ي المسألة المهرجاناتية المحمدرمضانية
والوحدة التوكتوكية الساحلشمالية
منذ عدة سنوات في فرح من أفراح الطبقة المتوسطة العلوية (ربنا ينجيها) كانت أغاني المهرجانات هي البطل ، يومها قلت لجليسي اننا لو حضرنا فرح في منطقة شعبية جدا أو عشوائية سنسمع نفس الأغاني . وتلك ظاهرة خطيرة ذكرتني بلقاء مع الراحل أسامة أنور عكاشة في لقاء خاص قال منفعلاً : ” زمان كانت الطبقة الأرستقراطية بتسمع كلاسيك وتشوف أوبرا والطبقة المتوسطة والشعبية بتسمع أم كلثوم دلوقتي احمد عدوية بقى تراث” . ( مع حبي لأحمد عدوية) . ما هو القاسم المشترك الذي يجمع ما بين جمهور العشوائيات وجمهور الساحل ؟ وكيف اتفق الذوق بينهما بالرغم من اختلاف المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي ( وهذا ليس تعميماً فأنا لا أتحدث عن كل سكان الساحل أو سكان المناطق الشعبية بل عن جمهور هنا وهناك لعمل فني) . أظن إن الوعي المغيب و الفراغ الفكري وهشاشة منظومة القيم والاخلاق – التي نتغنى بها فقط – هو ما وَحَّدْ ذوق هذه الجماهير . ويجب الانتباه إن التوقيف والمنع ليس حلا فالمشكلة ليست في شخص هو الذي يهبط بالذوق العام هذا مستحيل هو فقط يدعم الذوق الهابط ، المشكلة ليست في محمد رمضان أو السبكي أو مجدي شطة وحمو بيكا هم ليسوا المشكلة هم نتاج المشكلة واذا اختفوا فاين تذهب جماهيرهم العريضة بعقليتها وذوقها وفكرها وسلوكها ؟! ، سيظهر غيرهم يقدمون نفس المنتج لهذا الجمهور الغفير . الحل ليس في المنع الحل في أصل المشكلة ، الإنسان .. الإنسان .. الإنسان أولاً . الحل أن يتلقى الانسان تعليماً حقيقياً غير هذا التعليم الشكلي الذي كلفنا مليارات ولم نأخذ منه إلا عَوجِة اللسان لكنه لا يربي فكر وثقافة وعقليات متطورة ، الحل أن نَعِي أن التربية ليست في تحقيق المتطلبات المادية من السكن بكومباوند ولبس الماركات وشاليه الساحل و تمرين السباحة ( إللي بقى للمنظرة) والكارثة الجديدة المتمثلة في جروبات الماميز !! و .. و .. و .. ، بل أن نربي عقولاً واعية وشخصيات لها معنى ومعالم واضحة ومفاهيم راسخة وقِيَم محترمة ، الحل أن يكون الإعلام الذي يخترق منازلنا وعقولنا وسيلة لتعميق الوعي والمعرفة والتنوير لا راعياً للسطحية والسبوبة و قلة الادب والذوق المتدني ، وان تكون الاخلاق مفعولة في ممارساتنا اليومية ومن القدوة أولاً ، وليست أسطوانة نرددها فقط ( تستخدم من الظاهر أوعند اللزوم ) . وعلى المستوى الفني الحل لا يكون بالشجب والاقصاء ، بل بالاهتمام بتقديم الاعمال الفنية الراقية الهادفة والجاذبة في نفس الوقت ورعاية التجارب الجادة المحترمة في مواجهة فن السبوبة الهابط . القضية ليست مع شخص ولن تنتهي باختفاء شخص ، القضية قضية ” حالة وَعْي ” هي التي تحدد من يتصدر المشهد .