أخبار عاجلة

د.مجدي العفيفي يكتب.. الدين والديناميت !!

وإذ قلنا لفقهاء الفضائيات لا تناقشوا قضايا معقدة وملتبسة على الرأى العام… قالوا إنما نحن مصلحون، وإننا نستغل هذه الوسائل حتى لا يستولي عليها من دوننا..!.
وإذ قلنا لهم أنتم تضعون «الديناميت»  الفكري والمادي بجوار «الدين» الإلهي السمح و العظيم، والدين والديناميت لا يجتمعان أبدا، فابتعدوا عن الأمور الخلافية العقائدية، فهي تمثل نسبة ضئيلة ، والقواسم المشترك كثيرة وواسعة، والمجتمع يتسع للجميع ، والدين لله…  قالوا إنما نحن جنود الله وحماة دينه، مع أن الله لا يحتاج لأحد وهو قادر على  أن يدافع عن حدوده..  سبحانه عما يقولون علوا كبيرا.
 وإذا قلنا لهم … قالوا وقالوا.. 
وجادلونا بالتي هي ليست الأحسن، وما في عقولهم يظل هو هو.. !. 
نعم.. علينا أن نسحب القرآن- قبل أن يفوت الأوان- من أيدي السادة الوعاظ المعروفين بالعلماء الأفاضل، أو رجال الدين حيث يجب أن يكون موقف هؤلاء «العلماء الأفاضل» من القرآن هو كموقف العامة تماماً: التسليم، لأن معلوماتهم بالنسبة للقرآن لا تزيد عن معلومات العامة بتاتاً. وإن كان لهؤلاء الناس دور فدورهم وعظي بحت.
ومن ثم أواصل ما  أثرته في مقالتي السابقة الأسبوع الماضي في هذا المكان، من إشكالية الذين يكتبون التاريخ ويقرأونه حسب الأهواء الشخصية والإيديولوجية، والتاريخ هو أكبر  مصنع لتكييف الهوى، وتوقفت قليلا إزاء دلالة سلبية عنيفة لما ذكره د. يوسف زيدان وهو يستدعي شخصية صلاح الدين الأيوبي ليصفه بأنه «من أحقر الشخصيات في التاريخ الإنساني» وقلت له لو استثمرت 10٪  من طاقتك الفكرية لإنارة متر واحد من دائرة الحاضر، بدلا من اللعب في الماضي لكان خيرا لك ولنا أيضا.. وقلت أيضا أنه لا أخطر على أي مجتمع من فقهاء السلطان..!! ووعدت بالحديث عن هؤلاء الذين يزينون لصناع القرار في كل عصر ثم يتساقطون ولابد أن يسَّاقطوا، والحديث الكاشف والصارخ عنهم يطول ويتشعب.
 وبعض النظر عن الإختلاف والاتفاق  مع ما أثاره د.سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق، من قراءته لإحدى أيات الكفر  العقائدي في التنزيل الحكيم، فإن الإشكالية – ولا أقول المشكلة- أنه طرح قراءة مبتسرة،  واستهوته غواية الصورة عبر الفضائيات، ومثل هذه الأمور لا ينبغي أن تطرح علي الجماهير بعامتها وخاصتها، فتشتعل الفتنة بشكل أو بآخر، سواء أكانت بحسن  أم بسوء نية، وكم من الجرائم ترتكب باسم النيات!.  
تكشف هذه الأزمة عن أكثر من دلالة :
أولا: أن القراءة التقليدية التاريخية لبعض آيات التنزيل الحكيم لا تكفي ، إذ لابد من القراءات المعاصرة الكاشفة التي تستثمر علوم ومعارف العصر، وتقنياته وأدواته المعرفية والعرفية والأخلاقية والجمالية، وهي التي تلغي المسافة بين التصورات والتصديقات..
 ثانيا : أننا سئمنا من هؤلاء الذين يمشون بنا في طريق تعبنا من السير فيه، ويعرضون علينا صورا شاهدناها من قبل آلاف المرات، لأننا نريد لغة الأعماق البعيدة في التعامل مع الدين، وكفانا التفسيرات الأحادية في النظرة والتلقي، مع الأخذ في الاعتبار أن مصطلح التفسير مصطلح وهمي ، فلا أحد أي أحد ينبغي أن يتجرأ  ويقول أنه يفسر كلام الله!!.
ثالثا: هل يعلم هؤلاء أن ثمة مناهج جديدة وعلمية في التعامل مع القرآن العظيم، هناك المنهج الثوري الذي يثور القرآن ويطلق سراحه من بين أيدي الزاعمين أنهم أوصياء عليه وعلينا.. وهناك المنهج السنني الذي يستقي رؤيته من استقطار سنن الله في الوجود من قيام وسقوط دول وحضارات وأشخاص، والدورات الكونية والانسانية وغيرها، وهناك المنهج العلمي الذي ينهل من حوالي 750 آية علمية قرآنية، وقد ظلت هذه الآيات بعيدة عن أيدي السادة المفسرين دهرا، وهناك المنهج النفسي الذي يستبطن أعماق النفس الإنسانية بعيدا عن النظرات والنظريات البشرية المؤقتة، وهناك المنهج العددي والرقمي الذي يعتمد على فلسفة الأرقام ومدى استفادتها من وحي القرآن، وهناك المنهج المعادلاتي الذي يتعامل مع التنزيل الحكيم بشكل معادلاتي لها قوانينها وتفاعلاتها من قبيل( ولئن شكرتم لأزيدنكم) وغيرها، كل هذه المناهج تتجاوز المنهج البياني  واللغوي التقليدي لتنفتح طاقات هائلة في النص القرآني.
رابعا: ان النظرة السلفية الجامدة تغتال العقل وتجمد التاريخ، وتوقف التطور في المنظور الديني، والجمود شرك لكن أكثرهم لا يعلمون، ولا يريدون، وخذ مثلا ( إن الدين عند الله الإسلام ) آية مفتوحة ومطلقة، فلماذا تغلقونها،  وهي تشمل كل من يسلم وجهه لله منذ أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي سمانا المسلمين من قبل وانتهاء بسيدنا محمد صلى الله عليه وملائكته، وتراهم يجيبون «أما الإسلام فلا تتم عقيدة التوحيد إلا بترك ما يضاده» أين هذه الفكرة البشرية من التوصيف الإلهي( لكم دينكم ولي دين)؟ إذ لا يوجد تناقض بين الوحي والعقل، كما لا يوجد تناقض بين الوحي والحقيقة أي صدق الخبر ومعقولية التشريع، وما جاء به العقل علما هو جاء به الوحي  قرأنا. 
خامسا: أن خطيئة الذين يتعاملون مع القرآن بالقراءة الجزئية التي تجتزئ آيات بعينها من سياقاتها، لتخدم أغراضهم، تكمن في عدم الأخذ بقاعدة ( تقاطع المعلومات )  التي تثري الرؤية وتفتح آفاقا جديدة غير مسبوقة، وقاعدة تقاطع المعلومات  تقتضي انتفاء أي تناقض بين آيات الكتاب كله في التعليمات وفي التشريعات، فإذا أردنا أن نفهم الآية 73 من سورة المائدة – التي أثيرت بسببها أزمة د.سالم عبد الجليل، انفعالا وافتعالا وغضبا لفظيا وموضوعيا-  فعلينا أن نقاطع المعلومات الواردة فيها مع المعلومات الواردة في آيات من سور أخرى في نفس الموضوع، فعندما تأخذ الآيات التي  تعالج الأفكار العقائدية لابد آن تقرأها كاملة وتدير حوارا بينها في سياقاتها المتعينة تاريخيا واجتماعيا وفكريا، وإلا وقعت في محظورات شتى ، وهذا ما حدث من الدكتور سالم عبد الجليل، وهو ليس أول من فعل ذلك بل سبقه الكثيرون مما تمتلئ بهم بطون الكتب التي يقال انها كتب التفسير، وما هي بتفسير ولا ينب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *