تشكلت لجنة الخمسين وشملت أطياف المجتمع وكانت معبرة عن الحراك السياسى الذى تم فى 30 يونية وما بعدها ، وحاولت جاهدة أن تلبى طموحات الشارع والشعب فى آن واحد ، وقد وقعت بعض الأحداث التى اضطرت عضو النور بلجنة الخمسين أن ينسحب لطبيعته الشخصية التى لا تستطيع ان تتحمل مناقشات تحتاج إلى قدرة خاصة الأمر الذى استغله البعض وراح يردد ” تم طرد حزب النور” ” حزب النور لا مكان له بالدستور” ” هذه حرب ضد الإسلام والمسلمين ” ” حرب ضد الهوية” .
وقتها حاولنا ان نستفسر عن الوضع من مصادرنا الخاصة فأبلغنا بالتالى : ” هناك حرص شديد من الدولة على تمثيل حزب النور بلجنة الخمسين ، وقد تلقى رئيس الحزب اتصالات متعددة من كل من السيد رئيس الجمهورية ، والسيد الفريق أول عبدالفتاح السيسى ، والسيد عمرو موسى ، وبعض الوزراء وكلها تؤكد على الحرص على تمثيل حزب النور باللجنة ولا تقبل انسحابه نهائيا ، وأكدت المصادر على أن خير دليل لحرص الدولة على تمثيل الحزب الموافقة على عضوين أحدهما أساسيا والثانى احتياطيا ” .
بدأت اللجنة فى العمل وبدأ سيناريو الطعون والشبهات فعلى الشبكة الدولية للمعلومات صورة فيها الفنانة ليلى علوى وبعض الفنانين وأحد الأفراد يقبل يد الفنانة ، وأسفل الصورة وضع تعليقا سخيفا منفرا من واضعى الدستور ، انتشرت الصورة على برامج التواصل الاجتماعى وعلى المواقع والمنتديات على أن ليلى علوى ومن يرافقها من أعضاء لجنة الخمسين ، ووقتها قلنا لبعض من ينشرون هذه الصورة يا سادة ” هذا كذب محض فليلى علوى لا دخل لها لا بالدستور ولا بلجنة الخمسين ، فلا تتزيدوا فى الكذب “، وطالبناهم بمطالعة أسماء أعضاء الخمسين بدلا من السير فى هذا الطريق القذر لمواجهة المخالف ، فتركوا الحديث عن هذا الموضوع إلى غيره وكأنهم ليسوا أصحاب هذه الصورة التى انتشرت وراجت.
بعد ذلك بدأت محاولات لإخراج حزب النور من المشاركة من خلال بعض الطعون كالحديث عن أن السلفيين عملاء لأمن الدولة وان حزبهم ليس بحزب النور إنما حزب “الزور” ، وأن مشاركتهم فى هذه اللجنة تجعلهم ومن يعاونهم يتحملون دماء من قتل برابعة والنهضة ، وأن تواجدهم فى هذا الجو العلمانى يخالف تعاليم الإسلام ، وأن مواد الشريعة ستحذف فى ظل هذا الدستور الانقلابى العلمانى .
لما لم تحقق هذه الطعون المرجو منها إذا بالاتصالات لممثل حزب النور باللجنة حسب مصادرنا وكلها حول متى سينسحب حزب النور من اللجنة ؟ ، ما الذى إذا وقع يجعل الحزب يغير نظره ويترك المشاركة فى لجنة الدستور ؟ وغير ذلك حتى وصل عدد الاتصالات فى بعض الأيام إلى عشرين اتصالا .
الجدير بالذكر أنه بعد الاتفاق على حذف المادة 219 المفسرة للمادة الثانية فى الدستور قامت الدنيا ولم تقعد ، وفى الواقع أن رد التفسير فى المادة الثانية لمجموع أحكام المحكمة الدستورية لا يقل بتاتا عن المادة 219 ، لأنه من مجموع الأحكام سنصل لنتيجة واحدة وهى أنه لا يمكن للمشرع أن يصدر قانونا يخالف أحكام الشريعة بحال.
رغم توضيح ذلك مرارا إلا أن من لا ينشد الحق لا تقنعه لا الأدلة ولا البراهين ، لأنه له نظرته الخاصة وقناعته الخاصة التى لا يمكن أن تتفاعل مع الحق المحض ، وكنا نتمنى أن يتم التعامل مع هذه القضية وغيرها على أنها من قضايا الخلاف التى يسعنا ويسعهم ما ردده الأئمة العظام ” رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرى خطأ يحتمل الصواب ” ، ” اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية ” ، لكن الإصرار على أنهم أصحاب الحق قلب الأمور راسا على عقب ، رغم أن التاريخ الإسلامى مترع بنماذج كثيرة نلتمس منها العبرة والعظة فهذا معاوية بن أبى سفيان يطلب من الخليفة الشرعى الحسن بن على أن يتنازل عن الخلافة وتكون له فوافق الحسن رضى الله عنه وعن أبيه وأخيه وأمه حقنا لدماء الناس ، مع أنه خليفة شرعة ، لكنه مع الخلاف والنفار قدم المصلحة العليا للدولة الإسلامية ، ولم يتشدق بما يتشدق به البعض فى أيامنا هذه .