أخبار عاجلة

د.أحمد عبدالله يكتب.. «الكورونا والقلق 2»

نعمة الازمة انها كاشفة ، تكشف اسوأ مافيك وفيمن حولك، وأيضا افضله لعلك تنتبه فتتعلم وتتطور ، وازمة الكورونا ابرزت أشياء هامة جدا :
– اننا نعاني من مشكلة كبيرة وهي التطرف في التفكير والمشاعر والسلوك ، التهويل والتهوين، فإما واحد مطمئن جدا ومش مصدق وشايف اللي بيحصل “حوار” وبيمارس حياته عادي وبيحضن ويبوس، اما واحد مرعوب وحاسس ان نهاية العالم دلوقتي وعمال ياكل بروكلي ويشرب جنزبيل وخايف تبصله لا تعْدِيه، الحكومة مش عارفة تتصرف، الحكومة عبقرية بتعلم الصين ومنظمة الصحة العالمية . مفيش وسط ابدا زي كل حاجة مابقت عندنا يااقصى اليمين يا اقصى الشمال
– السخرية والتهريج والسف ربما يعبروا عن عدم تقدير واستهانة خطيرة وربما يكون مجرد ميكانيزم نفسي دفاعي ضد قلق وخوف داخلي عظيم
– مشكلة عدم الثقة المتبادل بين الاغلبية من المواطنين والنظام والحقيقة ان الاثنين معذورين فتصرفات المواطنين (للاسف بالذات الطبقات المتعلمة من مرتادي النوادي والمولات والسوبر ماركت) كانت تستحق اتهام النظام الدائم للشعب بالغوغائية والعشوائية وعدم الالتزام، والنظام متمثلا في المسئولين الذين يفتقدوا الشفافية (بحجة عدم إثارة البلبلة) والإعلام الموجه الفاقد للمصداقية والمهنية، مستحقا ايضا لعدم الثقة من المواطنين . وستظل هذه الدائرة المغلقة وتبادل الاتهام حتى يفعل أي الطرفين ما يجبر الآخر على احترامه والوثوق به
– إن المواطن المصري بالفعل فاقد الرشد والوعي تماما فما فعله عندما أدرك المشكلة انه اترعب ليس من العدوى بل من الا يجد جبنة رومي وفاصوليا بيضا وخايف لحسن ميقعدش على القهوة ويشرب شيشة مع انه ممكن يفقد حياته كلها، ولكن ماذا ننتظر من مواطن لانعلمه (او نعلمه تعليم اجوف) ولانرعاه صحيا ولا نربيه ولانثقفه ولانهتم بوعيه وطول النهار بتقوله انت سيئ واهبل وعبيط ومش عارف مصلحتك ومبتفهمش ومتعرفش تعيش من غيرنا ؟!!
– وكما ظهر اثناء المطر وغرق الشوارع شباب القاهرة الجديدة اصحاب سيارات الدفع الرباعي الذين تطوعوا بمبادرة رائعة وانقذوا الكثيرين، ايضا الكورونا اظهرت شباب في المعادي والقاهرة الجديدة وغيرها يعلنون عن استعدادهم لشراء احتياجات كل من لايريد الخروج (وخاصة كبار السن) وتوصيل احتياجاتهم للمنازل تطوعا، ويحكي الصحفي المحترم سيد زهيري عن رؤيته لشباب بالدقهلية يقودون حملة لتطهير وتعقيم اماكن عامة من جيوبهم الخاصة وتوعية الناس بالشارع وحثهم على الالتزام بالقرارات الاحترازية . تحية والله للشباب الجميل ويارب زدهم ويابركة الازمات
– من ناحية اخرى تتضاعف اسعار المطهرات والمنظفات استغلالا للطلبات الغير المنطقية وغياب الرقابة الحكومية وأنا أرى ان هؤلاء المستغلين يجب ان يعاقبوا بعنف كما يجب دعم الشباب المحترم الجدع اللي بيساعد في أي أزمة من تلقاء نفسه
