” دايما فيها حاجة حلوة ” .. عبارة قصيرة لكنها تبث فينا روح الأمل وتجعلنا ننظر لبكرة بروح متفائلة .. خلينا ننسى أخبار الغم والنكد شوية ..
الرمال السوداء نوع خاص من الرمال تكون منذ قرون بعيدة بما قذفه البحر من جوفه على مر السنين .. وعزا العلماء تكونها قرب مصبات نهر النيل على ساحل البحر من كونها جاءت من تفتت الصخور جراء الأمطار الغزيرة التي كونت البحيرات التى أتى منها النهر في أواسط إفريقيا وجرفتها المياه من خلال مجراه قبل إنشاء السدود إلى قلب البحر والذي أعادها بدوره لتستقر على شاطئه .. وبفعل عوامل التعرية تفتت وتحولت إلى كثبان رملية ثابتة . هذه الكثبان توجد في 11 موقعا من رفح شرقي سيناء حتى بحيرة إدكو في الغرب لكنها تتركز بدرجة كبيرة وبعائد اقتصادي ضخم في منطقة البرلس شمالي مدينة بلطيم ..
الأهمية الاقتصادية لهذه الرمال عائد إلى كونها تحتوي على معادن نادرة جدا لا توجد في الطبيعة إلا بكميات ضئيلة وتعد عنصرا رئيسا في الصناعات الحديثة ولا غنى عنها لأي دولة تريد أن تنقل نفسها نقلة حضارية .. فيكفي أن نعلم أنها تحتوى على عنصر اليورانيوم اللازم لتشغيل المفاعلات النووية والذي يدخل أيضا في الأغراض الطبية وأشياء أخرى هامة جدا .. أيضا تحتوي على معدن الزركون الضروري لصناعة قلوب المفاعلات النووية ويدخل أيضا في صناعة سبائك مواتير السيارات ( صنعنا كل شيء في السيارة إلا الموتور ! ) .. أما خام الماجنتيت الموجود فيها أيضا فضروري لصناعة الحديد الأسفنجي والحديد الزهر وإزالة ملوحة التربة .. أما معدن التيتانيوم فيدخل في صناعة البويات والدهانات والبلاستيك المطاطي والسيراميك ومسحضرات التجميل والجلود وصناعات أخرى كثيرة .. كذلك يوجد فيها معدن الجرانيت اللازم لصناعة فلاتر المياه وأحجار الجلخ وأنواع أخرى من الدهانات ..
المفرح في الموضوع أن هذه الرمال تتواجد بشكل اقتصادي هائل .. فيوجد أكثر من 285 مليون طن من النوع الذي يحتوي على المعادن الثقيلة بمتوسط قدرة 3.4% بطول 22 كيلو مترا شرق البرلس .. وأيضا يوجد احتياطي تعديني يقدر ب 48 مليون طن بمتوسط قدرة 2.1 من تلك المعادن الثقيلة .
يكفي لكي تعرف أهمية هذا الكنز لمصر أنه لما فتح المزاد للشركات العالمية للبدء في استخراج المعادن من تلك المنطقة منذ 6 سنوات تقريبا كانت كلمة البداية 8 مليار دولار وتم رفض المزاد وإلغاؤه .. لماذا ؟ . لأن خبراء الصناعة والتعدين المصريين وجدوا أن هذه القيمة يمكن أن تتضاعف عشرات المرات لو تم استخلاص المعادن الهامة من هذه الرمال محليا .. وأيضا لكي تعاد الرمال إلى أماكنها بعد الانتهاء من المهمة لكي لا يتم الإخلال بالبيئة وللمحافظة على الشواطئ من عملية نحر البحر لها باستمرار ..
هذا المشروع العملاق سوف يفتح آفاقا غير محدودة للصناعات الحديثة في مصر .. بل قد يجعلها مؤهلة بشكل حقيقي لأن تنتقل إلى مصاف الدول الغنية الكبرى .. هذا ليس تهويلا ولا مبالغة .. بل حقيقة مؤكدة ..
………. مصر هبة الله للمصريين . حافظوا عليها .. تفاءلوا بالخير تجدوه .