32 يونيو الماضي، صرح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن “سرت والجفرة” الليبيتين خط أحمر لا يمكن أن تقبل مصر اقتراب العناصر الإرهابية منها، حفاظاً وحرصاً على أمننا القومي من “دواعش أردوغان وتميم”، في رسالة واضحة ضمن عدة رسائل قوية وحاسمة إلى الأطراف المعتدية على سلامة ليبيا، وخاصة الميليشيات المسلحة والمرتزقة المنتشرين في البلاد، وأوضح الرئيس أن مصر تكن كل الاحترام والتقدير لليبيا ولم تتدخل يوما في شؤونها الداخلية ومستعدة لتقديم الدعم من أجل استقرارها.
10 يوليو الجاري 2020 نفذت قواتنا المسلحة مناورة عسكرية قرب حدود ليبيا تحت اسم “حسم 2020” بأفرعها الرئيسية على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، مما يعني أن المناورات قرب حدود تركيا……!!
تصريح “السيسي” والمناورات البحرية التي أجرتها قواتنا المسلحة، لم تعجب عناصر الإرهابية من: السياسيين والإعلاميين وحتى المنقادين كالأنعام، وهذا أمر طبيعي، ومن ثم بدأوا حملة ممنهجة على كل المستويات، وذلك للتقليل من قوة وبأس قوتنا الضاربة ( جواً وبحراً وأرضاً)، وذلك من خلال كتائبهم وفرقهم السياسية والإعلامية والثقافية و….الحاقدة على مصر وجيشها العظيم، في الوقت الذي يشيدون فيه بسيدهم “أردوغان” وجيشه التركي (العثماني) الذي لا يُقهر…..!!
ونسى هؤلاء، أو تناسوا ربما ما فعله “أردوغان” ومليشياته في الجيش التركي بالشوارع والميادين من سحل وضرب و……!!.. هذه واحدة، والأخرى التي أريد أن أذكرهم بها، هي هزائم العثمانيين المتتالية أم جيشنا في أكثر من معركة، كان آخرها معركة “قونية”، بتاريخ 21 ديسمبر 1832، بين مصر والدولة العثمانية، وقاد المصريين القائد العسكري الفذ إبراهيم باشا، بينما قاد العثمانيين رشيد محمد خوجة باشا، وانتهت المعركة بانتصار ساحق لجيشنا الذي بات قاب قوسين من الآستانة عاصمة الدولة العثمانية، لولا تدخل الروس لإنقاذ العثمانيين….!!
فالجيش المصرى فى معظم فترات التاريخ، هو الأقوى والأعرق بين جيوش جنوب البحر المتوسط، ومنذ بدايات الحضارة المصرية، والجيش المصرى يلعب دوراً كبيراً فى الدفاع عن حضارته ضد الغزاة على مر العصور، كما قدم الفكر العسكرى المصرى أرقى مفاهيم و تقاليد الجندي، و خاض معارك كبيرة ضد جيوش ضخمه، هاجمت الإمبراطوية المصرية أو جهزت لمهاجمتها.
من هذه المعارك الخالدة، كانت معركة البطل أحمس الأول – مؤسس الأسرة 18 – ضد الهكسوس، فأبادهم عن بكرة أبيهم، ثم معركة “قادش” فى عهد الملك رمسيس الثانى ضد الحيثيين، و معركة “مجيدو” فى عهد تحتمس الثالث، و فى العصور الوسطى، كانت معارك: “حطين” و “عين جالوت” و “المنصورة” و “فتح عكا” و “مرج الصفر” و غيرها من المعارك ضد: المغول والصليبيين، وانتصر فيها جميعاً الجيش المصري نصراً عظيماً، ولا يجب أن ننسى، أنه فى العصر البطلمى كان الجيش المصرى وسيظل بإذن الله تعالي من أقوى جيوش العالم، والأسطول البحرى المصرى، كان وسيظل أيضاً سيد البحر المتوسط من غير منازع.