– حزن الناس وتألموا لخلو المسجد الحرام ومسجد سيدنا النبي من المصلين وهناك من يعترض على منع صلاة الجماعة مؤقتا، اولا: فقه الأولويات غائب عنكم تماما، الا تفهموا ما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عندما أوقف حد قطع يد السارق وقت المجاعة ؟!! ، ثانيا: الا ترون كيف يحرص المصريين على الحج والعمرة ويصرفوا مليارات لم تسفر عن أي تقدم اخلاقي حقيقي ، استائوا واحزنوا بل خافوا من كم العبادات التي نمارسها ونصرف فيها مليارات ولا تقضي على الرشوة والواسطة والمحسوبية والغش والنصب والاستغلال حتى اوقات البلاء ولا تحقق مكارم الاخلاق الذي هو الغاية النهائية من الرسالة المحمدية (انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق)
– لم يتحرر المسجد الاقصى بالدعاء ، ولن نقضي على الفيروس بالدعاء ، العلم والعمل (الجاد الأمين) أولا ثم يأتي بعدهما الابتهال الى الله أن يكلل مجهوداتنا . الاسلام دين السعي والعمل ، واذكروا ان المسلمين الاوائل أصحاب سيدنا النبي وهُمْ مَنْ هُمْ ، حينما تقاعسوا في غزوة احد انهزموا وأنا اظن انهم الاقرب الى الله لكنها رسالة واضحة بوجوب السعي والاخذ بالاسباب لم يلتقطها الدراويش حتى الآن
– اذا لم تكن خائفا تماما وشايف ان ده فيلم مصنوع فاعلم ان هذا في علم النفس يسمى انكار (denial) وهو أيضا حيلة دفاعية لاشعورية للتغلب على القلق ، أوأنك مغيب وتجهل مايحدث ، اوعى تفتكر انه من فرط الايمان لأن فرط الايمان يجعلك تتقبل المصائب حتى الموت وليس انكار وجودها اصلا
– واذا كنت مؤمن جدا يجب ان تعلم قاعدتين فقهيتين اساسيتين ،
أنه “لاضرر ولا ضرار” ، وأن “منع الضرر مقدم على جلب المنفعة”
واذا كنت خائف يجب أن تترجم هذا الخوف الى التزام قوي بالقرارات والقوانين الاحترازية مهما كانت قوية لحمايتك انت ومحبينك باذن الله تكون في امان
– أعتقد أن مشاهدة سيناريو انتشار الفيروس حولنا يقول اننا سنصل إلى العزل الكامل والتوقف تماما وهذا حتم رغم إرادتنا لفترة أعتقد أنها لن تقل عن ستة أسابيع وهذا ليس للتخويف بالعكس هذا يطمئن ويمنع العدوى ويحاصر الڤيروس، واظن أن مشكلتنا في كم الناس المشتغلين باليومية والذين لن يجدوا قوت يومهم بمعنى الكلمة وهم في رقبة الحكومة التي لا اعرف قدرتها على التكفل بهم وقت التوقف التام . وهنا لا بد أن أثمن واشكر معالي د. جودة عبدالخالق المفكر الاقتصادي العظيم الذي يتبنى قضية العدالة الاجتماعية ولا يكل عن الدعوة لها وهاهي الازمة تكشف أهمية بل وخطورة هذه القضية
– من الأشياء الجميلة أيضا أن بعض الفنانين ونجوم الكرة (واظن أنهم سيتزايدوا بالاضافة لبعض رجال الاعمال) قرروا أن يتكفلوا بمصاريف بعض العائلات التي ستضرر وانا لازلت أراهن على أصالة هذا الشعب ولا زلت أراهن على الشباب
** انظروا الفيديو الهام جدا لنتعلم، المطلوب ليس الخوف بل الجدية المطلقة والتعاون
– هذا وقت تضافر جهود الجميع مسئولين ومواطنين أما الحساب والمراجعات والوقفة مع الجميع بعد أن تنتهي هذه الازمة بإذن الله بأقل خسائر ممكنة تعالوا ناخدها تحدي ونتحمل ونقاتل معا جميعا من اجل سلامتنا لسنا اقل من الصينيين
أسأل الله البصيرة والنور والتوفيق والسلامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *