منذ نحو 25 عاما كتبت مقالا نشر في صحيفة الخليج الاماراتية بنفس العنوان عندما سيطرت طالبان على الحكم وادخلت الشعب الأفغاني الى نفق مظلم حيث سقطت كل المعايير الإنسانية والحضارية في ايدى فرقة ضالة تحكم وتقتل وتدمر بدم بارد بإسم الدين !
في عام 2021 تعود نفس الفرقة الضالة الى السلطة وبمباركة أمريكية هذه المرة في تقديري ان واشنطن اعطت الضوء الأخضر بعد اتفاق غير معلن مع طالبان لتسلم مقاليد الحكم بشرط عدم المساس بالمصالح الأمريكية بعبارة اخرى ان قرار بايدن الانسحاب العسكري من أفغانستان تم بناء على تقارير استخباراتية اكدت تنامي القوة السياسية لحركة طالبان الأفغانية في ظل متغيرين رغبة واشنطن خروج قواتها بشكل آمن من هناك وضعف قدرة حكومة كابول على الحفاظ على الاستقرار فضلا عن انزلاق الجيش الأفغاني الذي يبلغ عدد افراده بنحو 300 الف جندي في مستنقع الفساد
أما طالبان لايتجاوز عدد أفراد ميلشياتها 80 الف فقط
طالبان حركة قومية إسلامية سنية سياسية مسلحة، يصفها معارضوها بالمتطرفة، ويعتقد قياداتها أنهم يطبّقون الشريعة الاسلامية. نشأت عام 1994م وحكمت أجزاء كبيرة من أفغانستان وسيطرت على العاصمة الأفغانية كابل في 27 سبتمبر 1996م.
وحينئذ أعلنت قيام الإمارة الإسلامية في أفغانستان . وهي حركة تنكر مذهب أهل السنة في تحريم الهجمات على المدنيين الأبرياء الذين لا يعينون العمليات القتالية ضدها بشكل مقصود وهي تختلف عن حركة طالبان باكستان التي تتعاون مع
الحكومة المركزية الباكستانية لفرض تطبيق الشريعة في باكستان ومحاربة قوات الناتو في أفغانستان وهذا الاخير اراه اتفاقا غير مرتب بين طالبان أفغانستان وطالبان باكستان وإن اختلفت الاهداف .
ويثير الموقف الحالي في أفغانستان عددا من علامات الاستفهام منها هل طالبان التسعينات تختلف عن طالبان اليوم ؟ هل يمكن ان تقدم طالبان خارطة طريق تتوافق عليها كل الأطراف بما فيها الناتو وجيران أفغانستان ؟
في تقديري ان حركة طالبان اليوم تختلف في وجود جيلين احدهما محافظ متشدد يمثل كبار السن في الحركة والاخر معتدل يستفيد من التوازنات يمثل جيل الشباب وربما اذا تمكن هذا الفريق من جمح الفريق المتشدد فإن الامور تصبح اكثر سلاسة ولصالح الشعب الأفغاني لكن تحليل مضمون ما يرشح عن معلومات يؤكد ان ثمة صراع داخل الحركة قد يتطور خلال الفترة القادمة عندما يصبح الوضع اقرب للتنازع على السلطة في كابول بين جيلي الحمائم والصقور .
إعلان طالبان ان الحركة توافق على مبدأ التفاوض مع القوى السياسية الأفغانية هو تطور ايجابي لم يكن موجودا من قبل ولكن الحركة تشترط خروج جميع القوات الأجنبية من أفغانستان وتحديدا قوات حلف الناتو واذا وافق الحلف على ذلك هل تبتعد تركيا – وهي عضو في الناتو – وتلتزم بالقرار الاطلسي ؟ قراءتي لتصريحات أردوغان تشير الى ان أنقرة لن تنسحب بسهولة من المشهد تحت دعاوى إحلال السلام في افغانستان!
خلاصة القول الايام القادمة ستشهد حالة من عدم الاستقرار خاصة إذا رفضت القوى السياسية الأفغانية التعاون مع طالبان و فشل امريكا في استمرار كسب ود الحركة اذا كشفت الأخيرة عن وجه آخر لها حال امتلاك كل زمام الامور ويبقى الخطر هو ان العالم قد يكون على مقربة من مرحلة جديدة في مواجهة موجة من الارهاب الدولي !