تثار شبهة من اعداء الاسلام حول الحج وخلاصة قولهم ان الاسلام لم يختلف عن اهل الجاهلية في الوثنية وعبادة الاصنام فالكفار كانوايعظمون الاصنام وهي من الحجارة والمسلمون يعظمون الكعبة وهي من الحجاره — ويروجون لشبهتهم بقضية تقبيل الحجر الاسود والاشارة اليه كما انهم يمثلون الهدي المقدم للحرم بما كان الكفار يفعلونه من الذبح عند النصب .
من ثم رأيت ان الامر خطير وانه يحتاج الى مناقشة من خلالها ندفع الحجة بالحجة فاقول مستعينا بالله وتوفيقه =اولا – ان المسلمين على طول الدهور المتعاقبة يحجون البيت الحرام ولم يتطرق الى ذهن واحد فيهم انه يعظم الكعبة بمعنى العباده فيعبدها كما يعبد الله — هذا لم يرد ابدا عن واحد فيهم بل انهم يعظمون البيت عظمة اجلال لله الذي امر بذلك في نحو قوله تعالى (ذلك ومن يعظم شعائر الله فأنها من تقوى القلوب)ذلك لان العبادة هي محض اعتقاد من العابد تجاه المعبود بانه الخالق والمقدر والنافع والضار وانه بيده الثواب والعقاب ولم يحدث ان واحدا من الناس اعتقد في الكعبة او الحجر الاسود من نحو هذه الصفات الالهية بل ان امير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حينما طاف بالبيت واراد ان يقبل الحجر الاسود قال = والله اني لاعلم انك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا اني رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. فدل هذا على ان المناسك جاءت توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اخها المسلمون من نحو قوله صلى الله عليه وسلم(خذوا عني مناسككم)
ثانيا =الدليل على ان الامر لا يعدوا عن كونه امتثال لشرع الله اننا نقبل حجرا ونرمي حجرا بحجر فسبحان من هذه اوامره ولو كان الامر عبادة للحجر لكانت كل الحجارة سواء
ثالثا = انه لو كان الامر عند المسلمين فعلا هو عبادة الحجر لكان الناس قد اتخذوا للكعبة والحجر الاسود مجسمات على نحوهما فيصبح المرء من نومه على تقبيلهما في بيته ويمسي على تقبيلهما كما فعلت بعض طوائف النصار بالصليب وتماثيل للمسيح عيسى عليه السلام وامه السيدة مريم — لكن هذا لم يحدث عند اي من احاد المسلمين على الاطلاق فدل ذلك على وعي المسلمين وتفريقهم بين العبادة والتعظيم.
رابعا =تقبيل الحجر الاسود هو ما عليه اكثر الكلام وندحض شبهتهم فيه بانه حجر له خصوصية من وجوه 1- انه ليس من جنس ما على الارض من حجاره وانما هو ياقوتة من الجنة كما في الاحاديث النبوية ولا يخى ان علماء المانيا جندوا واحدا لاخذ عينة من الحجر الاسود وبعد بحثهم ودراستهم على العينه توصلوا الى ان الحجر الاسود ليس من جنس انواع حجارة الارض كما اكتشفوا ان للحجر شعاعا يخترق الاجسام الى ابعد من 2 كم .
2 – جاء في الحديث الشريف (ليس على وجه الارض شيء من الجنة الا الحجر)فدل على ان وجوده في الارض وهو ليس منها لحكمة الهية اراها ان الله جل وعلا جعل الحجر بمثابة شاهد على من لبى نداء الحق والايمان وتفصيل ذلك نفهمه من قوله تعالى (وأذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين —-)من سورة الاعراف وشرح ذلك ان الله لما خلق ادم عليه السلام مسح على ظهره فاخرج جميع ذريته الى قيام الساعة على هيئة الذر ثم سالهم هذا السؤال الست بربكم؟فاجاب الكل بلى فاودع الله هذه الشهادة في الحجر الاسود وانزله الى بيته ليكون شاهدا على من لبى ودأب دأبا حثيثا في الوفاء بعهد الله ولذلك من المأثور عن النبي انه صلى الله عليه وسلم حينما استلم البيت الحرام من ببداية الحجر الاسود قال(اللهم ايمانا بك وتصديقا لكتابك ووفاء بعهدك)فذكره صلى الله عليه وسلم لكلمة وفاء بعهدك يدل على المعنى الحقيقي من مهمة الحجر الاسود وهو كونه شاهدا على الناس ويدل على ذلك امره صلى الله عليه وسلم لمن لم يستطع الوصول للحجر لتقبيله ان يشير اليه بيده وهذا دليل على ان الحجر الاسود ليس اصما كما يظن البعض وانما بمثابة كامرة تصوير يصور الناس والا لما كان للاشارة باليد الى الحجر الاسود معنى ويؤكد هذا الكلام ما توصل اليه الخبراء الالمان من ان للحجر شعاعا نافذا يخترق الاجسام الى ابعد من 2 كم.
3- معنى التقبيل للحجر ما هو الا رمز للحب لمن علمنا انه من عند الله مثله كمثل تقبيل المصحف الشريف فالذي يقبل المصحف لا يقبله على انه اوراق او حبر وانما يقصد ما فيه من كلام الله — ونحن نرى من امثلة الواقع حينما تنادي امرأة مسنه على احد ابنائها ليقرأعليها رسالة اتت من ابنها الاكبر الذي يقيم في الخارج وبمجر ان ينتهى من قراءة الرسالة تاخذ الام الرسالة فتضمها الى صدرها وتقبلها فهي لاتقبل الورقه وانما تقبل عبق ما اتى من عند ابنها حبيبها وفلذة كبدها فالتقبيل رمز على معنى الحب كما ان رمي الجمرات رمز على معنى الكره والبغض للشيطان ووساوسه فالمسالة عبارة عن رمزية في المعاني وليست عبادة للحجارة كما فهم اعداء الاسلام.
خامسا = الذبائح والهدي ما هي الا توسعة على فقراء اهل هذا المكان الطاهر استجابة لدعوة ابراهيم علي السلام (ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوي أليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)فهي توسعة ورزق لاهل هذا البلد الامين وفي نفس الوقت تخليد لفدو اسماعيل من الذبح بذبح عظيم بما اراده الله من امتحان ابراهيم واسماعيل في الصبر في قصة رؤيا ابراهيم انه يذبح ولده وحيده في ذلك الوقت اسماعيل اما عن كون الذبائح تذبح بطريق اهل الوثنية فهذا لم يقل به احد من المسلمين والله وضع الفصل في ذلك بقوله (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)فنزهت هذه الاية جناب الله عن مثل افعال المشركين بذبائحهم عند اصنامهم.
سادسا= كل مناسك المسلمين في الحج ما هي الا رمزية لقضايا مهمة تمس الايمان بالله واليوم الاخر فمثلا ملابس الاحرام تمثل رمز الكفن للميت فالكل قد ترك اهله وماله كما يترك الميت اهله وماله (ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة).
كذلك هذا الحشد الهائل من الناس على اختلاف اجناسسهم والوانهم ما هو الا رمز للبعث والحشر فهو تمثل لمن لم يصدق بالبعث (ما خلقكم ولا بعثكم ألا كنفس واحدة)
واتحادهم في كل المناسك فعلا وقولا ووقوفم بجانب بعضهم البعض دون عنصرية ولا تفريق على اساس لون او عرق كل ذلك رمز على العدالة الاسلامية وان الكل عند الله سواء كلكم لادم وادم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لاحمر على اسود الا بالتقوى والعمل الصالح.
كل هذا يدل على الحج باعماله ومناسك يلفظ كل شبهة تحوم حول الوثنية وان الدين لله خالص اللهم اكتب لنا عودا لبيتك الحرام وارزقنا زيارة لنبيك مسك الختام وانفع بكلامنا هذا واجعله في ميزان حسناتنا في الدنيا والاخرة.