جاء الدين الإسلامي ليؤكد حق الفرد في التفكير والاختيار الحر استنادآ إلي العقل الذي يصيب ويخطئ ، ونجد في نصوص القرآن الكريم العديد من الآيات التي تحض علي حرية الرأي والتعبير ومنها “وجادلهم بالتي هي أحسن” الآية ١٢٥ من سورة النحل)، “لا إكراه في الدين” الآية ٢٥٦ سورة البقرة)،”لا يكلف الله نفسآ إلا وسعها”;( الآية ٢٨٦ سورة البقرة)، “وقل الحق من ربكم فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر” ( الآية ٢٩ سورة الكهف). معنس ذلك أن الدين الإسلامي يستند إلي العقلانية، وعدم اتخاذ سلطة دينية، وهي أصول لا تؤدي إلي حرية الرأي والتعبير فحسب، بل تزكيها وتقتضيها. لقد حث الله الناس علي السير في مناكبها، وكشف حقائق كونه، وإعمال العقل، والجهر بالرأي، فكانت الكشوف العلمية العديدة علي أيدي علماء المسلمين، وكانت الدعوة إلي إنتفاء الحصانة عن أفراد الناس أصلآ ثابتآ في الإسلام، حيث لا يتفاضل الناس إلا بالتقوي، كما أن دعوة العفو والتسامح جزء أساسي في شريعة الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو قطب الرحي الذي ابتعث الله له الرسل والأنبياء كما يقول الإمام الغزالي. وبالطبع هناك فرق شاسع بين مبادئ الإسلام وممارسات المسلمين منذ نهاية عهد الخلفاء الراشدين. وإذا انتقلنا إلي القرن السابع عشر، يستوقفنا الفيلسوف السياسي “توماس هوبس” الذي وضع نظرية “الدمج الاجتماعي” وتذهب هذه النظرية إلي أنه في وقت ما من التاريخ يدرك الناس أن تعاونهم في العمل يمكن أن يتيح لهم حياة أفضل من المتاح في “دولة الطبيعة”، فعند نقطة ما من التطور يتخلي الناس عن المعيشة وفق قانون “الغابة، ويضطرون إلي التخلي عن جزء من استقلاليتهم مقابل الحصول علي الأمن والأمان، ويعد هذا الاتفاق غير المكتوب أو الدمج الاجتماعي مؤشرآ علي بداية المجتمع المنظم وظهور الحكومات. كان توماس هوبس يري أن الفرد يجب أن يتنازل عن بعض الحقوق لصالح إنشاء الحكومة القوية التي تحقق له النظام والأمن، وبات ذلك مؤشرآ علي تحول المجتمعات من النظام القبلي العشائري إلي الحكومات التي ينظمها القانون.
وللحديث بقية..