أخبار عاجلة
الكاتب الصحفي - محمود عابدين

محمود عابدين يكتب… مالم يُقال في قمة “جلاسجو” الاسكتلندية (1)

تابع جميعنا مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الدورة ٢٦ “لقمة الأمم المتحدة لرؤساء الدول والحكومات لتغير المناخ” في بريطانيا الأول والثاني من الشهر الجاري بمدينة جلاسجو الاسكتلندية تلبية لدعوة رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، الذي تتولى بلاده الرئاسة الحالية للقمة، وذلك في ضوء الدور المهم الذي تؤديه مصر على المستويين الإقليمي والدولي ضمن إطار مفاوضات تغير المناخ.
وبدا لافتا تركيز “السيسي” الشديد خلال أعمال القمة على القضايا الهامة للدول النامية بشكلٍ عام، والأفريقية بشكل دقيق، والتأكيد على ضرورة التزام الدول الصناعية الكبرى بتعهداتها في إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ، وكذلك التأكيد على تطلع مصر لاستضافة الدورة القادمة لقمة تغير المناخ خلال العام القادم ٢٠٢٢.
في هذا السياق، يجب الإشارة إلى بدايات هذه الكارثة الكونية، والتي صاحبت قيام الثورة الصناعية الأولى في النصف الثاني من القرن الثامن عشر مع اختراع الآلة البخارية، ثم الاستخراج الشامل للبترول ومعالجته واستخدامه لتزويد تلك الآلات بالوقود، ثم الثورة الصناعية الثانية مع توافر المنتجات البترولية في تطوير محركات الاحتراق الداخلي؛ والذي صاحبه ثورة عظيمة في استخدام السيارات والسفن والطائرات فيما بعد؛ الأمر الذي ترتب عليه زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الذي تسبب مع غيره من غازات الدفيئة إلى حبس المزيد من الحرارة وتضخيم ظاهرة التغير المناخي، والنتيجة الحتمية في هذه الحالة هي ارتفاع درجة حرارة الأرض واضطراب دورة المياه؛ وهطول الأمطار الغزيرة والفيضانات والجفاف والعواصف، وستكون موجات الحر وحرائق الغابات أكثر تدميرًا.
ولربط هذا بذاك، لابد من الرجوع إلى التقرير الصادر عن قمة المناخ الخامسة والعشرين في مدريد عام 2019، ومضمونه أن “الشهية المتزايدة للنفط والغاز تعني أن العالم ما يزال بعيدًا عن تحقيق التخفيضات المطلوبة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لتجنب كارثة الاحترار العالمي”، كما أوضح التقرير المعروف باسم “ميزانية الكربون العالمية 2019” أن “النمو الضعيف في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2019 يرجع إلى انخفاض غير متوقع في استخدام الفحم العالمي، ولكن هذا الانخفاض غير كافٍ للتغلب على النمو القوي في استهلاك الغاز الطبيعي والنفط، فالانبعاثات من حرائق الغابات والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي ارتفعت في عام 2019 إلى 6 مليارات طن متري من ثاني أكسيد الكربون – حوالي 0.8 مليار طن متري – أي أكثر من العام السابق، وذلك مدفوع جزئيًّا بالحرائق في منطقة الأمازون وإندونيسيا.
هذا وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” في تلك القمة على وجود أزمة عالمية حقيقية ناتجة عن التغير المناخي، لافتا إلى “إننا نخوض منذ فترة طويلة حربًا انتحارية عقيمة على الطبيعة، والنتيجة ثلاث أزمات بيئية مترابطة، تتمثل في اضطرابات المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث الناتج عن الإنتاج والاستهلاك غير المستدامين “، كما ناقش قادة العالم كيفية تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى الصفر بحلول عام 2050، وذلك بالتركيز على التقييمات الأحدث في علوم المناخ ، وخيارات التكنولوجيا والأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بهذا الهدف، ويأتي في مقدمة النقاشات ما يلي:
أولا: تقليل آثار التغير المناخي، بمعنى إن الاحتباس الحراري الحالي الناتج عن انبعاث الغازات الدفيئة للأرض لا رجوع فيه بشكل أساسي، ولكن هناك حاجة ملحة إلى خفض الانبعاثات الكربونية بشكل حاد لإبطاء التغير المناخي، وتجنب أشد التأثيرات على الظواهر الطبيعية والنظم البيئية وصحة الإنسان والبنية التحتية.
ثانيًا: تحسين الصحة وإفادة المجتمع، أي أنه سيكون لجهود الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فوائد إضافية ستؤدي إلى خفض انبعاثات الوقود الأحفوري المسؤولة عن غالبية تلوث الهواء، وقتل الملايين كل عام، فضلًا عن بناء اقتصادات أكثر تنافسية، وزيادة الوظائف عالية الجودة، ومعالجة المشكلات الاجتماعية التي تتخلل نظام الطاقة الحالي.
ثالثا: تلبية الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية “باريس للمناخ” لعام 2016 والتى حددت هدفًا طموحًا للحد من درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، وسيتطلب تحقيق هذا الهدف خفض الانبعاثات العالمية بنحو 45% من مستويات عام 2010 بحلول عام 2030، لتصل إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050. وسيتطلب تحقيق تلك الأهداف تخفيضات هائلة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى جانب الإزالة الفعالة لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
كما ناقشت حكومات العالم في هذا المؤتمر وضع هدف جديد لمقدار التمويل المناخي الذي يجب أن تقدمه الدول المتقدمة للدول النامية لتعزيز جهود معالجة التغير المناخي، وأيدت معظم الدول، بما في ذلك الصين والهند وجنوب إفريقيا، طلبًا بتقديم مبلغ 1.3 تريليون دولار أمريكي سنويًّا حتي عام 2030 لمواجهة الانبعاثات الكربونية، حيث تُعدُّ الصين أكبر مصدر لغاز ثاني أكسيد الكربون في العالم؛ إذ بلغت انبعاثاتها 10.06 مليارات طن متري عام 2018، ويُعدُّ الوقود الأحفوري مصدرًا رئيسا لتلك الانبعاثات، لا سيما حرق الفحم، حيث كان حوالي 58% من إجمالي الطاقة المشتقة في الصين من الفحم وحده في عام 2019.

وللحديث بقية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *