تعد الأفلام التسجيلية واحدة من أرقي أشكال الإبداع السينمائي والتلفزيوني، فهي تعيد إنتاج الواقع من منظور محدد يستهدف تكريس وجهة نظر بعينها والترويج لها ، ويتميز هذا النوع من الفن بالقدرة علي تحليل الماضي، ورصد جوانب الحاضر، والتنبؤ بالمستقبل، حيث يتم تجميع الوقائع في سياق يخدم وجهة النظر المستهدفة وتحليلها بأسلوب درامي شائق من خلال صياغة حبكة محكمة وأحداث صاعدة تنطوي علي قدر من الإثارة والتشويق وصولا إلي الذروة التي تؤكد وجهة النظر المراد إبرازها. وللأفلام التسجيلية أهمية خاصة في إدراك الواقع الاجتماعي لدي مشاهديها، وهي لا تعكس كل جوانب الواقع وإنما تؤكد علي جانب واحد منه ينطلق من رؤية منتجيها. ويهدف الفيلم التسجيلي بشكل أو بآخر إلي فهم الأحداث وسياقاتها ومعرفة المتغيرات المؤثرة عليها، وتقديم معايشة أكثر قربا للواقع، وبالتالي تؤثر هذه الأفلام علي اتجاهات المشاهدين من خلال غرس الأفكار والقيم والمعتقدات التي تبثها للمتلقين ببطء ولكن بثبات وبصورة تراكمية. أدركت إسرائيل هذه الحقيقة، واستطاعت أن تمتلك ترسانة إعلامية قوية ذات مقومات تقنية ومادية عالية سواء داخل إسرائيل أو خارجها، تستخدمها في إدارة الصراع السياسي والثقافي والأيديولوجي في مواجهة العرب والفلسطينيين، ومن بين هذه الأدوات السينما التسجيلية الإسرائيلية بما تحظي به من إمكانات فنية وإنتاجية ضخمة جعلتها قادرة علي حصد العديد من الجوائز والتكريمات في المهرجانات السينمائية الدولية، كما جعلتها مؤثرة علي الرأي العام الدولي والعربي. من هنا تأتي أهمية الدراسة المتفردة التي قدمتها مؤخرا الباحثة الواعدة سارة فوزي المدرس المساعد بقسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة وحازت بها دكتوراه الفلسفة في الإعلام بمرتبة الشرف الأولي مع التوصية بتبادل الرسالة مع الجهات المعنية كافة، والرسالة بعنوان “السينما التسجيلية الإسرائيلية ودورها في تشكيل صورة المجتمع الإسرائيلي الإسرائيلي لدي العرب”. نستعرض محتوي الرسالة وأهم نتائجها في المقاليين القادميين..