أخبار عاجلة

هبه عبد العزيز تكتب… مؤتمر الفن والأدب فى مواجهة التطرّف !

لعلنا فى مواجهة أمراضنا الإجتماعية، ومنها مرض التطرّف، نحتاج إلى صيدلية متكاملة، لربما تحوى أمصالاً واقية ومسكنات للألم، ومنبهات للحواس، وذلك على هيئة: موسيقى، أدب، فن تشكيلى، سينما، مسرح، غناء.. وغيرهم من أدوات القوة الناعمة.
ولعلى كذلك وددت أن أبدأ مقالى اليوم بما أنهت به مقالها الأخير بجريدة الأهرام أستاذتى العزيزة دكتورة نيفين مسعد، التى سعدت كثيراً جداً لرؤيتها الأسبوع الماضى بمكتبة الإسكندرية، وقد وردت تلك الجملة بالأساس على لسان أستاذ مبارك سالمين، الشاعر اليمنى ورئيس إتحاد الكتاب والأدباء اليمنيين، فى الجلسة الخاصة بـ«دور الأدب فى مواجهة التطرف»، والتى عُقدت ضمن فعاليات المؤتمر الدولى الرابع الذى تواصل مكتبة الإسكندرية رسالتها ومهامها التنويرية والتوعوية بعقده كل عام تحت إشراف فريق العمل المميّز بقيادة الدكتور مصطفى الفقى مدير المكتبة والمثقف الموسوعى والدبلوماسى البارع والإنسان المصرى المدرك جيداً للحظة الحرجة التى تمر بها الحالة الثقافية فى الوطن.
وقد عُقد المؤتمر على مدار 3 أيام إنتهت يوم 30 يناير، وذلك بحضور أكثر من 400 مثقف ما بين كتاب وباحثين وإعلاميين وأكاديميين ونقاد وفنانين من أكثر من 11 دولة عربية و4 دول أوروبية، إضافة إلى الوجود الأفريقى والصينى أيضاً، وأعتقد ولربما يشاركنى الرأى كثيرممن حضروا أن جلسات المؤتمر قد غطت معظم أبعاد الموضوع تقريباً، حيث تناولت تجليات الأدب والفن فى مواجهة الإرهاب، وأهمية دور المؤسسات الثقافية، والأبعاد القانونية والإعلامية، ودور الأمن والقوة الناعمة والرؤى السياسية فى المواجهة الفكرية للتطرف. 
ولأن الفن بشكل عام، والأدب تحديداً، يعد من ضمن إحدى أهم أدوات القوة الناعمة، تلك القوة التى تتطلب من الدولة أن تكون لها قوة روحية ومعنوية، من خلال أسلوب تنتهجه لأجل تعميم المبادئ والأفكار والأخلاق، وندرك تماماً أن هذا لا يتم إلا بالتوازى مع إطلاق مشروعات كالبناء والتعليم والتعمير، لذا يمكننا القول بكل ثقة إن ذلك السلاح هو الأقوى على الإطلاق فى مواجهة جميع أشكال التطرف، وانطلاقاً من هذه النقطة الأخيرة فإننى أرى أنه يجب على الدولة اتخاذ خطوات سريعة وجادة فى هذا الصدد، وذلك بتبنى استراتيجية شاملة محدّدة المعالم ومعلنة الأهداف، للتأثير فى الأنماط السلوكية الاجتماعية والثقافية السلبية السائدة بكل أسف، والتى تتسبّب فى ظهور الفعل الإرهابى أو تُنتج التطرّف.
ولأن المساحة هنا محدودة للأسف، فلن أستطيع أن أتجول معكم فى رحلة شاملة لكل ما تم طرحه ومناقشته خلال جلسات المؤتمر المتوازية، وما حدث خلالها من تبادل للأفكار والرؤى، ونقاشات هامة أبرزت أهمية الدور الذى يلعبه الإعلام والقانون والمؤسسات الثقافية والمتاحف وغيرها، الأمر الذى قدّم إضافة رفيعة المستوى إلى التراكم المعرفى المتعلق بظاهرة التطرّف بشكل  ليدعم مكافحته، استناداً على قاعدة رصينة غنية، ولعل هذا هو مربط الفرس أو الهدف الرئيسى من عقد المؤتمرات الخاصة بمكافحة والتصدى لظاهرة التطرّف، ولعله فى الوقت ذاته أيضاً خير تجسيد لدور مكتبة الإسكندرية فى هذا الصدد، ولربما كان كذلك بمثابة الرد على السؤال الذى غالباً ما يُثار قبل وأثناء وعقب عقد أى مؤتمر! وهو: …. وما نتيجة كل ذلك؟!  يطرح بلغة غالباً ما تحمل نبرات يأس أو إحباط واحيانا مبابغة فى تحميل منارة تنويرية كمكتبة الإسكندرية أدواراً غير واقعية، وليست من سياق عملها.
وربما وجدت أنه جدير بى أن أُنهى مقالى اليوم بجزء من كلمة الدكتور مصطفى الفقى فى الجلسة الختامية للمؤتمر -ظنى أنه من أهم التوصيات او المبادرات التى خرج به المؤتمر هذا العام- حيث قال: (…. وإن علينا واجباً تجاه أطفالنا من سن عشر سنوات إلى ست عشرة سنة، لذلك قرّرنا أن نستضيف الأطفال من شتى محافظات الجمهورية، وعلى نفقتنا من خلال رحلات، لتوعيتهم وتدريبهم، وكى يروا ما لدينا من فنون وثقافة، مشيراً إلى أن مواجهة التطرّف يجب أن تبدأ من العقول الصغيرة بضمير وطنى وفهم صحيح للإسلام).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *