“العالم مكان خطير وغير آمِن” … هكذا رآه أو يراه الكاتب الأمريكي “آليوت كوهين” -أستاذ الدراسات الإستراتيجية بجامعة جونز هوبكنز، والمستشار السابق لوزارة الخارجية الأمريكية-, وذلك من خلال صفحات كتابه الذي صدر تحت عنوان “العصا الغليظة”, والذي تناول في سطوره الحديث عن حدود القوى الناعمة وضرورة استخدام القوة العسكرية, والجدير بالذكر أن هذا المؤلف قد صَدَر مع بداية تولِّي الرئيس الأمريكي “ترامب” الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبتصفُّح الكتاب نجد أن “كوهين” يتناول في البداية شرحًا لأبرز التهديدات العالمية التي دفعت وستدفع أمريكا في المستقبل لاستخدام القوة العسكرية, مثل حرب العراق في 2003م, كما اعتبر أن الصين تمثل حاليًا التهديد الأخطر لأمريكا متمثلًا في الصعود الصيني المسلح, وكذلك تحدث عن الغزو الروسي لأوكرانيا والقرم ودلالاته, كما تطرق إلى الحديث عن التهديدات النووية لكلٍّ من إيران وكوريا الشمالية, وانتهى باستعراض فكرة انتشار الحركات الإسلامية المتطرفة، وما إلى ذلك من أمور؛ لينتقل بنا إلى الجزء التالي والذي تمثل في الحديث عن أهمية استخدام القوة العسكرية؛ حيث يرى بأنها تلعب دورًا أساسيًّا في دعم الدور الأمريكي عالميًّا, وقد طالب صراحة بضرورة تطوير تقارير الأجهزة العسكرية الأمريكية, والتي ذكر بأن بعضها يقوم على افتراضات خاطئة, منها مثلًا أن روسيا لا تستطيع القيام بأي هجوم عسكري في اللحظة الراهنة بسبب ضعف اقتصادها. وفي سياق حديثه حرص على التأكيد على فكرة وجود احتمالات متزايدة بأن أمريكا ستستخدم القوة العسكرية بشكل متزايد ومتفاوت الحدة خلال العقود القادمة, وبالطبع أخد في الدفاع عن زيادة معدل الإنفاق العسكري, وحذَّر من إحجام الولايات المتحدة عن استخدام القوة العسكرية, بحجة لطيفة جدًّا وكوميدية جدًّا أيضًا، ألا وهي: أن ذلك سينجم عنه تكلفة أخلاقية وبشرية كبيرة, في ظل عالم تنتشر فيه الأنظمة غير العقلانية. ووجدت لسان حالي يردد: “شوف إزاى يا كوهين! سبحان الله! ربنا يكمل قيادكم وإدارتكم بعقلهم يا جماعة”، وعلى الرغم مما سبق؛ فإن “كوهين” أيضًا أوضح بأن القوة العسكرية لا تمثل الحل لكل المشاكل, لذا فلا بد من استخدام القوة الناعمة, فهي عنصر مهم ومحوري في فن حكم أية دولة. واستكمالًا للكوميديا؛ يذهب الكاتب إلى أنه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م والولايات المتحدة الأمريكية تلعب دور الضامن الرئيس لاستقرار النظام الدولي, ولذا فقد تمتع العالم بعصر من الازدهار والحرية ليس له مثيل لما يقرب من سبعين عامًا -ما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله- وذلك بفضل وجود قوة كبرى مهيمنة تحافظ على النظام بقوة السلاح -الله أكبر- وحديثنا في استعراض كتاب “العصا الغليظة” لا زال لم ينتهِ بعد.