خلقنا الله جميعاً متساووين،تربطنا ميزات عديدة أهمّها الإنسانية والعقل. كلنا بعين الله سواء، رجالاً ونساءً، فقراءً وأغنياء، بيضاً وسوداً،… لكن الإنسان المغرور والمتكبّر لم يستطع إستيعاب هذه الحقيقة ولا التأقلم على واقعيتها فسعى طوال تواجده على الأرض وأورث الأجيال بعده، التفرقة.
حياة الإنسان مبنيةٌ على القسمة، بها بنى جداراً عملاقاً فاصلاً بينه وبين أخيه. جدارٌ لم يأتي بأية فائدة وما خلّف لنا سوى الكوارث والمآسي. هذا الحائط السدّ شتّت الناس كخرافٍ دونما راع ٍ، كلٌّ تائهٌ في مكان، يبحث عن أمنه وعيشه بعيداً عن الأخر.
وأسف للقول أنّ الإنسان بلاً من أن يرتقي عن باقي مخلوقات الأرض، تشبّه بهم وانطلق يشبع غريزته دون تعقّل. فالكبرياء الأعمى جعل الإنسان ينحدر إلى الحضيض بدلاً من الترفع نحو العلى.
كل إنسان يتباهى بموهبته ويعتبر أنّه مركز العالم، مع أنّ لكل امرئ ٍ مقدّرات تغنيه وتهدف إلى الإلتقاء مع الأخر وزيادة غنى النفس والعيش المشترك.
أدخلنا القسمة إلى أدق تفاصيل حياتنا، فكم من أشخاص اعتبروا المشاهير آلهة تسير تواضعاً على الأرض، يصيبهم اكتئابٌ إذا مسّهم سوء وينتحرون بعد موتهم، كأن رابطاً عائلياً وثيقاً يربطهم بهم، مع أنّ الموت يزور الفقراء والمشردين يومياً، والحروب له مأدبةُ فاخرة يقتات منها ألذ ّ وأشهى الأطعمة. فمن يبكي هؤلاء ومن يموت ورائهم؟
قسمنا أنفسنا بين “عادي” و”مميّز”، والحياة علمتنا دروساً صادمة بأنّ العادي يفوق المميز ولم نتعلّم. إنّ من يربّي أولاده تربيةً صالحةً ينجز ما هو أهمّ من الأغاني والمسلسلات. والمرأة التي تشغل وظيفتين لتعيل أيتاماً وتجد أيضاً الوقت لتلاعبهم وتسمعهم أهم من مكتشف الذرّة. والمراهق الذي يلتفت لدروسه ويبتعد عن الشرور أهمّ بكثير من أي شخصيةٍ عامّة نهلل لها ونتحاكى بإنجازاتها.
كلنّا سواء، مؤمنٌ وكافرٌ، مجرمٌ وصالحٌ، لأننا جميعاً اكتسبنا ما لصق بنا من التربية والمجتمع والتجارب ولأنّ لا أحد منّا بار.
الفرقة هلاكٌ، والمشاركة رقيٌّ، لذا ارتقوا..فالقاع ازدحم..