ويكفي ما كشفه الإعلام الاسرائيلى عن حالة الهلع والتخوف والجبن التى اعترت جنوده، خصوصاُ الاحتياط الذين تم استدعائهم لخوض حرب اكتوبر المجيدة عا 1973.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، عقيد إسرائلي يُدعى أمير رؤوبني – قائد الكتيبة 68 – التي كان يتشكل معظم مقاتليها من قوات الاحتياط التابعة للواء “جولاني” بالمنطقة الشمالية في هضبة الجولان المحتلة، كشف عن حالة السخط التى انتابت قواته ضد قيادتهم بسبب مارأوه من بسالة المقاتل المصرى وشراسته، موضحاً أن”سيناريو الحرب بهذه الضراوة لم يكن متوقعا بالمرة”، وأضاف:
– “تفاجأت في الثانية من ظهر يوم السادس أكتوبر من خلال اتصال لاسلكي يعلن عن بدء قصف الطائرات الحربية المصرية للأهداف الإسرائيلية في سيناء مع مشاهدة للقوات وهي تعبر قناة السويس..حينها صرخ أحد جنودى :لقد جاءوا إلين وسوف يذبحوننا وبعدها انقطع الاتصال وبدأنا نواجه سيلا عارما لا يمكن وصفه من قوات الدفاع الجوي المصري..هذه شهادة العدو”.
فى شهادة أخرى داخل كتاب بعنوان “حياتى” – لرئيسة وزراء اسرائيل جولدمائير – قالت فيه:
– ” لن أكتب عن الحرب – من الناحية العسكرية- فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنني سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معي باقيًا علي الدوام”.
أما موشئ ديان – وزير الدفاع الاسرائيلى – فقال:
– “إن الحرب قد اظهرت أننا لسنا اقوي من المصريين، وأن هالة التفوق والمبدأ السياسي والعسكري القائل بأن اسرائيل اقوي من العرب، وأن الهزيمة ستلحق بهم اذا اجترأوا علي بدء الحرب، هذا المبدأ لم يثبت”.. شهادات كثيرة اعترف بها هؤلاء المجرمون تؤكد جميعهاعظمة وبسالة وشجاعة المقاتل المصرى.
وبهذه المناسبة، فقد وقعت عيني على بعض المأثورات الخالدة بحق أبطال جيشنا العظيم، والتي صاغها ونشرها على صفحته اللواء أركان حرب صاعقة أحمد رجائي، أحد رجالات قواتنا المسلحة البواسل، ومؤسس وحدة القوات الخاصة 777، وأحد أبطال المجموعة 39 قتال.
تربطني باللواء أحمد علاقة راقية منذ 2009، حيث كتب معي عدة مقالات بجريدة الدستور، كما أنه كان أحد مصادري الخاصة في العديد من: الندوات والتحقيقات والحوارات والمقالات التي أنجزتها على مدار 10 أعوام مضت عن بطولات قواتنا المسلحة في السلم والحرب.
من ضمن ما أخبرني به اللواء “رجائي” خلال فترة حكم الجماعة الإرهابية لمصر، تلك الزيارة السرية التي قام بها الإخواني الحمساوي خالد مشعل لـ “مرسي” بقصر الاتحادية عام 2013، وعندما سألته عن توقعاته لعزل “مرسي”، أكد لي أن ساعة الحسم اقربت، وأن الشعب وخلفه قواته المسلحة سيسحل “الإخوان” في الشوارع إن لم يرحلوا بسلام، أو استقووا بالأمريكان.
واللواء “رجائي” له تاريخ عسكري عريق، وله أيضاً بصمته الخاصة في: حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر المجيدة، كما أنه كان أحد الأبطال العِظام الذين رافقوا سيد الشهداء العميد إبراهيم الرفاعي في مُعظم عملياته الانتحارية الناجحة ضد العدو وحتى لحظة استشهاده، ومما يجب ذكره أيضاً، أن اللواء “رجائي” كتب لي مقدمة رائعة لأحد كُتبي الذي أعتز به.
وها هي بعض المأثورات التي قِيلت بحق أبطالنا، وسأبدأها بقول الحبيب المصطفي – صلى الله عليه وسلم: “إن جند مصر من خير أجناد الأرض لأنهم وأهلهم في رباط إلى يوم القيامة”.
وقال نابيليون بونابرت: “لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم”.
وقال نابليون الثالث بعد حرب المكسيك قبل أن تصل الكتيبة المصرية إلى المكسيك: “لم نحظ بأنتصار واحد، وبعد أن وصلت لم نمن بهزيمة واحدة”.
وقال مارشال فورية – القائد العام للحملة الفرنسية فى المكسيك: “إنى لم أر فى حياتى مطلقاً قتالاً نُشب بين سكون عميق، وفى حماسة تضارع حماستهم، فقد كانت أعينهم وحدها هى التى تتكلم، وكانت جرأتهم تذهل العقول، وتحير الألباب حتى لكأنهم ما كانوا جنوداً بل أسوداً”.
وقال البارون بوالكونت بعدما أذهلته معارك الجيش المصرى فى سوريا 1832: “إن المصريين هم خير من رأيت من جنود”.
وقال كلوت بك – الطبيب الفرنسى: “ربما يعد المصريين أصلح الأمم، لأن يكونوا من خيرة الجنود، ومن صفاتهم العسكرية الأمتثال للأوامر، والشجاعة والثبات عند الخطر، والتذرع بالصبر فى مواجهه الخطوب، والمحن، والاقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار، وتوسط ميادين القتال بلا وجل ولا تردد”، وقال المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم: “لا ترسلوا لى فرقة تركية، ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية”.
وقال لورد كتشنر بعد انتصاره فى جنوب إفريقيا: “ما أكثر المآزق الحرجة التى وجدت فيها نفسى فى القتال، ولكننى كثيراً ما فكرت وانا بأي مأزق فى شجعانى، المصريين وتمنيت ان يكونوا فى جانبى”.
وقال المارشال سيمور – قائد البحرية الأنجليزية – اثناء حرب الاسكندرية، تعقيبا على سرعة المدفعية المصرية فى الرد من الفتحات التى تم تدميرها”: “رائع أيها المصرى المقاتل”.
ويقول رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الفرنسية: “يوم السبت السادس من أكتوبر 1973م اتصلوا بى وطلبوا منى التوجه لقيادة شبيبة الطلائع المحاربة، ففوجئت خاصة أنه تم تسريحى قبل أسبوع فقط، وفى المرحلة الأولى ساعدت المجندين ، وعندما أدركوا أن هناك ضحايا ومئات المفقودين، وأننا لا نسيطر على الأمور عينونى ضابط تتبع للمفقودين بالقيادة ، وعملت لمدة أسبوع فى ذلك وكان أصعب أسبوع فى حياتى ، وكان أصعب شئ عندما وجدت فى موقع تجميع القتلى زميلى بالدراسة قتيلاً فعدت إلى القياد، وأضاف: إننى غير مستعد للاستمرار فى التتبع وأريد أن أكون فى المقدمة مع المقاتلين ، وتقرر تشكيل كتيبة من طلائع الشبيبة وتطوعت لأكون مساعد قائد الكتيبة ، وعلى ضفاف القناة ساعدت القائد وقابلت هناك عقيد يبحث يائساً عن ابنه الذى كان داخل دبابة وسقطت فى المياه تجولت مع الأب لمدة 48 ساعة ولم أستطع مساعدته ، وقابلت كثيراً جدا من الرجال المذهولين ، ورأيت قادة بوجوه هزيلة ، وجنوداً فقدوا أبصارهم” .
وقال الإسرائيلى “يهودا شيجف – رئيس عرفاء وضابط تتبع للمفقودين: “عندما بدأت الحرب كنت فى إيلات ثم انتقلت إلى منطقة مضايق الجدى و متلا ووسط سيناء ، وبعد 24 ساعة من القتال اتضح لمتخذى القرار أن هناك خسائر فادحة ومعظم الضحايا من الضباط”.
ويقول عاموس ملخا “- مساعد إسرائيلى: “عندما خرجت من الخندق بعد ظهر يوم الأحد السابع من أكتوبر 1973م وجدت طابور من جثث القتلى فسارعت للدخول وورائى قائد الكتيبة – لفيدوت – وعندما كنت فى جبل جنيفة تم قتل ضابط الإنذار الذى كان يعمل معى وإصابة شولومو بنائى”.
ويقول المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم: “لا ترسلوا لى فرقة تركية.. ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية”.
ويقول يعقوب عميدور- ضابط مخابرات: “مساء السبت السادس من أكتوبر وصلنا إلى القنطرة وواجهنا مساء السبت قوات من سلاح المشاة المصرى ، وبدأنا المعركة وتفرقت الكتيبة وأصبحنا أزواجاً وفرادى ، وتقلص عدد الدبابات بدرجة كبيرة حيث أن الكتيبة التى ذهبت للحرب ترافقها 44 دبابة ولم يبق منها إلا 14 دبابة ، وفى الثامن من أكتوبر وأثناء الهجوم المضاد الذى انتهى بالفشل أصبت بصاروخ اخترق برج الدبابة وإصبت بكثير من الشظايا فى ظهرى ونقلونى إلى المستشفى فى بئر سبع وبقيت ثلاثة أيام فى المستشفى ، وعدت مرة أخرى إلى المعركة فى منطقة القناة ، وجهزوا لى دبابة لصد الهجوم المصرى ، ولكن من سوء حظى اخترق صاروخ مصرى مخزن الذخيرة فى الدبابة وشاهدت كرة اللهب ولم أستطع الهروب حيث انفجرت الدانات مع 400 لتر من الوقود واحترقت الدبابة بالكامل وقتل طاقمها ، ونجحت فى القفز إلى الخارج والنار تمسك ملابسى وأطفأت نفسى فى الرمال بينما يطلق المصريون علينا نيران أسلحتهم الخفيفة ، وبقيت ملقى على الأرض لمدة 18 ساعة إلى أن أخذونى وأجريت لى 14 عملية جراحية .. إن حرب أكتوبر أكبر وأخطر حرب شاركت فيها ، والجندى المصرى بالفعل أقوى جنود الله”.
