استيقظت صباحاً – كعادتي – لأطالع أخبار الدنيا هنا وهناك بعد أن أديت طقوسي اليومية المعتادة، نظرت للطرق، وللمارة، وللمواصلات وللأشجار، والطيور السابحة في سماء المكان، فانتابني شعور غريب، وكأننا في عالم غير الذي أعرف؛ عالم جديد على عيني وأحاسيسي، استغرقت في التفكير لمدة لا تقل عن الثلاث ساعات تقريباً لأسأل نفسي:
– وماذا بعد فيروس كورونا الذي أعجز العلماء والطغاة والظلمة والمتكبرين والفسدة و…. عن مواجهته؟؟!!.. بالطبع لم أجد الإجابة الشافية – الوافية عن سؤالي لنفسي؛ لا عند العلماء، ولا عند الأطباء، ولا عند كهنة السياسة ومن على شاكلتهم.
لم أفق من سكرة حالتي إلا على صوت “ملاكي” الصغير – صاحبة العشر سنوات – وهي تناديني باسمي “محمود”؛ ثم تسألني:
– إنت فين؟.. وكأنني أسمع اسمي لأول مرة من فرط سعادتي بتعلقها بي، فأجبتها:
– أنا هنا حبيبتي في البلكونة، تعالي.. أسرعت “ملاكي” نحوي لتحتضني، وعلى وجهها ابتسامة عريضة تترجم فرحتها بعثورها على الأب الذي – غالبا – ما تستيقظ أغلب الأيام من نومها، ولم تجده في مثل هذا التوقيت؛ لأنه (العبد لله) يكون قد رمى حِموله على مولاه، وبدأ رحلته اليومية المعتادة، والتي يعرف بعض تفاصيلها المقربين مِني.
– بعد نصف ساعة تقريبا من مداعبتي لـ “ملاكي”؛ فتحت هاتفي لأطالع الأخبار الإيجابية قبل السلبية؛ فأفزعني جدا تصريح خطير لرئيس منظمة الصحة العالمية، وهو يوصي العالم أجمع بضرورة استمرار التدابير اللازمة لمواجهة فيروس كورونا؛ خشية من أن يحصد المزيد من الأرواح، وذلك بعد أن راح ضحيته حتي كتابة هذه الكلمات ما يقرب من الـ ” 168 ألف شخص حول العالم.
– كما حذر رئيس المنظمة من التسرع في رفع القيود الصحية الُمتبعة حاليا لتحجيم المرض وعدم انتشاره؛ داعيا شعوب العالم أجمع إلى التكيف مع هذا الوباء وتغيير أسلوب حياتهم تماشيا مع تبعات “كورونا” حتى العثور على لقاح!!!
بعد ساعات قليلة من تصريح رئيس منظمة الصحة العالمية المُشار إليه؛ كشف الرئيس الأمريكي ترامب عن توجه جديد وخطير لبلاده مع دول المنطقة، وذلك عندما قال:
– نقوم بحماية الأصدقاء؛ فعليهم أن يدفعوا لنا، وليس علينا أن نحمي الشعوب بالمجان، لقد أنفقنا ” 8 تريليونات دولار” في الشرق الأوسط، وكنا أغبياء عندما فعلنا ذلك، فإذا استطعنا الحصول على النفط دون مقابل؛ فسنأخذ كل ما يمكننا الحصول عليه، وأحبذ لو دفعوا لنا مقابل ذلكّ!!!
كلام خطير جدا، وتوجه أخطر؛ هذا الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي ناحية المنطقة العربية بشكل خاص، وبقية حلفاء أمريكا بما فيهم إسرائيل بشكل عام، ولن أخوض هنا في تفاصيل أو تحليل لهذه الحروف؛ على الأقل في الوقت الراهن نظرا لخطورتها؛ خصوصا في ظل إدارة رئيس بثقافة “ترامب”.
وما يهمنا في هذا المقال هو إلقاء الضوء على تبعات ما صرح به رئيس منظمة الصحة العالمية؛ بضرورة تكيف العالم مع الوباء لحين التوصل إلى علاج فعال!!.. هذا الكلام له تفاسير عدة على كافة الأصعدة، دينيا واقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا، وحتى ثقافيا و…..
وأنا هنا سأتحدث عن الجانب الاقتصادي والاجتماعي فقط، ففي ظل الحظر الموجود حاليا بين الدول، سنطرح عدة أسئلة أتمنى أن تكون محل اهتمام الجميع، وليس لجهة دون غيرها، أعني أن المواطن هنا لابد وأن يكون لديه الوعي الكامل بما يدور حوله من تغيرات مفصلية؛ سيترتب عليها تغيرات مهمة في: سلوكه، بداية من أموره الحياتية في: المنزل، والشارع، والمواصلات، و….. ، مرورا بطبيعة عمله وعلاقاته مع: الزملاء، والعملاء، و….. ، وختاما بمعاملاته مع الآخرين: الأهل، والأصدقاء، و….. وهذا التغيير يستلزم من جميعا الالتزام بنصائح وتعليمات أجهزتنا المعنية: رئاسة الوزراء، والوزارات المعنية بالأمر.. والله نسأل أن يجنب مصر، والعالم أجمع من تبعات هذا المرض الخطير… وللحديث بقية.