أخبار عاجلة

بالمستندات .. اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية في سطور

إنطلاقاً من روابط الأخوة التي تربط الشعبين والبلدين الشقيقين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، قامت الدولتين بعقد اتفاقية تعيين الحدود البحرية بعد المرور بعدة جولات تفاوضية استغرقت أكثر من 6 سنوات، انعقدت خلالها 11 جولة لاجتماعات لجنة تعيين الحدود البحرية بين البلدين، آخرها ثلاث جولات منذ شهر ديسمبر 2015 عقب التوقيع على إعلان القاهرة في 30 يوليو 2015 . جاءت هذا الاتفاقية لتأكد علي الروابط الأخوية المتميزة ورغبة منهما فى تحقيق وإدامة مصالحهم المشتركة بما يخدم علاقات حسن الجوار الدائمة بينهما،وذلك بتاريخ 7 4 2016 .
أثارت هذه الاتفاقية جدلاً كبيراً في كيفية تعيين الحدود البحرية وما هي الأسس التي يقوم عليها ذلك التحديد. خاصة بعد أن نتج عن الإتفاقية نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية .
وفيما يلي نظرة متعمقة على هذا الملف :
أولا : جغرافيا:
تقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، ويبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحة الجزيرة 80 كم ². كانت الجزيرة نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا،. أما جزيرة صنافير فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها حوالي 33 كم ² . تصنع الجزيرتان ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة، الأول منها يقع بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، وهو أقرب إلى ساحل سيناء، وهو الأصلح للملاحة، ويبلغ عمقه 290 مترًا،ويسمى ممر “إنتربرايز”، والثاني يقع أيضًا بين ساحل سيناء وجزيرة تيران، ولكن أقرب إلى الجزيرة،ويسمى ممر “جرافتون”، ويبلغ عمقه 73 مترًا فقط، في حين يقع الثالث بين جزيرتي تيران وصنافير، ويبلغ عمقه 16 مترًا فقط.

ثانيا: الحقوق التاريخية لجزيرتي تيران وصنافير:
شكلت الحقوق التاريخية لجزيرتي تيران وصنافير محوراً للجدل، وانتشرت كثير من التصريحات غير المبنيةعلى أساس معلوماتي أو تاريخي، وفيما يلي رصد لتطوّر مُفاوضات التبعيّة منذ عام 1897 ، بحسب وثائق تاريخية، ومعلوماتيّة:
1 – في خرائط تعود للعام 1897 ، فإن الجزيرتين تقعان ضمن أراضي الحجاز، قبل قيام المملكة السعودية، وبهذا، بحسب الخرائط فإن الجزيرتين سعوديّتان.
2 – في 1906 ، تم توقيع معاهدة ترسيم للحدود الشرقية المصرية بين مصر والدولة العثمانيّة، تم فيها تحديد الحدود بخط يبدأ من ساحل البحر المتوسط إلى نقطة على خليج العقبة تقع شرق طابا وغرب إيلات الحالية، وهو ترسيم للحدود البرية لم يتطرق إطلاقاً لتعيين الحدود البحرية .
3 – تُشير الوثائق التاريخية لوزارتي الحربية والخارجية عام 1928 بعدم ممارسة مصر لأعمال سيادة أوإدارة للجزيرتين ، حيث يؤكد الخطاب الصادرمن وزارة الخارجية المصرية وموجه إلى وزارة الحربية بتاريخ 31 ديسمبر 1928 بأن جزيرتى تيران وصنافير ليس لهما أى ذكر فى ملفات الخارجية المصرية
4 – بعد دخول إسرائيل الأراضي الفلسطينيّة عام 1948 ، قرر الملك عبدالعزيز طلب الحماية العسكرية للجزيرتين لضعف الإمكانات البحريّة للمملكة، وجعلهما قواعد عسكريّة مصريّة،خوفًا من استيلاء إسرائيل عليهما ، وبالفعل تم إحتلال جزيرتى تيران وصنافير بواسطة سلاح الحدود الملكى المصرى فى يناير 1950 .
5 – تُشير وثائق سرية للغاية صادرة من جهاز المخابرات العامة وموجهة للسيد رئيس الجمهورية عام 1957 بأن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتيين وتحتلهما القوات المصرية منذ عام 1950 .
6 – خطاب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة 1967 : نص خطاب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بتاريخ 27 مايو 1967 والذي يؤكد على أن: “مصر لم تحاول في أي وقت من الأوقات أن تدعي بأن السيادة على هاتين الجزيرتين قد انتقلت إليها، بل إن أقصى ما أكدت هو أنها تتولى مسئولية الدفاع عن الجزيرتين”.
7 – برقية الخارجية الأمريكية 1968 : في برقية من وزير الخارجية الأمريكي دين راسك إلى السفارة الإسرائيلية في 17 يناير 1968 فيما يتعلق بمشكلة تيران، عرض الوزير الأمريكي نتيجة نقاش السفير الأمريكي بالسعودية مع الملك فيصل، والذي أوضح فيه العاهل السعودي أنه يعتبر تيران جزء من الأراضي السعودية وأن حكومته منحت امتياز لحماية الجزيرة، وأنه لا ينوي تزويد تيران بوسائل دفاع عسكرية أو استخدامها لإعاقة حرية الملاحة بمضيق تيران.
8 – خريطة الأمم المتحدة 1973 : اعتمدتها الأمم المتحدة في 16 نوفمبر 1973 ضمن النطاق الجغرافي ( XXVIII)
9 – معاهدة كامب ديفيد عام ( 1978 ): وَقع الجانبان المصري والإسرائيلي علي المعاهدة التي نصت علي ان تخضع الجزيرتان لمراقبة قوات دولية متعددة الجنسيات، وتم وضع قوة مراقبة للتأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام والمتعلقة بفتح مضيق تيران. وحسب البروتوكول العسكري لمعاهدة كامب ديفيد , وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة “ج” المدنية، التي لا يحق لمصر بوجود عسكري فيها مطلقًا، ويقتصر التواجد المصري على وحدات من الشرطة المدنية .
10 – أكد أحد المقالات التي نشرتها صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 19 يناير 1982 أن الجزيرتين كانتا واقعة تحت السيادة السعودية ثم وُضعت في 1950 تحت الحماية المصرية، وذكر أنه كانت هنالك مخاوف إسرائيلية من أن تعيد مصر الجزيرتين للسعودية في سبيل إصلاح العلاقات بين البلدين فشددت إسرائيل على الحكومة المصرية أن هذا سيشكل خرقًا لمعاهدة السلام الموقعة بينهما، كما ورد في المقال تصريح ولي العهد آنذاك الأمير فهد بن عبد العزيز بالمطالبة بإعادة الجزر إلى السعودية بعد استعادتهما من الاحتلال الإسرائيلي.
11 – القرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 هو قرار رئيس جمهورية مصر العربية بشأن خطوط الأساس التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية، والمنشور بالجريدة الرسمية في عددها الصادر في 18 يناير 1990 ، ولم يتضمن هذا القرار اعتبار جزيرتي “تيران وصنافير” داخل الحدود البحرية المصرية.
12 – اتفاقية تعيين الحدود البحرية 2016 : وقع الجانبان المصري والسعودي في أبريل 2016 اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين.
واعتمدت اللجنة في عملها على قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لعام 1990 بتحديد نقاط الأساس المصرية لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، والذي تم إخطار الأمم المتحدة به في 2 مايو 1990 .
واعتمدت اللجنة كذلك على الخطابات المتبادلة بين الدولتين خلال نفس العام بالإضافة إلى المرسوم الملكي الصادر في 2010 بتحديد نقاط الأساس في ذات الشأن للسعودية.
واستخدم الفنيون من أعضاء اللجنة أحدث الأساليب العلمية لتدقيق النقاط وحساب
المسافات للانتهاء من رسم خط المنتصف بين البلدين بأقصى درجات الدقة.

