قرب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جمهورية الصين الشعبية سبتمبر 2017 لحضور قمة مجموعة “البركس”.. كتبت مقالا عن إستراتيجية هذا الشعب العظيم في محاربة الفساد والمفسدين.. كما تطرقت فى المقال إلى تاريخ العلاقة التي أسسها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ورسخها “السيسى”.. وأشرت إلى تميز علاقة البلدين بمواقف سياسية لصالح كل منهما للآخر.. فكانت الصين تؤيد بشكل مستمر مواقف واختيارات مصر ومنها: قرار “عبد الناصر” بتأميم شركة قناة السويس.. وإدانة العدوان الثلاثى (بريطانيا- فرنسا – إسرائيل) على مصر.. كما دعمت الصين أيضا جهود مصر لاستعادة سيناء من الاحتلال الإسرائيلي.
وكان لدور مصر الرائد على المستوى: العربي والإفريقي والدولي أهميته أيضا في موقفها الثابت بوجود دولة صينية واحدة هى “جمهورية الصين الشعبية”.. وذلك بعدما أقامت علاقات دبلوماسية معها في أوج الحرب الباردة.. ومن ثم توالى اعتراف بقية الدول للصين.. وقد ظهرت أهمية هذه العلاقة أكثر فأكثر خلال مشاركة “السيسي” أواخر أبريل الماضي جلسات المائدة المستديرة لأعمال “قمة مبادرة الحزام والطريق” بحضور الرئيس الصيني وعدد من رؤساء الدول والحكومات.. فأكد “السيسى” في هذه القمة أن مصر تنفذ مشروعاً عملاقاً لتنمية محور قناة السويس، استثماراً لموقع القناة الاستثنائي بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وسعيا ليصبح المحور مركزاً لوجستياً واقتصادياً عالمياً يساهم بفاعلية في تطوير وتسهيل حركة الملاحة والتجارة الدولية، وبما يتكامل مع “مبادرة الحزام والطريق” التي تعتمد بالأساس على مفهوم الممرات الاقتصادية للتنمية.. لكل ما سبق.. تمنيت – مجرد أمنية – أن نحذو حذو الصينيين في مواجهة الفساد والمفسدين حتى نصل باقتصادنا إلى ما وصلوا إليه.
عودة مرة أخرى إلى الهدف من المقال وهو: كيف ننهض باقتصادنا مثل الصين ونتعلم منها مواجهة الفساد والمفسدين؟؟.. الصينيون قديما تعلموا منا.. فما المانع – في ظل علاقاتنا المتميزة بهم اليوم – أن نتعلم منهم؟؟.. فالأمة التى صنعت مجدها وسط ظروف قاسية لا تحتمل التقاعس أو التراجع أو التراخى.. هي نفسها الأمة التي قالت وفعلت.. هي الأمة التي خططت ونفذت.. هي الأمة التي رفعت شعارها الرائع «التصدير أو الموت» منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن فكان لها أكثر مما تمنت.. هي الأمة التي استطاعت أن تنقذ نفسها من مستقبل مظلم بعد أن وصل عدد سكانها إلى مليار وربع المليار نسمة تقريباً.. هي الأمة التي غزت بتجارتها وصناعتها وسياستها وقوتها الناعمة كل دول العالم.. وهي نفسها أيضا الأمة التي فرضت احترامها على غيرها بالعمل والإنتاج لا بالبلطجة والدسائس وإشعال الحروب هنا وهناك لأغراض “مفضوحة”.. فهل يمكن لنا الآن أن نتعلم منها؟؟
المنطق والتاريخ يقولان نعم ممكن.. لأننا أهل للتقدم والرقى والرفاهية.. نعم ممكن أن نتفوق على الصينيين وغيرهم وفى وقت قياسى إذا سلكنا نفس طريقهم فى العلم والعمل وإخلاص النوايا ومحاربة اللصوص وقضينا على الفساد والمفسدين مثلما فعلوا.. الزميلة «الأهرام» نشرت مؤخرا – نقلاً عن صحيفة «تشاينا دايلى» – تصريحاً لأحد القيادات الصينية يقول إن «70 مسئولاً صينياً قاموا بزيارة مسئولين محكوم عليهم بالسجن فى قضايا فساد عبارة عن رشوة وسرقة وإساءة استخدام سلطة.. الأمر الذى جعل من الزيارة تذكيراً واضحاً بعدم سلوكهم هذا الطريق».. لافتاً إلى أن «الزائرين قضوا يوماً كاملاً فى السجن على سبيل التعلم والعظة».
وتضمن التصريح أن «سبب تعليق صور التحقيقات مع الفاسدين الصينيين على جدران السجن لكى يراها الزائرون»، فيما أوضحت «اللجنة المركزية لبحث الانضباط الحكومى» أن «هذه الزيارة تم تنظيمها لتنبيه المسئولين بأن عليهم أن يكونوا مدركين لعواقب الأخطار المتعلقة بالفساد».. ده كلام جميل خاااااااااااااالص.. طيب يا ترى يا هل ترى: هل لدينا النية والعزيمة لتطبيق هذه التجربة فى مصر بعد أن يصدر رئيس الجمهورية من خلال خطته الطموحة فى القضاء على الفساد قراراً بتشكيل لجنة مماثلة لبحث الانضباط الحكومى؟؟.
طيب.. ولو تشكلت هذه اللجنة وأرادت أن تطبق التجربة الصينية على عدد من الوزراء والمحافظين والمسئولين الكبار وترسلهم لزيارة ما تبقى فى السجون من لصوص المال العام لقضاء يوم واحد فى السجن للاطلاع على صحائف جرائمهم التى ارتكبوها ضد الشعب كنوع من الردع لكل من تسول له نفسه بأن يرتكب نفس الجُرم».. فهل سيقبلون؟؟.. أشك فى ذلك.. ليه ؟؟.. لأن أغلب مسئولينا من فئة وكيل وزارة وأنت طالع يتعاملون مع المنصب وكأنه «غنيمة» وفرصة لا تعوض للنهب والسرقة و«تمشية» الحال والانتقام.. وتصفية الحسابات من الخصوم فى بعض الأحيان.. ومن ثم يتعاملون مع المواطن وكأنه «شحاذ» وليس صاحب حق.. ينسون دائما أو يتناسون –ربما- أنهم جاءوا لمناصبهم من أجل خدمة المواطن وليس الاستعلاء عليه.. ويتجاهلون تماماً أن مرجعهم إلى من لا يغفل ولا ينام.. كما نلاحظ عليهم عدم الاكتراث أو الخشية من الأجهزة الرقابية أو الجهات السيادية.. ومن ثم فلا رقيب عليهم سوى ضمائرهم فقط!!.. ودعونا نتحدث بصراحة.. فقديماً قالوا: «ضعف الحائط يُغرى اللصوص».
أخيراً.. لدى اقتراح متواضع عبارة عن: ضرورة وضع لوحة إرشادية فى مكتب كل موظف –صغر حجمه أو كبر- نذكره بحقوقه وواجباته وكيفية تعامله مع المواطن.. فضلاً عن العواقب التى يمكن أن تواجهه إذا أخل بواجبات عمله.. وكذلك وضع البيانات اللازمة للجهات التى يمكن أن يلجأ إليها المواطن إذا تعرض لظلم أو أى نوع من التعنت أو الابتزاز من أي موظف.. على أن تكون هناك جهات مختصة للتحقيق الفورى فى مثل هذه الشكاوى لضمان جدية التجربة.