عقب سقوط حكم الرئيس الاسبق مبارك، ادار المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد، قاطعا على نفسه وعدا باجراء انتخابات برلمانية تبدأ من 28 نوفمبر2011 على ثلاث مراحل وحتى 11 ابريل2012، كما تعهد المجلس العسكري باجراء انتخابات رئاسية، ودخل الاخوان بمرشحيهم الانتخابات البرلمانية مكونين اغلبية في مجلسي الشعب والشورى وليترأس المجلسين رمزين من رموز جماعة الاخوان، وياتي مرشحهم للرئاسة الدكتور مرسي الذي لم نسمع عنه قط من قبل مستغلين في ذلك ثلاث عناصر هامة، الاول وهو التعاطف الشعبي الذي اكتسبته الجماعه عبر زمن تعرضهم للاضطهاد والعسف والتنكيل من قبل النظام السابق مقابل ما كان يصدرونهم للشعب انهم جماعة دعوية اصلاحية تنشد الالتزام الديني والعدالة ، والثاني وهو استغلال الجماعة لنسبة الفقر العالية بين ابناء الشعب المصري وبالتالي تقديمهم رشاوى سياسية مقابل الصوت الانتخابي، والثالث انهم الفصيل الاكثر تنظيما وتمويلا بعد ثورة 25 يناير.
نجح بالفعل مرشح الاخوان في ظروف مواتيه لهم تماما، ليتولى محمد مرسي رئاسة الجمهورية والذي أصر ان يقسم القسم الرئاسي في مشهد مهيب بميدان التحرير ، ليصور للشعب ان ابا بكر الصديق أتى ليحكم مصر !! بالاخص بعد وعود كان يطلقها الرجل اثناء حملته الانتخابية بدءً من مشروع النهضة وحتى العدالة وتكافؤ الفرص وعدم الاستبعاد والمغالبة ! لكن الرجل لم يدرك معنى الوعد لشعب ثائر يتلهف ان يقطف ثمار ثورته، وتمر الايام بمحمد مرسي ليفاجئ الشعب المصري انه امام وعود زائفة لا اثر ولا انعكاس لها على الارض البته .
وقعت الجماعة في خطأ اختيار محمد مرسي لمجرد فقط كونه مخلص امين مطيع لمرشدها ولمكتب الارشاد ليتم استخدامه كأداة لحقيق هواجس الجماعة والتنظيم الدولي في الانطلاق نحو خلافة اسلامية دون مراعاة لوطن ودون مراعاة لشعب ثائر واعي حدد مطالبة في ثلاث نقاط أساسية هي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية .
وانطلق الرجل المطيع ليكرس لحكم الاهل والعشيرة من مبدأ الثقة، ضاربا بعرض الحائط معايير الامانة والكفاءة و هما من مقاصد الشريعة الاسلامية في الولاية العامة !! ليكرس لنفسه حكما تمييزيا عنصريا بشعا تجلت صورته في الاعلان الدستوري الصادر في 22 نوفمبر 2012 والذي يتحول فيه قراره وقرارت مجلسه المكون من اهله وعشيرته الى قرارات لا تقبل النقض !!
اثناء انطلاقات الرجل الذي لم يعرف عنه اي خبرة سياسية من قبل سوى انه كان عضوا برلمانيا في برلمان 2000 ولم يتكرر نجاحه! أعلنت مجموعة من شباب الثورة وبعد عشرة أشهر فقط على حكم محمد مرسي، قيامهم بتأسيس حركة تمرد في أبريل 2013، بهدف جمع توقيعات المصريين لسحب الثقة من محمد مرسي والعمل على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
بالفعل نجحت الحركة في جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة من مرسي، ودعت الشعب المصري للتظاهر يوم 30 يونيو، وخرج الشعب بشكل غير مسبوق ليثور على حكم الاهل والعشيرة وليسقطه بدعما من قواته المسلحة وبيان وزير الدفاع في 3 يوليه والذي اعلن فيه عزل محمد مرسي وتعطيل العمل بدستور 2012 م.
ربما يتصور البعض ان ما حدث هو سقوط لحكم الاخوان، ولكني اتصور انه زوال للاخوان وتجربة الحكم لن تتكرر ولي مبرراتي في التصور ارصدها من خلال العديد من النقاط اهمها في تصوري ثلاث نقاط رئيسية :
الاول : ان الجماعة ومنذ تأسيسها وهي تصدر للجميع انها جماعة دعوة واصلاح، وانهم اصحاب مبادئ عقدية وشرعية لا يحيدون عنها اياً كان الثمن! وجاء الاختبار الحقيقي للجماعة وتصدرت سدة الحكم واصبح الشعب ينتظر منهم المزيد في كل شيئ او على الاقل ان يحققوا ما وعدوا به! سقطت الاقنعة امام الجميع في كل المسارات الداخلية والخارجية ونالت من رموز الجماعة وترجمت على لسان الشعب المصري بعبارات معبرة مثل (استبدال كلمة اخوان بخوان – ان اطلقوا عليهم الاخوان المتأسلمين وليس المسلمين– الاخوان الكاذبون، وغيرها من العبارات الشعبية المصرية اللاذعة) هذه العبارات هي اكبر دليل على هدم الصورة الذهنية التي سعت الجماعة لترسيخها في اذهان الشعب المصري وعبر 84 عاما منذ تأسيسها على يد السيد / حسن البنا، وتجل ذلك في الللحمة الوطنية التي جمعت الجيش والشرطة والشعب ضد هذا الفصيل محليا ودوليا واعتبارهم ارهابيين لسعيهم الدائم واصرارهم على حرق الارض .
خرج الشعب المصري بتجربة رسخت اليه ان هذه الجماعة لا تستحق ثقتهم وتعاطفهم لانهم في وجهة النظر العامة كاذبون وارهابيون!
الثاني : فوجيئ الشعب المصري ان الرئيس المنتخب محمد مرسي، شخص ضعيف في اختياره لمستشاريه وفي قراراته المتخطبة المهتزة الغير مستقرة ، وفي تبعيته العمياء لمرشد الجماعة و اعضاء مكتب الارشاد، بل اصبح ضعفه على المسار الخارجي يؤثر على قيمة مصر الدولة الكبيرة المحورية، وتمثل هذا في استقابلات محمد مرسي خارجياً بشكل مهين له ولمصر، عمدة مدينة روسيه يستقبله! وزيرة التعدين الصومالية تستقبله!! لا شك ان هذا خيب امال اغلب لمصريين و القى بظلاله على سوء الاختيار، فالرجل كان فقير الامكانات بدرجة استشعرها الجميع، كما استشعروا ان جميع رموز الجماعة لا صلة لهم من بعيد او قريب بالسياسة والادارة العامة للدولة بل ثبت عندهم ان هؤلاء الرموز ما هم الا خريجي سجون ومعتقلات!
الثالث : سقوط رموز الجماعة وفضح مواقفهم من ثراء فاحش غير مشروع يصل لحد الخيانة وبيع الوطن!، واكاذيب عنترية زائفة، واطماع شخصية ورغبة شرسة في السلطة، تسبب في هز ثقة شباب الجماعة أنفسهم في الاشخاص والمبادئ التي تبناها هؤلاء كذبا وخداعا، فمثلا لم تطبق الشريعة، ولم يحرر الاقصى بل أكثر من هذا ان بيريز اصبح صديقا عظيما، وامريكا اصبحت حليفا والغرب اصبح مدافعاً! وقطر اصبحت شقيقة كبرى!!
بعض هذا وكل هذا لم يسقط فقط الاقنعة خارج الجماعة فحسب، بل اسقط قناعات الجميع ومنهم كثير من شباب الجماعة، وأتصور أنه حين تسقط القناعات يزول الكيان، وقد سقطت الثقة والاقنعة والقناعات في هذه الجماعة بشكل يعني زوال الكيان برمته .