اسحاق الحوينى.. اللواء: مع احترامنا لشخص الشيخ وعلمه.. فإذا كان هو أعلم علماء الأرض.. فأي وصف يمكنك أن تطلقه على فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى الذى استشهد بهذا الحديث فى أكثر من مرة؟!.. الطالب: أنا قلت ما سمعته وحسب.. اللواء: يا بنى انتبه للمؤامرات التى تحاك ضد وطنك ودينك وجيشك.. فهذا الكلام إن صح وقاله رجل فى علم ومكانة «الحوينى».. فلابد أن هناك خطأ ما ويجب تصحيحه.
كلام اللواء فيود أيقظ بداخلي ما سبق وكتبته وما سأكتبه عن الهجمة الشرسة التي تتعرض لها مؤسسات الدولة.. ويتعرض لها صغارنا.. سواء من شخصيات معروفة باتجاهاتها وميولها وانتمائها.. أو من وسائل إعلام معادية لمصر.. أو من وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تبث سمومها في عقول أبناءنا ليل نهار.. أو في الأماكن المستهدفة مثل: النوادي والكافيهات وبعض الأماكن الخاصة والعامة ذات الكثافة الشبابية كـ بعض الــ “سناتر الدروس الخصوصية” و “النوادي الرياضية الخاصة” و…. إلخ.
ورسالتي إلى فلذات أكبادنا بخصوص جيشنا الباسل ومصرنا العظيمة في القرآن الكريم والتوراة.. بعيدا عن كلام “الحويني” وغيره.. لابد وأن أشير إلى تركيبة الجيش المصرى.. تلك التركيبة المختلفة عن جيوش العالم قاطبة.. فجيش مصر العظيم يتكون من الفقير والغنى.. المثقف وغير المثقف.. المتعلم وغير المتعلم.. الصعيدى والبحراوى.. الأبيض والأسود.. جيش مصر لا يفرق بين أحد.. الكل فيه سواء.. أى أن جيش مصر من كل أبناء مصر.. وليس من طبقة دون أخرى.. أو فئة دون غيرها مثلما شاهدنا وتابعنا ذلك فى العديد من الدول التى تهاوت جيوشها لعدم تجانس عناصرها مع بعضهم البعض.
وحتى يكون كلامنا مدعوما بشهادة رموز دينية وسياسية وعلمية وليس مجرد كلام مُرسل.. فلنرجع إلى ما قاله عالمنا الجليل الشيخ الشعرواي وهو يستشهد بعظمة المقاتل المصري عندما قال: من الذي رد همجية التتار.. إنها مصر.. من الذي رد هجوم الصليبيين على الإسلام والمسلمين.. إنها مصر.. وستظل مصر دائما رغم أنف كل حاقد.. أو حاسد.. أو مُستغِل.. أو مُستغَل.. أو مدفوع من خصوم الإسلام.. هنا أو في الخارج.
أما عالمنا الفذ د.جمال حمدان فقال: الجندي المصري ذو صبر وعزيمة وإيمان، فهو يغرس البذور، ثم يصبر طويلًا حتى الحصاد؛ فيجلس متأملًا في قدرة الخالق الذي يحيي الأرض بعد موتها، والذي ينبت من هذه البذرة الضعيفة تلك الأشجار، وبينما هو ينتظر موعد الحصاد يأخذ في تأمل السماوات والأرض وما بينهما، فيتولد لديه الإيمان بالله، ويقوم ليلا ليسقي زرعه أو يحرسه معرضًا نفسه للأخطار.
ويقول الزعيم الألماني أدولف هـتلر: لو كان لدي السلاح الروسي، والعقل الألماني، والجندي المصري، لغزوت العالم… !!.. ويقول نابليون بونابرت: قل لي من يسيطر على مصر أقل لك من يسيطر على العالم.. أما كلوت بك – الطبيب الفرنسي – فقال: المصريون أصلح الأمم وخير جنود الأرض؛ لأنهم يمتازون بقوة الأجسام، وتناسق الأعضاء، والقناعة، والقدرة على العمل، واحتمال المشقة، ومن أخص صفاتهم الامتثال للأوامر العسكرية، والشجاعة، والثبات عند الخطر، والتذرع بالصبر في مواجهة الخطوب والمحن”.
ويشهد المارشال الفرنسي مارسون لخير أجناد الأرض فيقول: إن المدفعية المصرية جامعة حقًا لشروط الكفاءة، وتضارع مدفعيات الجيوش الأجنبية.. وأخيرا يؤكد البارون يو الكونت: إن المصريين هم خير من رأيت من الجنود، فهم يجمعون بين النشاط، والقناعة، والجلد، والصبر، على المتاعب، مع انشراح النفس، فهم بقليل من الخبز يسيرون طوال النهار، يحدوهم الشدو والغناء، ولقد رأيتهم في معركة “قونية”، وقد استمروا في تلك المعركة ما يزيد على سبع ساعات متوالية في خط النار محتفظين بشجاعتهم، ورباطة جأش تدعو إلى الإعجاب، دون أن تختل صفوفهم، أو يسري إليهم الملل أو يبدو منهم أي تقصير في واجباتهم أو حركاتهم الحربية.
ومن فضل الله على مصر.. أن شرُفت بمولد أنبياء الله: إبراهيم الخليل، وإسماعيل، وإدريس، ويعقوب، ويوسف، واثنا عشر سبطا. وولد بها موسى، وهارون، ويوشع بن نون، ودانيال، وأرميا ولقمان.
كما أقيم بها سيدنا الخضر، والسيدة آسية امرأة فرعون، وأم سيدنا إسحاق والسيدة مريم العذراء ابنه عمران أطهر نساء العالمين، وماشطة إبنة فرعون.. ومن مصر أيضا تزوج أبو الأنبياء الخليل إبراهيم الخليل السيدة هاجرأم سيدنا اسماعيل، كما تزوج سيدنا يوسف من السيدة زليخا، ومنها أهدى المقوقس رسولنا الحبيب عليه وعلى أنبياء الله أفضل الصلاة والسلام السيدة ماريا القبطية فتزوجها، وأنجبت له إبراهيم.
أخيرا.. يكفي مصر فخرًا أنها ذكرت بالقرآن الكريم في نحو ثمانية وعشرين موضعًا، ذكرا صريحا.. فعلى سبيل المثال لا الحصر.. قوله تعالى: (..اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ) البقرة (61) وقوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ) يوسف (21) وقوله تعالى: (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) يوسف (99).. وفى التوراة ( مصر خزائن الأرض كلها، فمن أرادها بسوء قصمه الله).