كتبت منذ عامين فى “اليوم السابع” مقالاً يحمل عنوان “عن مؤسسات النمل” يتكلم عن موضوع قانون المستشفيات الجامعية تلميحًا لا تصريحًا لكنه ضل سبيله، فلم يلفت أنظار المسئولين ولم يحرك ساكنًا، وحيث إن الأمر أصبح قيد التنفيذ فلا يمكن الصمت عليه أكثر من ذلك، ولا يمكن أن يظل الحديث عنه فى طور التلميح، فقصر العينى ومثيله من المستشفيات الجامعية هى أمن قومى، لذلك نحن مضطرون أن نعلن رأينا فى هذا القانون الذى سبق ورفض مثيله كل مجالس الأقسام بالكلية عدة مرات ونحن أساتذة متخصصون تخرج من تحت أيدينا أجيالٌ من الاطباء وقمنا بعلاج آلاف المرضى، ذلك بأننا نرى أن هذا القانون بوضعه الحالى لم يُعنى بتحسين التعليم الذى تقدمه كلية طب قصر العينى أو غيرها لأنه بدايةً لا تعليم طبى فى العالم بلا مرضى ولا يوجد فى العالم ما يسمى بالطب الاكاديمى فلا يجتمع تدريس الطب لتخريج طبيب يشخص ويعالج مع لفظ “علم أكاديمى” فى جملة مفيدة لأنهما يناقض أحدهما الآخر وقد أصبح تدريس الطب فى الدنيا يتم بطريق المنهج التكاملى ” integrated curriculum ” منذ العام الأول يُدَرس الطالب على الحالات وهو النظام المعمول به لاسيما عندنا مؤخرا هذا أولاً وثانياً : لا يهدف هذا القانون فى صورته هذه ايضاً لتحسين الخدمة الطبية المقدمة من هذه المستشفيات المعروف عنها أعلى درجات الإجادة من الأساس ( مستشفيات الـ ” tertiary care hospitals ” أى التى تُعنى بالحالات التى استعصت على المستشفيات الأخرى هذا طبعا لأنها الأكفأ على مستوى الجمهورية ) لأنه يقضى بوجوب اعتزال الأستاذ الذى يتمتع بعمل خاص أكبر من الاشتراك فى العمل الإكلينيكى بالمستشفى أو علاج المرضى حتى لو كان يؤدى دوره فيها على أكمل وجه ويُقضى بطبيعة الحال على بقاء من ليس لديه عمل خاص فقط للعمل بالمستشفى وعلى علاج المرضى وقطعاً هو الأقل خبرةً ورغم ذلك يمنحه فرصة حرمها الآخر حتى لو كان أكثر منه كفاءة والتزاماً أى أنه يكافئ الأقل خبرة ومهارةً على قلة مهارته وخبرته بالتعاقد معه طوال الوقت ويعاقب الأكثر خبرةً ومهارةً بأن يخيره بين أن يغلق عيادته ويعتزل عمله الخاص أو يحرمه أو يحرم ربما المريض من أن يكون له حظ تلقى العلاج على يد الاكثر خبرة ومهارة !! ولا أرى فى عقد الاحتكار هذا إلزاماً للمحتَكَر بالإجادة ولا أرى عدم التفرغ أيضاً شرطاً للإهمال، والنهاية ما يعنى أى مؤسسة علاجية هو ضمان أن يقوم الأساتذة الأطباء بالوفاء بما هو موكل إليهم من عمل دون تقصير سواء بتفرغ أو عدم تفرغ. ونظرا لأن الهدف من هذا القانون يبدو فى العموم هو تقليل عدد أعضاء هيئة التدريس الذين يعملون بالمستشفى لتقليص عدد العاملين بالجهاز الادارى للدولة استعداداً لتطبيق نظام التامين الصحى الشامل ما يطلق عليه فى المستشفيات نظام العلاج بأجر والذى بموجبه سيستحق الطبيب المعالج نصيباً من دخل المستشفى نظير عمله اود هنا أن اشير إلى مفارقة واضحة اذ خطط هذا القانون لتعيين اعداد من الموظفين والاخصائيين فى عدة مجالس ادارية لم يكن لها وجود فى النظام السابق ربما يفوق عددهم من سيتم استبعادهم من اعضاء هيئة التدريس وبذلك لن يكون قلص عدد العاملين بالجهاز الادارى للدولة فمن تم اختزاله من عدد اعضاء هيئة التدريس الذين على قوة المستشفى قد تم تعويضه بآخرين ولكن بصفات وظيفية اخرى ادارية فالمحصلة انه قلل من الاطباء الاكلينيكيين وزاد من الاداريين الذين لا علاقة لعملهم بطبيعة الخدمات العلاجية التى تقدمها المستشفيات والتى قوامها الطبيب والهيئة المساعدة له أو استبدلهم بأطباء لم يشترط فيهم هذا القانون اياً من معايير الكفاءة ولا اسبقية الترتيب حسب دفعات تخرجهم أو تاريخ التخرج أو الشهادات العلمية الحاصلين عليها ودون اية معايير واضحة على الاطلاق !! كل هذا لا لصالح المريض قطعاً ولا لصالح طالب الطب كذلك فالخريج وعلاج المريض هما المنتج المعنى بتقديمه مستشفى قصر العينى ومثيلاته من المستشفيات التعليمية فلصالح من يكون القانون اذاً ؟ ربما يكون اتى لصالح فئات اخرى لا تعنى المنظومة الصحية التعليمية ولا نعرفها ولا نعرف من سيأتى بها ولا على أى أساس !! السؤال لماذا يكون العبث بالمؤسسات الناجحة ؟؟ هل نستكثر على هذا الشعب أن يكون لديه طبيب ماهر يقوم على علاجه !!! ارجوك سيادة الرئيس ارفع ايديهم عن قصر العينى وكل المستشفيات الجامعية رأفةً بهذا الشعب !!!!!!