ثالثا: وجهة نظر المراجع التاريخية: من بينها : كتاب “القانون الدولي العام وقت السلم” تأليف / حامد سلطان : يذكر الكاتب صراحة أن جزيرتى تيران وصنافير سعوديتيين ، وتم إحتلالهما عام 1950 بناء على إتفاق مصري سعودى.
رابعا: وثائق تثبت سعودية الجزيرتان:
تضمن الوثائق عدداً من المخاطبات الرسمية المصرية والسعودية والأميركية حول ملف الجزيرتين وملكيتهما للسعودية، حيث أشارت وزارة الخارجية المصرية إلى أن الدراسات القانونية ترى أن تبعية الجزيرتين وفقا لأحكام القانون الدولي هي للمملكة العربية السعودية، وذلك لأنه من الأمور الثابتة تاريخيا أن السيادة على الجزيرتين كانت للسعودية لحين قيام مصر في ظروف المواجهة مع إسرائيل عام 1950 باحتلال الجزيرتين احتلالا فعليا بمباركة السعودية .
وتضمنت الوثائق اتفاق تعيين الحدود بين مصر وتركيا فى الأول من أكتوبر عام 1906 ، ومعلومات بشأن البرقية الموجهة من سفير الولايات المتحدة بالقاهرة إلى وزير الخارجية الأميركي بتاريخ 30 يناير 1950 التي تشير إلى احتلال الحكومة المصرية لجزيرتي “تيران” و”صنافير” بموافقة الحكومة السعودية، وصورة خطابي وزير الخارجية السعودي إلى نظيره المصري في 14 سبتمبر 1988 و 6 أغسطس 1989 حول الجزيرتين، والقرار الجمهوري رقم 27 لسنة 1990 بشأن
نقاط الأساس المصرية على كل من البحر المتوسط والبحر الأحمر، والذي لم يعتبر الجزيرتين ضمن السيادة المصرية، وهو القرار الذي تم نشره بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 في 18 يناير 1990.
وتضمنت الوثائق كذلك صورة خطاب وزير الخارجية المصري لنظيره السعودي في 3 مارس 1990 رداً على رسالتيه حول الجزيرتين “تيران” و”صنافير”، وصورة مذكرة وزير الخارجية المصري لمجلس الوزراء في 4 مارس 1990 لطلب التفويض في الرد على خطابي نظيره السعودي، وصورة مذكرة الأمم المتحدة بتاريخ 25 مارس 2010 بشأن تحديد السعودية لخطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي والذي شمل الجزيرتين ضمن السيادة السعودية

خامسا : الجدوى الاقتصادية لتعيين مصر للحدود البحرية فى البحرين الاحمر والمتوسط :
الوضع الحالي للاتفاقيات بين مصر ودول الجوار في البحرين المتوسط والأحمر
أ- البحر المتوسط:
ما قبل الترسيم:
فى أبريل عام 2004 ، عقدت مصر مع قبرص اتفاقية بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ما ترتب عليه اقتسام المياه الاقتصادية بين البلدين بالتساوي.
وتنص الاتفاقية على: “تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الطرفين، على أساس خط المنتصف، الذي تكون كل نقطة على طول امتداده متساوية الأبعاد من أقرب نقطة على خطوط الأساس لكلا الطرفين
كما تنص في مادتها الثانية: “في حالة وجود امتدادات للموارد الطبيعية، تمتد بين المنطقة الاقتصادية الخالصة لأحد الأطراف وبين المنطقة الاقتصادية الخالصة للطرف الآخر، يتعاون الطرفان من أجل التوصل إلى اتفاق حول سبل استغلال تلك الموارد”،
فيما تنص المادة الثالثة أنه: “إذا دخل أحد الطرفين في مفاوضات تهدف إلى تحديد منطقتها الاقتصادية الخالصة مع دولة أخرى، يتعين على هذا الطرف إبلاغ الطرف الآخر والتشاور معه قبل التوصل إلى اتفاق نهائي مع الدولة الأخرى”،
بينما نصت المادة الرابعة: “يتم تسوية أي نزاع ينشأ بشأن هذا الاتفاق عبر القنوات الدبلوماسية بروح التفاهم والتعاون، وفي حالة عدم تسوية النزاع عبر القنوات الدبلوماسية، يتم إحالة النزاع إلى التحكيم.
الاتفاقية ظلت سارية، حتى مارس 2010 ، وإعلان هيئة المساحة الجيولوجية الأمريكية عن وجود احتياطيات ضخمة للغاز في شرق المتوسط بالمنطقة الواقعة بين مصر وقبرص، بعدها وقعت إسرائيل مع قبرص اتفاقية لترسيم الحدود فى 17 ديسمبر 2010 ، دون الرجوع لمصر، رغم أن اتفاقية عام 2004 ، تلزم أي طرف بالرجوع للطرف الآخر في أي اتفاق مع دولة أخرى، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، حتى أعلنت قبرص في يناير عام 2011 ، عن اكتشاف أحد أكبر احتياطيات الغاز في العالم، وتقدر بشكل مبدئي بنحو 27 تريليون قدم مكعب وقيمتها تصل لـ” 120 مليار دولار”، وقرر تسميته حقل “أفروديت”، كما أعلنت إسرائيل عن اكتشاف حقلين آخرين.
ما بعد الترسيم:
هذه الاتفاقية أعلاه كان من الممكن أن تظل عادية وتسري بدون مشاكل، حتى أعلن الرئيس القبرصي في يناير 2011 عن اكتشاف بلاده فيما يسمى البلوك 12 من
امتيازات التنقيب القبرصية، والمعطاة لشركة نوبل إنرجي، وقرر تسميته حقل “أفروديت “.
ثم عقدت قمة ثلاثية فى نوفمبر 2014 جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسي برئيس وزراء اليونان أنتونيس ساماراس، ورئيس قبرص نيكوس أناستاسيادس كان موضوعها الرئيسي، هو “ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط” حيث اتفق الرؤساء الثلاثة على عددٍ من البنود تخص ترسيم الحدود البحرية.
هدف القمة المصرية القبرصية اليونانية التى عقدت فى القاهرة كان الحفاظ على حقوق القاهرة فى حقول الغاز بالبحر المتوسط، خاصة إن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين سابقا لا تمثل ترسيماً واضحاً للحدود بينهما بما يحف حقوق مصر.
ثم وقعت مصر وقبرص اتفاقا يتيح “لشركة الغاز الطبيعي المصرية القابضة وشركة المحروقات القبرصية النظر في حلول تقنية لنقل الغاز الطبيعي عبر أنبوب بحري مباشر من حقل افرودايت إلى مصر” مما يحسن استخدام البنية التحتية للغاز وسيحقق قيمة مضافة لكل من قبرص ومصر .
وعمليات الاستكشافات التى تتم فى البحر المتوسط كل يوم تؤكد وجود ثروات واكتشافات جديدة، وما تم استخراجه من ارقام الفترة الماضية كان من بئر واحدة فقط وهى بئر ظهر وتحتوى على احتياطى مؤكد 30 تريليون قدم مكعب غازا، وهناك 20 بئرا أخرى، جار العمل فيها فى منطقة الشروق، بخلاف ذلك تم ترسيم 15 منطقة أخرى ولكن لم يعلن فيها عن اكتشافات بعد. تؤكد أيضا الدراسات الجيولوجية والأبحاث علي وجود 200 تريليون قدم مكعب غازا فى منطقة البحر المتوسط فى المياه الإقليمية المصرية.
ب – البحر الأحمر: – ترسيم الحدود مع السعودية :
حددت اتفاقية “الأدميرالية البريطانية برقم 183 “، أن “تحديد المنطقة الاقتصادية المائية الخالصة بين أى طرفين قائم على أساس خط المنتصف فى الحد المائى بين الدولتين بغض النظر عن تبعية الإقليم الذى تنتمى له الماء، وتكون كل نقطة على طول امتداده متساوية الأبعاد من أقرب نقطة على خطوط الأساس لكلا الطرفين “.
الجدوى الاقتصادية لترسيم الحدود البحرية :
تحيط الحدود السياسية بالأراضي التي يحق للدولة استغلالها اقتصادياً، كذلك تحدد لحماية موارد الدولة المالية العامة كالتعريفات الجمركية والدعم السلعي والمواصفات والقواعد القانونية والرقابية، كذلك التفاوت الاقتصادي بين دولة وأخرى بسبب العوامل الجغرافية وأيضاً لمنع تضارب مصالح الدول عند استغلال مواردها الاقتصادية في مناطق الحدود. فإنه ينبغي التدقيق في عملية تخطيط الحدود السياسية لمنع نشوب منازعات مع دول الجوار بشأن استغلال تلك الموارد، إلا أن تحقيق ذلك يصبح متعذراً أحياناً في حالة وجود موارد تمتد عبر الحدود، مثل وجود حقل بترول، كحقل الرميلة بين الكويت والعراق، وهنا تطرح بدائل لمواجهة تلك المشكلة، إما بإقتسام العوائد الصافية للإنتاج، أو بتحديد حصص متكافئة من الإنتاج لكل دولة .
وتلعب الحدود دوراً مهماً في حماية النظم الاقتصادية المتميزة للدولة، وتنطوي تلك النظم على قوانين وسياسات تتعلق بالأجور وسعر العملة والاستثمار والتجارة الداخلية والخارجية، كما تنظم تلك الحدود التبادل التجاري بين الدول بأشكاله المختلفة.
وبالتالي فإن عملية تحديد الحدود بين الدول أمر لا ينطوي علي المصالح السياسية فقط وإنما يمتد ليشمل المصالح الاقتصادية بين الدول حيث تعهد الدول المتجاورة إلي ترسيم الحدود فيما بينها خصوصاً الحدود البحرية لتحاشي الخلافات المتعلقة باكتشاف الموارد الطبيعية وغيرها من الأمور الأخري، وفيما يلي
نستعرض أهم العوامل التي تدفع مصر إلي ترسيم حدودها:
فمن خلال تقييم الاتفاقية الموقعة مع دول شمال المتوسط حيث حددت تلك الإتفاقيات المياه الإقليمية بدقة وبالتالي أعطت كامل الحق لمصر في الاستفادة من آبار الغاز الطبيعي المكتشفة في المياه الإقليمية المصرية بالبحر المتوسط مع حق مصر الكامل في الدفاع عن تلك الموارد الخاصة بالمصريين بشتي الطرق الممكنة ضد أي اعتداء عليها.
إلا أن الاتفاقية الموقع مع المملكة العربية السعودية والتي قضت بأحقية السعودية لضم جزيرتي تيران وصنافير لوقوعهما في المياه الإقليمية السعودية قد أثارت الجدل علي الصعيد السياسي والاقتصادي ولكن العائد الاقتصادي لمصر سيكون في اكتشاف والتنقيب عن البترول والغاز والذهب وغيره من المعادن في المنطقة ااقتصادية من جنوب خليج السويس الى خط عرض 22 بعد مدينة حلايب المصرية وكذلك التنقيب في خليج العقبة من طابا وحتى رأس نصراني والنبق امام مضيق تيران بعد ترسيم الحدود مع الاردن واسرائيل

