نظرة تأمل :
من اساسيات رسم استراتيجية السياسة الخارجية لأي دوله انها لابد أن ترتبط بالمصلحة القومية ومن ثم أي قرار يجب أن يخضع لمقتضيات هذه المصلحة وعلية يصبح نجاح وظيفة المؤسسة المعنية بتنفيذ السياسة الخارجية هو اقترابها أو إبتعادها عن فكرة المصلحة القومية وانا أعلم ان الديبلوماسية المصرية تواجه تحديات نتيجة الموقف الداخلي وفي ظل تشوية متعمد للصورة الذهنية لمصر لدى الآخر ونتيجة المواقف الخارجية لعدد من الدول التي تتعارض مصلحتها مع حالة الإستقرار في مصر ويستلزم الامر تحركا اقليميا ودوليا .
وتأتي في مقدمة هذه الدول التي تتقاطع مصالحها مع مصر تركيا التي ترى في ضعف مصر احياءا لمشروع الهيمنة العثمانية وتحاول تنفيذه من خلال ما يسمى بالتنظيم الدولي للاخوان وفي الوقت نفسه تمارس حكومة أردوغان شكلا من أشكال التعتيم على مشكلاتها الداخلية وخاصة فيما يتعلق بملف الفساد الذي تورط فيه نجله شخصيا مما يفسر محاولتة الهاء الشعب التركي عن مشكلاته الحقيقية بمحاولة التورط في الشؤون الداخلية لدول اخرى مثل مصر التي تعتبر المنافس التقليدي لمصر في المنطقة .
ومما لاشك فيه ان هناك تنسيقا بين بشكل او بأخر بين الاطراف الساعية الى اقصاء مصر عن دورها في المنطقة ومن هنا ياتي دور قطر وتعتبر هذه الدويلة أحد الأطراف الإقليمية الساعية لآداء دور مرسوم لها في المنطقة من قبل ألاطراف الآخرى من بينها الولايات المتحدة واسرائيل ويتلخص هذا الدور في إحتضان فلول الإخوان الهاربين من مصر وتوظيف قناتها المسماه الجزيرة للهجوم على مصر والمصريين وفي الوقت نفسه آملة في ان يكون لها موقعا رائدا اقليميا وبالطبع هذا من الصعوبة بمكان تحقيقه لصغرها من ناحية وضآلة ما تتمتع به من ميراث تاريخي تحاول به أن تتعاظم به على دول خليجية آخرى بالطبع في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي كان لها موقفا ايجابيا من البداية منذ قيام الثورة سواء في 25 يناير او 30 يونية واحترمت السعودية ودول خليجية اخرى مثل دولة الامارات العربية المتحدة والكويت ارادة الشعب المصري ووقفت الى جانب مصر قلبا وقالبا .
وعندما نتحدث عن السياسة الخارجية المصرية لايمكن ان يفوتنا الدور الامريكي في المنطقة وفي هذا السياق يبرز تساؤل هل الولايات المتحدة ترغب في استقرار المنطقة ؟
ان المتابع للسياسة الخارجية الامريكية في العشرين سنة الاخيرة يجد انها تحولت من التدخل المباشر في نزاعات المنطقة الى التدخل غير المباشر بعد فشلها الذريع في هدم العراق عام 2003 وبات واضحا ان الولايات المتحدة قد اخفقت في تحقيق اهداف استراتيجيتها في الشرق الاوسط ولهذا اعتمدت على اسلوب قد يحقق اهدافها دون تدخل مباشر منها وذلك من خلال ما يمكن تسميته توطين الصراعات الاقليمية مثلما حدث في ليبيا ويحدث في سوريا الان وتحاول ان توظف الثورات العربية التي اصطلح على تسميتها ثورات الربيع العربي في هذا الاتجاه وفي الوقت نفسه تقف الولايات المتحدة ظهيرا لدول تعد ادواتها بالمنطقة ليس من بينها مصر بالطبع !!
مما تقدم نلاحظ ان اي قراءة للمواقف الامريكية سوف تقود الى نتيجة محددة وهي ان واشنطن لن تستطع ان تفصل علاقتها بالانظمة القائمة في المنطقة عن مصالحها وسوف تتصدى بكل الطرق لاي نظام يهدد نفوذها ومصالحها ومن هنا تعمل على التحرك في الخفاء مع ادواتها وفي الوقت نفسه تحاول التكيف مع النظم السياسية القائمة .
من هنا لابد ان تستوعب الديبلوماسية المصرية ابعاد المواقف الاقليمية والدولية وترسم اهدافها وفقا لما تراه المصلحة القومية للتعاطي مع هذه المواقف