أعلنت وكالة فوكس نيوز الأمريكية، أن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات صارمة، بضرورة البقاء على جهوزية كاملة، استعداداً لأي ردة فعل، على عملية قصف أمريكية محتملة، لمنشآت إيران النووية، في الشهرين المقبلين وقبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب .
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، أرسلت الأسبوع الفائت إلى منطقة الشرق الأوسط، القاذفات الإستراتيجية B-52، والتي يمكنها أن تحمل ٣٢ طن من الذخيرة ، من بينها القنابل النووية. وبعد ان تم تطويرها عام ٢٠١٧ أصبحت هذه القاذفات قادرة على إطلاق القذائف الذكية الموجّهة بالليزر أيضا.
ردت إيران على التهديدات الأمريكية وعرض عضلات القاذفات الإستراتيجية بمناورة بحرية ضخمة الأحد الفائت، شارك فيها الف زورق وقطعة بحرية . وقال مسؤولون عسكريون ايرانيون أنه هناك أكثر من مئتي الف صاروخ ستسقط على رؤوس من يفكر بمهاجمة ايران.
منذ وصول ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدةالأمريكية، تصاعدت حدة التوتر مع عدة دول في العالم، خاصة مع ايران. لكن ترامب الذي يُحِب التلويح بالعصا، يحاول تجنّب استعمالها. ولهذا وعكس توقعات الكثير من المحللين، لم يوجّه ضربة عسكرية إلى إيران، واكتفى بسلاح العقوبات الذي لا يكلّفه أية خسائر تُذكر.
بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، عادت طهران إلى لغة التصعيد، وتجاوزت الخطوط الحمر في عمليات تخصيب اليورانيوم، وباتت قاب قوسين من تصنيع سلاح نووي.
وفقاً لتقرير لجنة الأمم المتحدة لمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية، فإن إيران أصبحت في نهاية الشهر الماضي تمتلك ٢٤٤٢،٨كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة ٤،٥٪ . وهذه الكمية هي أكثر بعشرة أضعاف مما يسمح به الاتفاق النووي الموقع بين ايران والدول الكبرى.
تمتلك إيران اكثر من ١٥ موقعاً نووياً، أهمها موقع نطنز المخصص لتخصيب اليورانيوم. وهو يقع وسط البلاد جنوب طهران ومحصّن تحت الارض بعمق ٨ أمتار وسقف من الخرسانة، وتمت تغطيته ب ٢٢ متر من التربة. وكان قد تعرض الموقع لأضرار كبيرة في قاعة تجميع أجهزة الطرد المركزية، إثر انفجار أنبوب الغاز، الذي تبين لاحقاً أنه ناتج عن عمل تخريبي سيبراني، لم يتم الكشف عن تفاصيله. ولكن وسائل إعلام غربية ذكرت أن جهات أمريكية إسرائيلية هي مسؤولة عن تنفيذه.
أما الموقعين الأكثر أهمية من الناحية العسكرية فهما؛ مفاعل آراك الذي يمكنه انتاج حوالي ١٠ كلغ من البلوتونيوم سنوياً، وهذا يكفي لصناعة قنبلة نووية متوسطة الحجم. أما الموقع الآخر، فهو فوردو، الذي تم إنشاؤه في منطقة جبلية على عمق ٨٠ متراً تحت الصخور الصلبة، ويحتوي اجهزة طرد حديثةمن نوع IR-4 و IR-6 ، مما يجعله قادراً على تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق ٢٠٪ ، والمستخدمة الآن في مراكز الأبحاث الطبية.
بغية صناعة سلاح نووي، يجب توافر كمية من اليورانيوم المخصّب بنسبة أكثر من ٩٠٪ ، وهذا ما يسمّى بالكتلة الحرجة الضرورية لإحداث الإنفجار، وهي عادة بحدود ١٣،٦ كلغ. ويمكن لجهاز الطرد المركزي الواحد من الجيل الخامس والسادس، انتاج ما يقارب ٣-٥ غرامات سنوياً من هذا النوع.
أما عملية التخصيب، فهي كناية عن فصل اليورانيم U235 الصالح للإنشطار، عن اليورانيوم الثقيل U238 الذي لا يصلح للاستخدام كطاقة نووية، فيتم طرده والتخلص منه. وهذه العملية تمر بعدّة مراحل؛ تبدأ باستخراج اليورانيوم من المنجم، ثم صناعة الكعكة الصفراء باستخدام حمض الكبريت (H2SO4) ، ثم عملية الطحن وتحويله الى أوكسيد اليورانيوم، وبعدها يتم تحوله إلى غاز هكسا فلوريد اليورانيوم (UF6)، ليتم بعدها إدخاله إلى أجهزة الطرد المركزية، التي تدور بسرعة عالية جداً، وتفصل ذرات اليورانيوم الثقيلة عن الخفيفة، فنحصل على كمية، فيها نسبة عالية من اليورانيوم القابل للاستخدام U235.
تمتلك ايران اكثر من ١٩ الف جهاز طرد مركزي، ومع الكمية المخصّبة الموجودة لديها الآن وهي بنسبة ٤.٥٪، يمكنها خلال فترة وجيزة الحصول على سلاح نووي. وبحسب الناطق باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي، إن المنظمة قادرة على ذلك، خلال ثلاثة أشهر، في حال تلقت الأوامر بذلك.
تخشى إسرائيل عودة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى الاتفاق النووي الايراني بعد استلامه منصبه، وترغب في توجيه ضربة لبرنامج ايران النووي، وكانت هي قد حصلت على قنابل بانكر سبنسر الخارقة للتحصينات،(جي بي يو -٢٨) وتبلغ هذه القنابل قدرة خرق ٥٠ متراً في التربة العادية، ويمكن اطلاقها من طائرات F-15 وF111 وكذلك من طائرات F-35 الجديدة التي حصلت عليها إسرائيل.
لا ترغب الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب مع إيران، وهي تعلم جيداً أهمية الخوف الخليجي من هذا التهديد، الذي سبب ارتماء كافة هذه الدول العربية في الحضن الأمريكي، ودفعها مبالغ طائلة ثمن اسلحة، وخدمات الحماية التي توفرها القوات الأمريكية لهم، والأهم أنهم استبدلوا العِداء لإسرائيل، بالعداء لإيران، وساروا في قطار التطبيع والسلام، مع عدو الأمس.
لكن إسرائيل لا يمكنها القبول بامتلاك ايران للسلاح النووي، ولهذا السبب قد تجد الآن الفرصة مؤاتية لإشعال فتيل الحرب، بقصف للمنشآت النووية الإيرانية، يبقى مجهول المصدر، فتردُّ إيران باستهداف القوات الأمريكية في منطقة الخليج. وحتى لو لم تفعل إيران ذلك وقصفت إسرائيل، فلن تبقى الولايات المتحدة ساكتة على الحياد، وسيتم عندها توجيه ضربة قاسية للمنشآت النووية الإيرانية، تؤخر برنامجها هذا لعدة سنوات.
وبانتظار ما سيحدث في الآيام القليلة القادمة، تبقى العيون شاخصة الآن نحو الخليج وإيران تحديداً، والإصبع على الزناد، فكل التحضيرات جاهزة للحرب. لكن على إسرائيل أن تتمكن من تعطيل منظمومة صواريخ أس -٣٠٠، التي تحمي موقعي فوردو ونطز النوويين، قبل بدءها بالمغامرة ، وهي ستحتاج بذلك لدعم إلكتروني أمريكي دون شك .
ويُقدر الخبراء العسكريون الأمريكيون، أن الضربة لمواقع إيران النووية في حال حصولها، ستنتهي بسرعة، ولن تُشعل حرباً طويلة الأمد في الخليج، فإيران المنهكة إقتصادياً، لا يمكنها خوض مواجهة كبرى، ضد خصم بحجم الولايات المتحدة الأمريكية.