وقال شلومو بنائى: “قائد سرية مدرعات فى اللواء الذى كنا تحت قيادته قتل أكثر من 120 شخصا فضلا عن إصابة أكثر من 300 فقد تفوق الجيش المصرى فى الروح القتالية ، فقد رأيت جنود مصريين قفزت علينا من كل مكان فأصبت بالخوف الشديد وهرب الكثير من الجنود والقادة الإسرائيليين من أول أيام الحرب “.
– وقال العميد نتكا نير – قائد كتيبة إسرائيلية: “انتقلت مع قواتى إلى منطقة المزرعة الصينية فوجدت الكثير من الجرحى ويجب إخلائهم ، كان المنظر فى غاية البشاعة وعندما تقدمنا وجدنا أنفسنا فى مواجهة مئات الجنود المصريين الذين دمروا جميع الدبابات فى إحدى الفصائل التابعة لى وأشعلت فيها النيران ، وأذكر أن ملازماً معى تلقى دانة وطار من الدبابة ، وتم إصابة جميع دبابات السرية ، كان الشعور الذى يساورنا مريراً للغاية حيث كنت فى عمق المنطقة ولا توجد إلا دبابتى ، ونفذت الذخيرة ونجحت فى التقهقر والهروب”.
ويقول موشيه عيفرى سوكفيك – قائد سرية إسرائيلية: “إن إسرائيل تخوض الآن حرباً لم تحارب مثلها من قبل ، وهى حرب صعبة ومعارك المدرعات فيها قاسية ، والمعارك الجوية مريرة وهى حرب ثقيلة بأيامها وثقيلة بدمائها
وقال”موشى ديان – وزير الدفاع الإسرائلي: “إن حرب الشرق الأوسط حطمت أسطورة أن الجيش الإسرائيلى لا يمكن مقاومته ، وأن الأرض التى احتلتها إسرائيل عام 1967م تشكل ضماناً لأمنها” .
جريدة ” الديلى تلجراف ” 14/10/1973م، ويعترف إرييل شارون: “أخذ المصريون زمام المبادرة واستطاعوا أن يلحقوا أفدح الخسائر بالجيش الإسرائيلى ، وكان القتال يمكن أن يتوقف فى أية لحظة وموقفنا فى غاية السوء ، وهذا سيكون كارثة بالنسبة لإسرائيل وسمعتها ، ومن أجل ذلك كان لابد من عمل شئ فألححت على القيادة لتوافق على تنفيذ خطتى بالعبور إلى الغرب فى الدفرسوار ، وساعدتنا أمريكا فأخبرتنا أن هناك فراغاً بين الجيشين الثانى والثالث المصريين ، وشارت علينا بالعبور إلى الغرب ، ولكننى شعرت فى الأيام الأولى لهذه العملية إن إقامة الجسور إلى الغرب كان خطئاً عسكرياً فقد كان القصف المصرى بالغ العنف ، وفشلنا تماماً فى حصار الجيش الثالث المصرى ، وانتهزنا أقرب فرصة لتعود أدراجنا إلى الشرق”، ويردف:
– “حتى السادس عشر من أكتوبر 1973 لم يسلم جندى واحد من وحدتى من طلقات الجنود المصريين ، ولم يبق من قواتى سوى كتيبتين ، وأنا شخصياً نجوت من الموت بأعجوبة شديدة ، لقد برهن المصريون على مقدرة جنودهم على القتال وقدرة ضباطهم على القيادة وقدرتهم على استخدام أحدث الأسلحة .
وكتبت جريدة ” التايمز ” البريطانية 16بتاريخ /10/1973م تقول: “إن نفقات الحرب فى ثلاثين يوماً تعادل فى المتوسط ميزانية إسرائيل خلال سنة .”
ومن رسالة للضابط الإسرائيلى ” أموس “سطرها لزوجته بتاريخ 18/10/1973 يقول فيها:
– “إن عملية العبور التى قامت بها القوات المصرية فى قناة السويس ، ومواجهة القوات الجوية الإسرائيلية عالية التفوق والتطور وعلامة مميزة فى الحرب الحديثة وستغير من الاستراتيجية العسكرية .. ما رأيت بعينى وبحق شئ مذهل قام به الجنود المصريين “، ويواصل:
– “إذا كانت قد كتبت لى النجاة فى تلك الليلة فإن ما حدث كان معجزة ، ذلك أن القذائف المصرية لم تكف عن تدمير تجمعاتنا ومواقعنا طوال الليل ، إننى لا أستطيع أن أفهم كيف نجوت مع بعض الجنود من هذا الجحيم”
ونشرت جريدة ” واشنجتون نيو ستار ” الأمريكية بتاريخ 19/10/1973 تقول:
– “إن إسرائيل لا تستطيع من الناحية الاقتصادية أن تشترك فى حرب على المستوى الحالى لأكثر من ثلاثين يوماً “.
ويعترف إفرهام برن – مسئول بالجيش الإسرائيلي: “كتيبتى حاربت 19 يوما متتالية بدأتها فى شمال سيناء من الجانب الشرقى للقناة حتى وصلت إلى الجانب الغربى ، وهناك تلقت ضربة قاسمة على أيدى الجنود المصريين”.
ويضيف إيرن كرن – قائد كتيبة إسرائيلية: “ازداد التفوق المصرى بشكل كبير حتى شعرنا أن الجيش المصرى سيهضمنا ، وفى الرابع والعشرين من أكتوبر أمرنى – برن – بضرب حقول البترول فى مدينة السويس ولكن تصدى لنا الجيش المصرى ولم يدعنا نحقق ما نريد “.
ويؤكد موشيه يعالون – رقيب احتياط بلواء مظلات إسرائيلى: “كانت الصورة التى ترسم أمام عينى أن دولة إسرائيل سوف تدمر وكان الوضع سيئ جداً ، وفقدت أصدقاء فى الحرب” .
أما جابى إشكينازى – أحد أفراد سرية إسرائيلية فيقول: “كان الخوف الكبير الذى يراودنى هو أن يحولونى إلى ضابط مدرعات بعد الحرب لأن المدرعات التى خسرناها كانت فادحة وفوق التصور.
ويتابع إزحيل باشوت – أحد جنود العمليات الخاصة: “امتاز الجندى المصرى بالقدرة الفائقة والأداء العالى الذى مكنه من اقتحام خط بارليف وعبور القناة فى وقت قياسى الأمر الذى أثار الرعب بداخلنا فقد انتابتنا حالة من الذهول بمجرد وصولنا أرض المعركة فقد فوجئنا بأن جميع معدات فرق الكتيبة الجنوبية قد دمرت”.
وتنشر جريدة “الجارديان”: “لقد برهن الجيش المصرى على أنه أفضل تدريباً ، وأحسن تشكيلاً واستعداداً ، وأشد جلداً ، وأفضل عداداً”.
وتؤكد مجلة “الإيكونومست” البريطانية: “إن حرب أكتوبر قد تركت إسرائيل فى حالة ذهول من الصدمة”.
وفي دراسة قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية: “وفى الثلاثين من شهر أكتوبر عام 1973 زار عالم الذرة الأمريكى ” هارودبراون ” مناطق القتال فهاله ما شاهده من التدمير والخسائر التى أصابت القوات الإسرائيلية والأسلحة الأمريكية الحديثة ، وبعد مشهد صامت وحزين قال : سوف ندخل فى مرحلة بحوث وتطوير لجميع الأسلحة الأمريكية لا تقل عن عشر سنوات فى جميع الصناعات العسكرية فى العالم حتى يتم تطوير الأسلحة التى دمرها الجندى المصرى .. إن ما قام به الجيش المصرى يعد معجزة حقيقية .. لقد دمرت الدبابات الأمريكية الحديثة m 48 عن طريق أفراد المشاة ، وأسقطت طائرات الفانتوم بصواريخ محمولة على الكتف .. الدبابات الأمريكية ممزقة فيما بين البرج والجسم وهذه المنطقة فيها السائل الهيدروليكى الدافع للدبابة .. إنه أمر مذهل حقاً يدعو لإعادة النظر فى كل شئ”، وتضيف:
– “ثبت أن الدبابات الإسرائيلية تعرضت للإصابة بالصواريخ المصرية المضادة للدبابات بصورة شديدة ، فقد قام المصريون بتدمير نحو مائتين دبابة إسرائيلية فى الأيام الأولى للحرب على جبهة السويس كما تفوق المصريون بوضوح فى مجال الأسلحة خفيفة الحركة المضادة للطائرات والتى نجحت فى إلحاق خسائر جسيمة بالطيران الإسرائيلى لم تكن متوقعة على الإطلاق ففى الأسبوع الأول من الحرب دمر ثلث الطيران الإسرائيلى ثم زادت النسبة بعد ذلك إلى النصف ، كما فشل الإسرائيليون فى تدمير المطارات العسكرية المصرية ، كما كانت عملية العبور إلى الضفة الشرقية للقناة مذهلة للغاية إذ لم يكن أحد من الخبراء العسكريين يتوقع أن تتم بهذا القدر الذى لا يذكر من خسائر” .
