أخبار عاجلة
ابراهيم الصياد

ابراهيم الصياد يكتب… نقطة تماس

هل مر احدكم بتجربة الوصول الى نقطة تماس بين الحياة الدنيا والحياة الاخره ؟ نقطة تاتي في لحظة فارقة بين الادراك الدنيوي والتطلع الى معالم وموجودات العالم الاخر الذي لا يعلمه الا الله .
في يناير الماضي اصيبت بالكورونا وانتهى بي الامر في غرفة العناية المركزه كي أعيش تجربة قاسية لكنها جديدة ومثيره لما فيها من عبر ودروس لا يعيها المرء منا الا اذا مر بهذا الموقف .
كلما اغمضت عيني كنت ارى شريطا سينمائيا تظهر فيه شخوص غريبة مابين المفزع منها والمقبول الشريط لا يتعلق باحداث الحاضر أو الماضي ولكنه يريد ان ينقل لي معلومه وهي اني لست وحدي هناك من يتابعني ويراقب حالتي وسمعت صوتا صادرا عني قادما من منطقة اللاوعي هو صوتي اتحدث اناقش احاضر وعند اليقظة يتوقف الصوت فجأة .
حتى جاءت لحظة توقف احساسي بالزمن من حيث الواقع الغرفة التي كنت بها كانت مضاءة 24 ساعة بالنيون الأبيض وبالتالي لم يعد لدي ادراك بحدود الليل والنهار فيها إلا من خلال شباك زجاجي على البعد عندما يضيء اعلم اني في النهار وعندما يعتم ادرك اني في الليل .
لكن الاهم من ذلك ان قياس الزمن بمقاييس الحياة الدنيوية لم يعد موجودا واصبح الوضع اقرب للغيبوبه منه لليقظة ولم يعد في اطار تفكيري اي شيء من ماديات الحياة غير إني اقترب من نقطة تماس قد تكون نقطة اللاعودة. ولهذا ادركت لماذا كان الطبيب يطلب مني كلما مر بجانب سريري ان اسبح واذكر الله وهو الامر الطبيعي وفي مثل موقفي فلم اجد غير الله بجانبي دعوته وناديته وصليت له بعيني كلما تذكرت موعد صلاة من الصلوات الخمس ونطقت الشهادة اكثر من مرة خشية ان يات وقت لا اتمكن فيه من النطق فيها وإن كنت اعتقد ان التشهد بالقلب اوقع وأكثر تاثيرا من التشهد باللسان .
لا اعلم كيف كان الوقت يمر بالنسبة للاخرين في غرفة العناية المركزه التي ظلت حتى اللحظة ضمن موجودات الحياة التي كنت اعيشها قبل ساعات وربما قبل أيام !
وتركت أمري لخالقي يفعل مايريده ولم اشعر انذاك باي خوف أو قلق فأنا اديت رسالتي تجاه اسرتي ولم يشغلني غير قلقهم علي كنت اراه في عيني ابني الذي سمح له من بين اسرتي بزيارتي خاصة في الساعات ال48 الأولى لدخولي المستشفى .
وذهبت في سبات عميق لا يخلو من قليل من الوعي عشت حلما انتقلت فيه الى زمان غير الزمان ومكان غير المكان شهدت نفسي ارتدي ملبسا اقرب ما يكون لملابس الإحرام وشعوري انني في دار للضيافة ليست في مصر ولكن في المدينة المنورة وهو ما جعلني استمر اتلمس طريقي في هذا ( الحلم) الرائع لكني مرتبط بسرير وتسرب لي قلق كيف اعود لمصر ام انني لن اعود ؟
شاء الله عز وجل ان اعود ليس لمصر ولكن اعود الى الحياة من جديد ووجدت نفسي في حجرة العناية المركزه وبدل ضوء النيون الأبيض كان ضوء الشمس يملأ المكان وبالطبع من حيث الواقع لم يحدث لاني افقت بعد حوالي 30 دقيقة ووجدت نفس الحجرة والسرير والممرضات والاطباء والاضاءة النيون البيضاء وعرفت بعد ذلك ان هذه الرحلة في عالم اللاوعي وعند نقطة التماس استمرت حوالي عشرة أيام كاملة .
20 يوما امضيتها في العناية المركزة لضبط نسبة الاوكسجين في الدم ثم حوالي اسبوعين في العزل حتى تجلت إرادة الله العليا ورضاؤه عني كي استرد حياتي واخرج من المستشفى واعود الى منزلي .
وهكذا عشت لحظات حدث فيها تماس بين حياتين لكل منها قوانينها وبيئاتها وموجوداتها .
بسم الله الرحمن الرحيم
أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ *
صدق الله العظيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *