فى خطوة جديدة لحلحلة الازمة الليبية التى تزداد تشابكا وتعقيدا سواء بفعل تعددية الفاعلين الدوليين والاقليميين المنغمسين فيها او بفعل تزايد التنظيمات الارهابية التى اصبحت طرفا فاعلا فى الازمة. فى ظل ذلك طرح رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح مجموعة من النقاط يمكن ان تشكل فى مجموعة خارطة طريق للبدء فى حل الازمة. صحيح أن كثير من هذه النقاط ليست بالجديدة إذ تمثل ثوابت وطنية على حد قوله، إلا أنه من الصحيح أن وضعها ضمن جملة من النقاط الرئيسية تجعلها رؤية اشبة بالمتكاملة التى يمكن ان تكون بداية حقيقية تنطلق منها الاطراف كافة إذا صدقت النوايا فى ضرورة ايجاد حل للازمة التى تنذر بمزيد من التدهور.
وبعيدا عن استعراض النقاط الاثني عشرة التى تضمنتها خارطة الطريق، يجدر بنا التأكيد على بعضها والتى تعد هى الاساس التى يمكن ان يبنى عليه الحل السياسى للازمة، أبرزها ما يتعلق بضرورة تعديل الاعلان الدستورى بحيث يشكل مجلس النواب لجنة لصياغة دستور جديد تضم مثقفين ومفكرين واساتذة قانون دستورى من الاقاليم الثلاثة بعيدا عن المحاصصة الحزبية والاجتماعية، ويشارك فيها خبراء من اهل الاختصاص على ان تنجز عملها فى مدى زمنى لا يتجاوز ثلاثة شهور. فهذا الاقتراح وحده كفيل بتغيير اسس الوضع الراهن الذى تشابكت ابعاده وتداخلت اطرافه بشكل اضحى من الصعوبة بمكان التعامل معه.
والحقيقة أن اقدام رئيس مجلس النواب الليبي على مثل هذا الطرح إنما يعكس أنه لا يزال الحل الوطنى هو الطريق الاكثر اهمية بعيدا عن الحلول الاقليمية والدولية التى إما انها لا تتفهم حقيقة الوضع الداخلى وتشابكاته او أنها تسعى جاهدة إلى تحقيق مصالحها على حسب الشعب الليبى الذى لا يزال يأن منذ ما يقرب من عقد دفع خلاله كثير من ارواح ابناءه وخسر كثير من ثرواته. ولذا فإن التعامل مع هذه الطروحات الوطنية يجب أن تؤخذ على سبيل الجدية وتكون محل مناقشة واهتمام من جانب الاطراف الوطنية كافة إذا كانت مصلحة الوطن الليبى هى الحاكمة لسياسات هذه الاطراف وإلا اصبحنا ازاء اطراف تدعى الوطنية إلا أن لديها اجندات خارجية، فمقابلة اية اطروحات وطنية بالرفض المسبق تضع مثل هذه الاطراف فى خانة او جانب يثار بشأنها الكثير من علامات الاستفهام حول مصالحها وارتباطاتها.
ملخص القول إن ما طرحه المستشار عقيلة صالح من خريطة جديدة ببنودها الاثنى عشرة تستوجب ان تشكل الاطراف الوطنية الليبية جلسات عمل لمناقشتها والتوصل إلى تفاهمات جامعة للبدء فى عملية سياسية تنقذ ليبيا من مصير مؤلم تلوح ملامحه فى الافق.