ويكشف دور ميدلتون – خبير أمريكى فى شئون الشرق الأوسط – فيقول: “أشارت جميع التقارير التى وصلت إلى المصادر الغربية أن الجيش المصرى قاتل بعناد وحماسة ، وكانت القيادة على مستوى كتائب المشاة ، والدبابات على مستوى مرتفع كما كانت القيادة العربية العامة تتسم بالفطنة والذكاء ، وكان أهم تطور تكنولوجى على المستوى المصرى والعربى هو الأسلحة الخفيفة التى استخدمت بفاعلية وكفاءة لحماية المواقع المتقدمة وحشود القوات ضد الهجمات الجوية والمدرعة المضادة الإسرائيلية ، لقد أكدت عملية العبور للقناة أن تلك القوات قد تطورت تكنولوجياً ، وأثبتت تلك العمليات الجريئة أن المصريين قادرون على تحقيق النجاح والتصرف بانضباط “.
ويعترف ريمون آرون – عالم الاجتماع الصهيونى الفرنسى: “لقد خرج العرب بعد أكتوبر وللمرة الأولى وهم صناع التاريخ ، وأصبح العالم العربى عاملاً مهماً فى تحقيق التوازن السياسى فى المنطقة ، وبذلك تم تصحيح ميزان القوى الذى كان قد اختل بوضوح قبل أكتوبر”.
وقال إلبر يجاديركينيت هانت – نائب مدير المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية: “إن حرب الشرق الأوسط قد غيرت بالفعل أفكاراً عديدة عن التوازن بين الطائرات المقاتلة والدفاع الجوى ، وبين الدبابات ووسائل المدفعية المضادة لها ، لقد واجهت السيطرة التى تمتع بها السلاح الجوى الإسرائيلى تحدياً خطيراً من جانب الصواريخ العربية ، كما أصبح تفوق الدبابات الإسرائيلية فى المعركة موضع شك كبير” .
ويعترف الجنرال أندريه بوفر – مدير المعهد الاستراتيجى الفرنسى – في محاضرة له بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بتاريخ 15/11/1973، فيقول: “أريد أن أبدى إعجابى الشديد بالعمل الذى أنجزته القوات المسلحة المصرية مشفوعة بإعجابى بذلك التقدم الذى أظهرته هذه القوات فى الميدان ، فقد حاربت على أعلى مستوى عرفه العصر” .
ويكتب يعقوب إيفين -كاتب إسرائيلى- قائلاً: “لقد عشنا ست سنوات من عام 1967م حتى عام 1973 فى جنة الحمقى أو جنة الأغبياء ، والآن تقدمنا فى العمر وما تزال لدينا آلام من يوم الغفران ، وتثار مخاوفنا بسرعة .. ماذا عن المستقبل؟ إننا نصلى من أجل مزيد من الشجاعة وكثير من الحكمة”
ويخطب الرئيس ” محمد أنور السادات – صاحب قرار العبور، فيقول: “لقد كان الليل طويلاً وثقيلاً ، ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبداً بطلوع الفجر، إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى ، ويستطيع هذا الوطن أن يطمئن أنه أصبح له درع وسيف، كما إن الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وباسم هذا الشعب ، وباسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة، إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية السادس من أكتوبر 1973 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب ، واجتياح خط بارليف المنيع ، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات ، وسوف نسلم أعلامنا مرتفعة هامتها ، عزيزة صواريها.