يواجه الباحثون في السياسة والتاريخ مشكلة تتعلق بمدى مصداقية الروايات التاريخية وهو امر قد مررنا به كثيرا عندما لاحظنا ان عملية تأريخ الأحداث تجري من خلال ما يمكن تسميته النظرة المؤدلچة أو بعبارة اخرى يتحول العرض التاريخي الى عرض لوجهات نظر وفي الاجمال هذا ليس تاريخا انما رؤى تحليلية لفترات تاريخية معينة مستندة لوجهات نظر بعينها أو مواقف مسبقة تجاه بعض أو كل الأحداث التاريخية أو حتى تجاه أشخاص بعينهم تتراوح بين الرفض والقبول .
اذن ليس كل كتاب التاريخ قادرين على توثيق ما يكتبونه بشكل محايد لايعبر عن وجهة نظر ما أو موقف مسبق تجاه الحدث وشخوصه !
إن كاتب التاريخ هو أقرب ما يكون للباحث لابد أن يقرأ بدقة كل الوثائق المتاحة عن الفترة التي يبغي تأريخها وبنظرة فاحصة وبعين ناقده وليست وظيفته إصدار أحكام مع أو ضد بل عليه ان يكون على بعد متساو من كل أطراف الرواية التاريخية وتظل مهمته الأساسية عرض الحقائق دون تعليق متحيز!
اذا تدخل الرأي في السياق التاريخي يصبح من وجهة النظر العلمية محاولة للي الحقائق في إتجاه يتفق وعقيدة الكاتب !
واتصور ان الامر يصبح اكثر تاثيرا اذا أستخدم اكثر وسيط اعلامي في العرض التاريخي !
وتصادف ان تابعت عملا وثائقيا مصورا عن حرب 56 اذيع في التليفزيون المصري بمناسبة مرور 65 عاما على حرب السويس واقول بكل صدق (ارفع له القبعة) لأنه تناول الحدث بموضوعية وأنصف السرد التاريخي من ظلمهم بعض من يطلقون على انفسهم مؤرخين خلال الستين عاما الأخيرة!
واعتقد اننا نحتاج الى ان يصبح هذا العمل نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه عملية التأريخ ويجب ان نعلمه للأجيال الجديدة حتى لا يتشوش تاريخ أوطانهم في اطارهم المرجعي! ويجب ترجمته الى اللغات المختلفة وإرسالة الى سفاراتنا بالخارج في محاولة لتحسين صورتنا الذهنية في الإعلام الخارجي وكذلك من الضروري أن يتعرف ابناؤنا في المهجر على التاريخ من وجهة نظر محايدة !