سادسا : دور السلطة التشريعية :
نصت المادة 151 من الدستور ، على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وبالتالي إتصال البرلمان بالمعاهدات والاتفاقيات يأتي في مرحلة لاحقة لإبرام السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية الاتفاق، وتكون لها بعد إبرامها قوة القانون .

سابعا: دور السلطة القضائية :
وقبل التطرق لدور السلطة القضائية، في مسار تلك الاتفاقية ينبغي علينا الإشارة إلي نص المادة 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 ، والتي تنص في فقرتها الأولى على ” ليس للمحاكم ان تنظر بطريقة مباشرة او غير مباشرة فى أعمال السيادة “.
كما تنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على ” لا تختص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة “.
وبالنظر إلى الأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن نجد أحكاماً صدرت من القضاء الإدارى وأحكاماً أخرى صدرت من القضاء العادى قاضي الأمور المستعجلة :
بالنسبة للأحكام الصادرة من القضاء الإدارى :
أصدرت محكمة القضاء الإدارى، حكمًا ببطلان الاتفاقية، وجاء منطوق الحكم :
أولا: برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوتين وبإختصاصها بنظرهما .
ثانيا : بقبول الدعوتين شكلا وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين
الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما
وحظر تغيير وصفهما بأي شكل لصالح أية دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصاريف .
وهو ما دفع هيئة قضايا الدولة بالطعن في ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، فكان حكمها :
حكمت المحكمة بإجماع الآراء : برفض الطعن، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات . وبذلك تكون المحكمة الإدارية العليا قد أيدت الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، والقاضي ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل سنة 2016. لكن هيئة قضايا الدولة – وهى الجهة الممثلة للحكومة – أقامت
منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا وبانتظار الفصل فيها .
بالنسبة للأحكام الصادرة من القضاء العادي:
قضت محكمة الأمور المستعجلة بقبول استشكالين لوقف تنفيذ حكم القضاء الإدارى ببطلان توقيع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وقالت فى حيثياتها إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية عملا من أعمال السيادة .
كما قضت محكمة استئناف القاهرة للأمور المستعجلة ، برفض الاستئناف المقدم على حكم محكمة الأمور المستعجلة وتأييد حكم إلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية واستمرار الاتفاقية .

التعليق علي النقد الموجه للأحكام القضائية الصادرة في هذا الشأن :
نخلص من مطالعة نصوص الدستور وقانون السلطة القضائية وقانون مجلس الدولة السابق الإشارة إليهم إلى أننا :
الآن أصبحنا أمام عدد من المسارات ستحدد مصير الجزيرتين في الفترة القادمة أبرزها:
• إدخال الاتفاقية إلى أروقة البرلمان وموافقته عليها .
• استدعاء المحكمة الدستورية العليا للدخول على خط الأزمة القضائية للفصل في تنازع الاختصاص ، ونود أن نشير إلى أن القضاء الدستورى لم يجد عناءا يذكر في إعلانه صراحة للقول بأن المعاهدات الدولية عمل من أعمال السيادة التي يحظر على القضاء النظر فيها فالقوانين المتعاقبة للسلطة القضائية وقوانين مجلس الدولة كلها تنص على حظر النظر في أعمال السيادة .

وفي ضوء إقرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وفِي اطار واجبنا لتوفير المعلومة الموثقة فانه وفقا للدستور في المادة 151 فيما يتعلق بحقوق السيادة فيجب دعوة الناخبين للاستفتاء والقرار متروك للرئيس عبد الفتاح السيسي ليوافق على الاتفاقية من عدمه وحكم المحكمة الدستورية العليا

وفيما يلي حوار درامي بين ميدو مشاكل مروج الاشاعات وبين حكيم مصر مؤيد حق المواطن في المعرفة حول اسئلة واجوبة حول اتفاقية الحدود بين مصر والسعودية وحول جزريتي تيران وصنافير :
المعارض : ياه انا لو معايا الجزيرتين دول كنت عملت اكبر منتجع سياحي في العالم بين قارتين اسيا وافريقيا ؟
المؤيد : هذا الأمر تشوبه العديد من المشاكل المتمثلة في الطبيعة الصخرية للجزيرتين مما يمنع إقامة أي مباني فوقهما إضافة إلي قربها من مدينة شرم الشيخ والتي تعتبر قبلة سياحية بما يجعل الجزيرتين دون جدوى اقتصادية حقيقية

المعارض : سيبك من المنتجع هعمل مركز لوجيستي زي ماليزيا ودبي هلا ولا ؟
المؤيد : محور قناة السويس سيقدم جميع الخدمات اللوجستية دون حاجة السفن إلي الدخول إلي خليج العقبة وعبر مرورها بقناة السويس مباشرة.

المعارض : مصر كان لها السيادة على الجزيرتين والدليل تحكمها في السفن اللي ماشية في مضيق تيران ؟
المؤيد : كل ما قمت به مصر يعد من اعمال الادارة وليس السيادة لعدم وجود سند قانوني لذلك مثل اتفاقية او معاهدة صلح او حكم قضائي دولي

المعارض : الرئيس عبد الناصر بنفسه على الهواء مباشرة في التلفزيون قال انهم مصريين من سنة 1906 ، فيه دليل اقوى من كدة يا جدع ؟
المؤيد : الحديث بأكمله كان موجه الى الجانب الاسرائيلي وذلك بعد غلقه لمضيق تيران امام السفن الاسرائيلية وذلك بشهادة كل رجال الدولة انذاك وبالفعل مصر حينها كانت تدير الجزيريتن بصورة كاملة بناءا على طلب السعودية قبل ثورة يويلو فالحديث مجازي سياسي لقطع الطريق امام محاولات اسرائيل التدخل ، بالاضافة الى ان اتفاقية ترسيم البحار تثبت ملكية السعودية للجزيرتين

المعارض : مصر بقالها 7000 سنة والسعودية لسه معمولة من 70 سنة ، كان مين بيحكم الجزيرتين من ساعتها ؟
المؤيد : الجزيرتين في الاصل تتبعان مملكة الحجاز التي حكمها آل هاشم من قبيلة قريش وكانوا يحكمون هذه المنطقة وحتى غزة وبعد ذلك ظهر سعود مع محمد عبد الوهاب وبدأوا في توحيد دولتهم ودخل سعود في صراع مع الدولة العثمانية والتي كانت تسيطر على مصر والشام والعراق اما الخليج كان يقع تحت سيطرة الانجليز
وبعد تكوين اول امارة في نجد واصل المشوار حتى اعلان نفسه سلطان على نجد والحجاز ، بعد هروب الشريف حسين ملك الحجاز حينها الى امارة شرق الاردن وتم فصل الاردن وفلسطين عن الحجاز بالاتفاق مع الانجليز وانشأت بعد ذلك الممكلة العربية السعودية 1932 وبالتالي اصبحت الجزيريتين تتبعان السعودية
وبعد حرب 1948 خاطب الملك عبد العزيز آل سعود سفيره بالقاهرة عام 1950 وطلب نزول قوات مصرية على الجزيرتين خوفا من احتلال اسرائيل لهما
واتخذت اسرائيل طلب عبد الناصر بعد ذلك بسحب القوات الدولية من الجزيرتين وغلق مضيق تيران ذريعة لشن عدوان 1967واحتلت الجزيرتين الى ان وقعت معاهدة السلام عام 1979 ودخلت الجزيرتين المنطقة ج التي لا توجد بها قوات مسلحة من الجيش المصري

المعارض : انتوا بيعتوا الجزيرتين للسعودية عشان يبنوا كوبري الملك سلمان عشان السعوديين يتفسحوا في شرم براحتهم ؟
المؤيد : مشروع الجسر لم يكن وليد اللحظة فقد طرحت الفكرة عام 1988 وشهدت السنوات التالية جلسات مكثفة لبحث كيفية اقامته وكان من المقرر اقامته 2006 ، وفي عام 2012 عاد المشروع الى النور بعد ثورة يناير لمعرفة اسباب توقفه  وكان سيبدأ العمل به عام 2013 من قبل وزارة النقل السعودية  في حين رفضت اسرائيل مد الجسر عبر مضيق تيران حيث اعتبرته خرقا للفقرة الثانية من المادة الخامسة من معاهدة السلام والتي تنص على ان المضيق دولي ويكلف حرية التنقل به لكافة الدول

المعارض : احنا خلاص ضعنا انا شفت بنفسي المتحدث الرسمي بتاعهم فرحان على الفيس وبيغني بالعربي وبيقول هنحفر قناة بن جوريون بعد توقيع اتفاقية السعودية ومصر وانسوا قناة السويس الجديدة والقديمة يا مصريين ؟
المؤيد : اولا مصر لن تتخلى عن التواجد العسكري في الجزيريتن وخاصة بعد وجود سلاح الردع البحري من خلال الميسترال ، كما ان السيادة فقط هي ما عادت للمملكة السعودية اما الادارة والحماية فما زالت وستظل مصرية
بالنسبة  لقناة بن جوريون من طابا الى البحر المتوسط ، فلن تؤثر الاتفاقية المصرية السعودية على ذلك لان القناة لا تصلح فنيا ولا اقتصاديا لمنافسة قناة السويس حيث ان ارض سيناء وامتدادها القاري الاسيوي اقصد فلسطين هي ارض صخرية ويتعذر شقها لانشاء قناة بحرية والدليل عدم مقدرتنا على توسيع قناة السويس القديمة وتعميقها واقامة قناة موازية لها

المعارض : خلص الكلام يا عواد ،  النهاردة تيران وبكرة حلايب وبعده السلوم ؟
المؤيد : نقل تبعية الجزيريتين للسعودية ليس تنازل عنهم ولكن هو رد لحقوق اصحابهم وعلى العكس يؤيد ذلك حق مصر في ارضها لاعلائها للقوانين الدولية وبالمثل في مثلث حلايب والذي يعد ملكية مصرية وخضعت ايام الاحتلال البريطاني لادارة السودان ، فعلى العكس عدم اعتراف مصر بأحقية السعودية في الجزيرتين قد يمثل ذريعة للسودان للمطالبة بحلايب والتي تقع الان تحت السيادة والادارة المصرية
وسوف يدعم الاعتراف بسيادة المملكة السعودية على الجزيرتين مبدأ دولي وهو ان الادارة لا تكسب السيادة ولو طالت وهذا يعني ان ادارة السودان لحلايب في فترة من الفترات لا يعني اكتساب السيادة عليها مهما طالت المدة ، وفقا لقاعدة “استوبل ” والتي تعني انه لا يقبل من دولة ادعاء عكس موقفها السابق بتغير مصالحها


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *