حكماً بالسجن مدى الحياة أصدرته محكمة أمن الدولة القطرية , ثم استئناف للحكم نتج عنه تخفيف وصل لـ 15 عاماً فقط , ثم طعن على الحكم قوبل بالرفض منذ أيام لتخفيف الحكم مرة أخرى , على المواطن القطرى ” محمد بن الذيب العجمى ” المهنة ” شاعر ” , والتهمة ” إهانة الذات القطرية ” , وآداة الجريمة ” قصيدة ” ألقاها الشاعر فى إحدى اللقاءات الثقافية ! .
خبر ربما لن تقرأه فى صحف قطر , ولن تذيعه قناة الجزيرة التى يعتبرها البعض منبراً للإعلام الحيادى ! , هذا الخبر سوف تقرأه فقط فى صحف الدول المعارضة لقطر , والتى وجدت فى هذا الخبر ضالتها للشماتة وتشمير الأكمام ورد بعض من جميل الإعلام القطرى عليهم .
بدأت حكاية القصيدة التى ألهبت أمير قطر السابق ” حمد بن خليفة آل ثان ” منذ 3 أعوام تقريباً , حين ألقى ” الذيب ” قصيدة فى إحدى المنتديات الثقافية , أشاد فيها بثورات الربيع العربي , وتمنى أن تقوم ثورات مماثلة فى كل الدول العربية التى تحكمها أنظمة فاشلة , تحركت بعده دعوة قضائية أمام محكمة أمن الدولة القطرية , اتُهم فيها بإهانة رموز قطر والتحريض على قلب نظام الحكم
التعتيم الإعلامى القطرى على الخبر وخاصة من جانب قناة ” الجزيرة ” يضع أمامنا علامات استفهام كثيرة , أولها وأهمها هو سياسة الكيل بميكيالين التى تمارسها ” جزيرة قطر ” فى التغطية الإعلامية للأخبار التى تخصها , والأخبار التى تخص دول عربية قريبة لها جغرافياً , وخصوصاً موقفها من ثورات الربيع العربى .
قناة ” الجزيرة ” التى بدأ بثها عام 1996م , بمنحة من أمير قطر السابق ” حمد بن خليفة آل ثان ” , وصلت لـ ” 150 مليون دولار ” واستمر فى دعمها حتى عام 2004 بمنحة سنوية قدرها ” 30 مليون دولار ” , كان لها مواقف متأرجحة بين الدعم والصمت لـ ثورات الربيع العربى , ففى حين دعمت الثورات التى قامت فى ” تونس , مصر , ليبيا , سوريا ” وقامت بإنشاء فضائيتين متخصصتين لبث أخبار الثورتين المصرية والسورية , كان لها موقفاً مغايراً من ثورة ” البحرين ” , التى لم تغط أخبارها بشكل كاف , رغم أن البحرين هى الدولة الأقرب لقطر جغرافياً مقارنة بالدول الأخرى التى قامت فيها ثورات مماثلة .
لم يختلف موقف المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان عن موقف أى شخص عادى , استنكر ما حدث مع الشاعر الذى سيقضى 15 عاماً من عمره , بسبب قصيدة عبر فيها عن رأيه , ففى حين استنكرت ” منظمة العفو الدولية ” و ” المفوضية السامية لحقوق الإنسان ” موقف قطر من حبس ” الذيب ” , حتى أن منظمة ” هيومات رايتس ووتش ” الدولية كان لها ممثلين فى هيئة الدفاع عنه , إلى جانب المحاميين ” د / عبيد الوسيمى ” و ” نجيب النعميى ” , لكن جهود كل هؤلاء باءت بالفشل ولم يفلح رد فعل أى من هذه المنظمات فى تغيير النظرة القطرية لحبس ” الذيب ” الذى اعتبروه مجرماً يستحق العقاب بسبب ” قصيدة ” .
مبدأ ” الحياد الإعلامى ” معروف فى الأوساط الصحفية بأنه : ” الحيادية والتوازن فى ممارسة العمل الصحفى والإعلامى , وتحرى الدقة فى نقل الأخبار والمعلومات , وتنحية الانتماءات السياسية أو القبلية أو الدينية ” , أما ” الحياد الإعلامى ” الذى تمارسه قناة ” الجزيرة ” هو كل ما سبق إن كان يخص الغير , أما إن كان الحدث أو الخبر أو القضية تمُس قطر فليذهب الحياد والإعلام للجحيم !