لم يأتي اختيار البحرين عفويا لإطلاق ما عرف إعلاميا بصفقة القرن ، بل إنها البحرين التي من على أرضها سوف تنطلق فعليا صفقة القرن الحقيقية التي لا يتم الإشارة إليها علنيا وهي صفقة إيرانية أمريكية إسرائيلية تشارك بمضمونها الجغرافي دولة البحرين . وتكاد تكون صفقة القرن الموجهة إلى العرب حالة من التمويه الذي يقوده الإعلام المبرمج على الصفقة الحقيقية الكبرى مع إيران ، فبينما يتم إلهاء العرب في بنود وتصريحات تعمل على تمديد الوقت وتبحث في مواضيع تم تقريرها مسبقا بين الحليفين أمريكا وإسرائيل وبمشاركة من روسيا تحت صياغة أمنية وحماية أمن إسرائيل ! فإن الحقيقة التي تظهرها الأحداث على أرض الواقع تؤكد ما كان قد صرح به ” كيسنجر ” قبل سنوات عندما قال أن إسرائيل في حروب المنطقة المقبلة سوف تسعى إلى قتل أكبر عدد ممكن من العرب ! وتشير مجريات أحداث الشرق الأوسط الجديد كما يريدون له أن يكون ، إلى أن إسرائيل تقود العرب إلى خوض الحروب ليس معها فقط بل مع قوة عسكرية كبرى في منطقة الشرق الأوسط هي إيران .
المفاوضات التي تقودها إيران من أجل استعادة ما تعتبره حقا لها ليست جديدة على المنطقة بل إن كل ما استطاعت إيران الحصول عليه من توسع في نفوذها في الشرق الأوسط كان على حساب هذا المطلب وتأجيله إلى زمن لاحق . الثابت والغير متبدل في خارطة الشرق الأوسط الجديد كما ظهرت في أكثر من مرة هو عودة بلاد البحرين إلى صيغتها الجغرافية القديمة المرتبطة بالساحل الشرقي للجزيرة العربية والوجود الفارسي التاريخي عليه أو جزر ” أوال ” كما عرفت سابقا والديني الإيراني الشيعي والذي تنتمي إليه غالبية سكان هذا الساحل .
كل الطرق تؤدي بنا إلى إيران ، وإسرائيل تسعى إلى تحقيق أهدافها في السيطرة على منابع المياه الطبيعية في المنطقة وإلى احتلال بقية أجزاء الجولان السوري والصعود فوق قمة جبل الشيخ من لبنان لتطل من مسافة قريبة على دمشق ، ولن تحقق هذا التوسع إلا بضمان موافقة إيران . أمريكا ستضمن لها حليف قوي بما يكفي لخوض حروب المنطقة عنها وتسمح لإيران بزيادة قوتها العسكرية والنووية ، في نفس الوقت تدعو إلى ناتو عربي تقوده السعودية لمواجهة إيران ! وإيران تهدد بالقضاء على إسرائيل في حالة عدم الوفاء بالوعود المقدمة لها في استعادة خليجها الفارسي وتكون بلاد البحرين الكبرى الجديدة كما تظهر على خارطة الشرق الأوسط الجديد تحت وصايتها . كما ستعين إيران بالمقابل أمريكا على حماية الطريق التجاري العالمي الجديد المسيطر على النفط والذي تريده أمريكا أن يكون تحت سيطرتها والذي يتقاطع مع طريق الحرير الجديد كما تخطط له الصين وأوروبا معا ، عبور اقتصادي مالي عسكري سياسي جغرافي سيغير من وجه العالم . وتصمت روسيا التي ستحصل على السيطرة على الساحل الغربي من البحر الأحمر ، بالمقابل تحصل أمريكا على السيطرة على الساحل الشرقي من النقطة الأهم في الشرق الأوسط الجديد وهو البحر الأحمر . سيكون البحر الأحمر بمثابة الرقبة التي يتم خنقها في اغتيال لصعود الصين كقوة عالمية كبرى ومن خلفها صعود أوروبا أيضا . هذه هي باختصار ” صفقة القرن ” الحقيقية والتي قد تشعل العالم في صراع وحرب كبرى .