ذكرنا في المقال السابق أن الإدراك هو السبيل الوحيد للوعي، وحيث أن الإدراك هو ما نستقبله عن طريق الحواس لمعالجة المعلومات، ويمر الإدراك بثلاث مراحل ذهنية هي الاختيار والتنظيم والتفسير، ويتم التغلب علي التشويش الذي يحدث أحيانا عند عملية نقل الأفكار وعدم التيقن من محتواها من خلال تكرار الرسالة حتي يتفهم الفرد ما يخفي عليه من جوانبها. إذن الإدراك غالبا ما يكون ذاتيا، ونحن غالبا ما نتصور الأشياء باعتبارها تحقق لنا هدفا فوريا، ولتحقيق حاجة، أو تدعيم موقف عقلي أو قيمة ثقافية. وبناء علي ذلك، يمكن تعريف الوعي بأنه ” اتجاه عقلي يتيح للفرد إدراك ذاته والبيئة المحيطة به بدرجات متفاوتة من الوضوح والتعقيد، وهذا يعني أن الوعي لا يكون عند الناس كافة بنفس القدر وبنفس وتيرة النشاط في التفاعل، ومن خصائص الوعي أنه مكتسب من البيئة الاجتماعية ونتاج العلاقات الاجتماعية والتواصل بين الأفراد، كما أنه شامل يرتبط بالوجود الاجتماعي ككل، ومتنوع يختلف باختلاف الأفراد واختلاف المجتمعات والمفاهيم المسيطرة علي المجتمع وتفسيراتها، ويتميز الوعي بكونه نسبي وليس مطلقا، حيث أنه قابل للتطور والتجديد وفقا لتطور العلاقات الاجتماعية ووسائل التواصل التي يستخدمها الإنسان، وينطوي كل ذلك علي قابلية الوعي للتشويه والتزييف، وتدل الخصائص السابقة علي الطبيعة المعقدة للوعي المجتمعي. أما عن أنواع الوعي ومجالاته فهو ما نطرحه في المقالات التالية.
وللحديث بقية…