لما كان الأصل فى الإسلام , أنه دين يدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة , وإلى مكارم الأخلاق , وحسن الظن بالله الواحد الأحد , وإعمال العقل , والتفكير المنطقى الجاد , كان من الواجب على المشايخ والعلماء ان يتبعوا منهج السلف الصالح فى الدعوة إلى الله كما أمرنا وأن يقتدوا برسول الله , ولما كان من بعض هؤلاء المشايخ وليس جميعهم أن حادوا عن هذا الطريق واتبعوا منهجاً عنيفاً فى الدعوة أدى إلى نفور كثير من الناس منهم , كان لزاماً علينا أن نبحث عن منهج أكثر حكمة , يطبق ما أمرنا به الله والسلف الصالح , منهج يعترف بالرفق واللين فى الدعوة إلى المولى سبحانه وتعالى , ويوضح وجه الإسلام السمح الذى لا يعرفه المتشددون , ومن هذا المنطلق , يسعد أسرة تحرير جريدة ” أحوال مصر ” أن تنشر حلقات مسلسلة نصف أسبوعية بعنوان ” الإسلام الذى لا يعرفه المتشددون ” للكاتب الشاب ” أسامة على ” , نثق تمام الثقة أنها ستنول رضاكم لما فيها من لغة واعية وأسلوب راقى , وإليكم الحلقة الأولى بعنوان ” المتطرف وطريقته فى الاعتقاد ” .
يُعد التطرُف أو التشدُد هو من آفات المجتمعات سوا كان التطرف ديني , سلوكي , خلقي او فكري وتلك الانواع يُعاني منها الكثير من المُجتمعات المُعاصرة , و التطرف الديني لا يقتصر علي دين معين أو مجتمع واحد , ولكننا لن نذكر ما ليس له علاقة بديننا الإسلام لآننا في هذا المقام نتحدث عن إسلامُنا الحنيف , الذي شوهته تلك الحركات المُتشددة .
وبشكل مُبسط سأقوم بسرد أفكار المُتشدد في المُعتقد والتي تتمثل في : أن المُعتقد صدقاً مُطلقاً وأبدياً , يصلح لكل زمان ومكان , كما انه لا مجال لمناقشته ولا للبحث عن أدلة تؤكده أو تنفيه , وانه يؤمن تماماً بأن المعرفة كلها بمختلف قضايا الكون لا تُستمد إلا من خلال هذا المُعتقد دون غيره , ويقوم لا إرادياً بإدانة كل ما يُخالف هذا المُعتقد , ثم يقوم بفرض المُعتقد على الآخرين ولو بالقوة , كما ان المُتطرف يعتقد أن أفراد المجتمع مرتدون أو كافرون أو غير ملتزمون بأحكام الدين , وأن هدم تلك المُجتمعات الـتي من نظره هيا كافره يُعد نوع من انواع التقرُب إلى الله، وجهاد في سبيله , كما انه يقوم بالحكم على مخالف ذلك بأحكام قد تصل للكفر والإلحاد وربما القتل , سوء الظن بالآخرين والنظر إليهم نظرة متدنية , البحث عن زلاتهم وتضخيمها اعتمادهم في التفقه الديني على خطب بعض العلماء وتميزهم وتدقيق في الفهم العميق لما يطرح من دروس علمية ..