أخبار عاجلة

خالد الكيلاني يكتب.. ما بين سيناء وإيران والعراق !!

بعد قيام الثورة الإيرانية وتولي الملالي بقيادة الخميني حكم إيران عام 1979 ، تأكد لأمريكا والغرب أن إيران الدولة الكبرى ، وجيشها الذي كان وقتها الجيش رقم 6 على مستوى العالم ، قد خرجا للأبد من قبضة السياسات الأمريكية والغربية … ولم تعد إيران هي شرطي أمريكا في المنطقة .
في نفس الوقت تصاعدت طموحات صدام حسين بأن يصبح هو القوة الأولى في المنطقة بديلاً لإيران التي ما زالت أسيرة جراح ثورتها الإسلامية الدموية التي تسببت في تفكك المجتمع الإيراني وإشاعة مناخ الفوضى داخل إيران وقتها .
ما عزز طموحات صدام حسين هو إكتشاف الإحتياطيات الضخمة من البترول في العراق ، والسير في مشروع تصنيع عراقي متكامل ، وتكوين جيش عراقي قوي ، بل وتنامي إمكانيات تخصيب اليورانيوم وصناعة القنبلة الذرية في مفاعل تموز ( أوزيراك ) الذي أنشأته العراق بخبراء مصريين وبالتعاون مع فرنسا ( هذا المفاعل قصفته الطائرات الإسرائيلية ودمرته تماماً في 7 يونيو عام 1981 ) .
فما هو الحل ؟ …
كان لابد من ” فُكيرة ” ذكية للإنهاء على الجيش الإيراني الكبير والمتقدم الذي ورثه الملالي من نظام الشاه ، وفي نفس الوقت تأديب وتلجيم وتقزيم صدام حسين ، والقضاء على طموحاته وجيشه القوي ، الذي يمكن أن يشكل خطراً مستقبلياً على إسرائيل ، وإجبار العراق على الإرتماء في أحضان أمريكا للأبد .
عمل رجال ال CIA ( المخابرات المركزية الأمريكية ) وال MI6 ( المخابرات البريطانية ) بالتعاون مع مراكز البحوث الإستراتيجية في أمريكا وأوروبا على طرح ومناقشة كل البدائل ، ووضعوا نتيجة دراساتهم أمام ال CIA .
وكان الحل هو إشعال حرب كبرى بين العراق وإيران .
كيف ؟
إستخدموا فكرة الحروب بالوكالة ، وكانت فكرة جديدة في ذلك الوقت ، وعن طريق عملائهم في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية التي يتواجد أعضاؤها في الأراضي العراقية ، ويتحالفون مع النظام العراقي ، ومن الناحية الأخرى بعض الميليشيات الكردية التابعة  للحزب الديمقراطي الكردستاني ، والإتحاد الوطني الكردستاني والمتحافة مع إيران ( جميعها تعرضت لهزائم قوية بحلول نهاية الصراع ) .
وبدأت مناوشات صغيرة بالأسلحة الخفيفة على الحدود بين البلدين عن طريق مجاهدي خلق والميليشيات الكردية ، يبدو منها أنها مناوشات متبادلة بين الجيشين العراقي والإيراني 
بعدها بشهور قليلة – ومع إستمرار تلك المناوشات – أعلنت العراق أنها تتعرض لغزو إيراني بهدف تصدير الثورة الإسلامية إليها ، مستندة في ذلك إلى تقارير أمريكية مفبركة عن تحركات إيرانية لدفع شيعة العراق بالتمرد على صدام حسين ، ونية الخميني التوسع شرقاً وإحتلال وضم العراق وصولاً إلى الإستيلاء على منطقة الهلال الخصيب ( العراق وسورية ولبنان وجزء من الأردن ) .
نجحت الخطة تماماً ، وألغت العراق من جانب واحد إتفاقية الجزائر الموقعة مع إيران عام 1975 إبان حكم الشاه محمد رضا بهلوى ، وأعلنت في 22 سبتمبر 1980 الحرب على إيران ، وضم شط العرب بالكامل للعراق ، وإعتباره جزءاً من المياه الإقليمية العراقية .
وبالفعل نجحت العراق في التوغل داخل الأراضي الإيرانية ، وضم عدد من المدن الواقعة غرب إيران إليها .
وعندما بدا لأمريكا والغرب إحتمالية هزيمة الجيش الإيراني الذي كان قوياً ، قبل تفكيكه عن طريق آيات الله عقب الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 … عندما بدا لهم ذلك ، كان لابد من تقليم أظافر صدام حسين ، وإنهاك الجيش العراقي ، حتى لا يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ، أي لا يستبدلون بالخطر البعيد عن إسرائيل المتمثل في الثورة الإسلامية الإيرانية ، بالخطر القريب المتمثل في الجيش العراقي الذي يحقق إنتصارات كبيرة على الأرض ، والذي لو كان قد عاد منتصراً من من إيران ، لاستدار غرباً نحو تحرير فلسطين .
كانت البداية هي منع العراق من تطوير أبحاث مفاعل تموز إلى أن تتمكن من صنع القنبلة النووية ، فبدأت بإغتيال العلماء العراقيين العاملين على تلك الأبحاث ، وكانت الضربة القاصمة هي إغتيال كبير هؤلاء العلماء العالم المصري الفذ د. يحيى المشد في باريس يوم 14 يونيو 1980 ، وتوقفت تلك الأبحاث تماماً ، ولكن كان لابد من تدمير المفاعل نفسه في 7 يونيو من العام التالي 1981 .
وبدأت إيران تحقق نجاحات على الأرض ، حيث استعادت في أواخر عام 1982 معظم الأراضي الإيرانية التي إحتلها الجيش العراقي ، ولكن هذا كله لم يكن كافياً لردع الجيش العراقي وصدام حسين ، فقد كان المخطط يقتضي إنهاكه وإنهاؤه للأبد .
ولم تكن قنبلة العراق الذرية فقط هي المشكلة ، كانت المشكلة هي تفكك الجيش الإيراني بعد فوضى الثورة الإيرانية ، ووضع مجموعة من رجال الدين ( الملالي ) الجهلة على رأس قياداته ، وإنما المشكلة كانت هي حظر بيع وتصدير الأسلحة إلى إيران .
فتفتقت أجهزة المخابرات الغربية إلى فكرة مبتكرة ، وهي بيع السلاح لإيران عن طريق طرف ثالث … هو إسرائيل .
وكان ما أطلق عليه وقتها فضيحة ” إيران – كونترا ” ، وهي الفضيحة التي عقدت بموجبها إدارة الرئيس الأمريكي ريجان في أوائل عام 1985 اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة بسبب حاجة إيران الماسة لأنواع متطورة منها أثناء حربها مع العراق ، وذلك لقاء إطلاق سراح بعض الأمريكان الذين كانوا محتجزين في لبنان ، حيث كان الاتفاق يقضي ببيع إيران عن طريق الملياردير السعودي عدنان خاشقجي ما يقارب 3,000 صاروخ ” تاو ” مضادة للدروع وصواريخ هوك أرض جو مضادة للطائرات ، مقابل إخلاء سبيل خمسة من الأمريكان المحتجزين في لبنان ، وتمت الصفقة عن طريق إرسال تلك الأسلحة لإسرائيل ، ثم تقوم إسرائيل بإعادة إرسالها إلى إيران .
المهم وحتى لا أطيل عليكم ، إستمرت الحرب العراقية الإيرانية 8 سنوات كاملة ، ولم ينهها سوى تدخل الجيش المصري لإستعادة مدينة الفاو الإستراتيچية العراقية التي كانت قد إحتلتها ، وبدأت من خلالها التوسع غرباً في جنوب العراق لإحتلال البصرة .
إنتهت الحرب بإنهاك جيشي العراق وإيران ، وإستنزاف إقتصادهما تماماً ، وتحميل كل منهما فواتير حمايته لصالح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *