من العوامل المهددة للوعي الاجتماعي المصري تراجع دور المؤسسات الثقافية والاجتماعية التي كانت تحتفظ باستقلال نسبي خارج دوائر وقيم السوق العالمية. اعتمدت الدولة لفترة طويلة علي مصدرين أساسيين للتنشئة الاجتماعية، أولهما يتمثل في الأسرة باعتبارها النواة الأولي التي تنتج الوجدان الثقافي الوطني من خلال نسيج القيم التي ترسخها في وجدان الأفراد منذ نشأتهم الأولي ، غير أن الملاحظ تراجع دور الأسرة في تنشئة الأبناء نتيجة انشغال الوالدين في تدبير مستلزمات الحياة ، وتفكك الروابط الاجتماعية لدي بعض الأسر نتيجة غياب الوازع الديني والأخلاقي، والتحولات الديموغرافية وتمدد السكان، وهو ما ينعكس بالسلب علي الترابط الأسري، بالإضافة إلي بعض المشكلات الأسرية من نزاعات وطلاق وضعف عوامل الضبط والرقابة. أما المصدر الثاني للتنشئة فهو المدرسة التي تراجع دورها أيضا لأسباب عديدة. يضاف إلي ذلك أيضا موجة التغريب الفكري والسلوكي مما يؤثر علي اهتزاز بعض القيم الأصيلة، وبروز قيم دخيلة ومبتذلة، وقلة الاهتمام بالتفكير الناقد والحوار البناء من جانب المربين والمؤسسات التربرية والإعلامية. لم تعد الثقافة المصرية علي القدر نفسه من العطاء والتألق من حيث مستوي الإبداع. كان هذا الدور يستند إلي مجموعة من القدرات والثوابت منذ عشرات السنين، وجمع رصيدا من المواهب والرموز التي شكلت وجدان الأمة بكل مظاهر التفوق والتميز والإبداع، ولكن هذه المواهب عانت من إهمال شديد في السنوات الماضية، واخترقت سطوة المال وجبروته معظم مقومات الفن الحقيقي ، وتحولت بعض الفنون إلي أدوات للهدم بدلا من البناء..
وللحديث بقية..