أكد الدكتور مصطفى حجازي، المستشار السياسي للرئيس المصري، أنه لا عودة إلى الماضي في قرار اعتبار الدولة المصرية جماعة الإخوان المسلمين «تنظيما إرهابيا»، موضحا أن التنظيم «سقط في كل الاختبارات» بشهادة أطراف المجتمع الدولي ذاته، والذي أيقن أن المهارة الأساسية للجماعة هي «الخطاب المزدوج».
وأشار حجازي، أن قرار إعلان الجماعة إرهابية كان بناء على قرارات اتخذتها الجماعة ذاتها بصورة علنية على مرأى ومسمع من الجميع بأنها ستقوم بأفعال من شأنها إرهاب وترويع المجتمع المصري، مشددا على أنه لا مجال للتأويل في ذلك. كما أكد مستشار الرئيس أن القرار ليس سياسيا، بل هو استخدام وتطبيق لقانون موجود، وأن المصريين أنفسهم هم من طالبوا بتدخل الدولة لحماية الشارع من تبعات عنف الإخوان، مؤكدا أن الإعلان في حد ذاته كان «تقريرا لواقع».
وأوضح حجازي أن باب الرجعة مفتوح دائما لمن لم يرتكب جرما في حق المجتمع، لكن على هؤلاء أن يتحملوا مسؤولية ما حدث بسببهم، وأن يقوموا بجسر الفجوة التي أحدثها هذا التنظيم الذي انتموا إليه، بما يتطلبه ذلك من نبذ للعنف وتبرؤ من الجماعة. وحول وجود توجهات لدى بعض المنشقين عن الجماعة لإعلان جمعيات أخرى ومرشد جديد، أكد حجازي أن مصر تجاوزت هذه المرحلة، وأن المجتمع لن يقبل بهذا النوع من التنظيمات مرة أخرى مهما اختلفت الأسماء، مشددا على أن التنظيم الوحيد الموجود في مصر الآن هو «الدولة» ذاتها.. مؤكدا على ذلك بأنه حتى إذا بعث عمر التلمساني نفسه (وهو أكثر مرشدي الإخوان اعتدالا) فإن أمر عودة التنظيمات غير قابل للتفاوض.
كما أشار حجازي إلى أنه يعتقد أن مصر تجاوزت مرحلة عودة حكم «الطوارئ» حتى إذا زاد العنف، مؤكدا أنه «في إطار القانون العادي، وفي إطار منظومات حقوق الإنسان وقيم المجتمع، فإننا سننتصر على الجريمة وسننتصر على الإرهاب». وإلى نص الحوار..
* لنبدأ من الحدث الأقوى حاليا.. بعد أكثر من 80 عاما، وبعد صعود لكرسي السلطة لم يستمر طويلا، قررت مصر إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.. كيف ترى الأمر؟
– هناك منطق حاكم يقول إننا لدينا تنظيم وجماعة ينتهجان العنف بشكل منظم جدا في محاولة لإيصال وجهات نظرهما.. وكانت لديهما رغبة واضحة لا تحتمل أي تأويل – كما سميتها أنا – في «الاعتصام في الزمن»، بمعنى محاولة إيقاف حركة المستقبل في هذا المجتمع، وإيذاء هذا المجتمع بأكبر درجة ممكنة. ويسمى هذا الإيذاء بأنه عنف ممنهج يصل إلى درجة الإرهاب.. وقلنا هذا سابقا – ربما حتى قبل فض ما يسمى بالاعتصامين – بأنه في اللحظة التي يصل فيها العنف إلى أن يكون ممنهجا والغرض منه هو إلحاق أذى بحياة الناس البسطاء المسالمين اليومية وإيقاف عجلة الاقتصاد في المجتمع؛ فإن هذا يسمى «فعلا إرهابيا».
وهذا أمر لم يكن معرفا في مصر أو في العالم كله على هذا النحو.. وبالتالي فنحن أمام تعريف عملي.. إننا أمام تنظيم بالفعل يقوم بأعمال إرهابية وفي أخف التعبيرات يقوم بأعمال عنف ممنهج. لكن هذا الأمر أصبح معرفا على أرض الواقع.. وعموم المصريين يشعرون به ويطالبون برد فعل عملي وقانوني في مقابل هذا الأمر.
* البعض رأى القرار تأخر، وآخرون عدوه متعجلا.. ما رؤيتكم من منطلق كواليس قصر الرئاسة حول خلفيات وقت صدور القرار؟
– رد الفعل العملي كان في أحوال كثيرة، كانت هناك محاولات في بعض الأحيان لعذرهم من أطراف المجتمع. وفي أحوال أخرى كان هناك من ينادي بمواجهة بقوة القانون، ووضوح في المواجهة القوية من طرف الدولة والقانون. والدولة في كل الأحوال لديها إيمان بأننا نضمن حرية الناس في التعبير واعتناق الأفكار، ولكن بشكل سلمي ودون استخدام العنف.. وهو ما كان يصدر دائما تأكيدا لهذه الحقوق في البيانات الرئاسية وعن مجلس الدفاع الوطني، وسندافع عنه دائما. لكن أي دولة تحترم نفسها فإنها بنفس القدر الذي تحمي به حريات أبنائها تكون مهمتها الأولى هي حماية مجتمعها وأبناء هذا المجتمع من الإرهاب والعنف ومن محاولة إيذائهم بأي شكل من الأشكال.
وما حدث من خلال إعلان الجماعة تنظيما إرهابيا هو في اعتقادي «تقرير لواقع». ربما رأى البعض أن القضية ما زالت في حوزة القضاء، والحكم القضائي قد يصدر في أي وقت. ولكن استخدمت الحكومة المصرية حقها في أنها عرفت من خلال قانون قائم – وليس قانونا مستحدثا – أن هناك مادة تسمى 86 في قانون العقوبات تعرف ما يجري الآن من هذا التنظيم على أنه عمل إرهابي. ومن ثم، فإن وصف هذه المنظمة بأنها إرهابية هو من واقع قانوني وليس تعريفا مستحدثا؛ أو تعريفا سياسيا كما يروج البعض. وفكرة أنه تأخر أو تقدم، قد يكون ترك للحظة لمحاولة – في أوقات كثيرة – أن يعود البعض إلى رشدهم، وأن يكونوا أكثر مصرية، أكثر من كونهم ينتمون إلى تنظيمات أو جماعات أخرى.
ولكن في التصعيد الأخير الذي رآه الجميع في الدقهلية والقاهرة وغيرهما من أحداث، بدا بوضوح شديد للغاية أن هذا التنظيم بالفعل يقرر في حق نفسه، من دون أن يقرر له أحد، أنه تنظيم إرهابي.. فهو ينال من سلامة البسطاء وعموم الناس المسالمين بغرض إرهابهم وترويعهم وإيذائهم.