دققت في المعنى المراد به تعبير ( الجمهورية الجديدة) ورٱيت أننا فعلا نريد مجتمعا جديدا ومتميزا وحقيقيا وليس تخيليا أو افتراضيا!
الأمر الذي استدعى الى الذهن قراءات سابقه عن المدن الفاضلة التي تحدث عنها مثلا الفيلسوف الإغريقي افلاطون قبل نحو 2400 عام في كتابه الأشهر (الجمهورية) وربط بين الحكمة والمعرفة ورسخ في الذهن أيضا ما ذكر في كتاب (آراء اهل المدينة الفاضله) للفيلسوف الإسلامي أبو نصر محمد الفارابي في سوريا قبل حوالي 1800 عام عن المجتمع الطوباوي والفارابي
أول من تبلور لديه مفهوم متكامل للمدينة الفاضلة من منظورٍ عربيٍّ إسلامي، وهنا يصوغ صورةً مُثلى للتعاون بين أفراد المجتمع من أجل مدينةٍ فاضلةٍ يسود فيها العدل، وينعم سكانها بالسعادة، وتُمكِّنهم فضائلهم من الصمود في مواجهة المدن الجاهلة!
كما رسم الفيلسوف البريطاني توماس مور معالم شبيهه للمدينة الفاضله في كتابه (اليوتوبيا) عام 1516م ويروي قصة التقاليد السياسية والأعراف الدينية والاجتماعية لجزيرة معزولة وغير معروفة بشكل فلسفي.
ونقول أليس من حقنا في القرن الحادي والعشرين نحن المصريين أن نتحدث عن مدينة فاضلة ٱخرى نسميها الجمهورية الجديدة ؟ .
و في رأيي أن الفكر ليس حكرا على فترة تاريخية بعينها إنما من حق الإنسان في كل الأزمان والعصور والأماكن أن يبحث عن الأفضل !
وقد طرح مؤخرا في مصر شعار الجمهورية الجديدة وتم الترويج له اعلاميا بشكل ممنهج وواسع وكذا لاحظت أن بعض البرامج والكتابات تناولته من باب ابراز الإنجازات التي تحققت على المستويات كافة في السنوات الثماني الأخيرة ولعلي في هذا المقام لن أسلك النهج نفسه في تناول المفهوم المطروح بل سأعرض ما اراه من ضرورة وجود مجتمع فاضل يحقق نوعا من الرضا العام ويحفز على الإنتقال الفعلي الى جمهورية جديدة تتخطى حاجز الشعارات والبروبجندا الدعائية …
ولا اعتقد ان عصرنا الحالي يحتاج إلى فكر طوباوي أو مثالي حسب مفهوم افلاطون أو الفارابي أو حتى توماس مور!
اذن دعونا نتفق ان جميعنا يسعى الى مجتمع واقعي يحل مشكلاته ويتجاوز عثراته ويبحث أفراده عن أسباب الأمن والسلام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .
ولهذا اتصور أن الجمهورية الجديدة هي مجتمع يجب ان تتراجع فيه العوامل المؤدية إلى الجهل والفقر والمرض وتتحقق في إطاره أسباب الرفاهة الإقتصادية والإجتماعية لكل قطاعاته وطبقاته !
وقد تكون الجمهورية الجديدة بهذا المعنى هي تحقيق العدالة الإجتماعية ولا تفرقة بين كل من ينتمي لها وأن الجميع سواء أمام القانون ومن ثم يتراجع الفساد والمفسدون !
إن المجتمع الفاضل في اعتقادي هو الذي يعتمد اقتصاده على الإنتاج بعباره ٱخرى يعتبر مجتمع المنتجين هو من أكثر المجتمعات التي تسعى للأفضل ولديها القدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعظيم ميزاته النسبية بالنسبة لغيره من المجتمعات !
وقد يكون مجتمع الجمهورية الجديدة هو ذلك المجتمع الذي يربط تقدمه بتطور العلم في إطار نسق أخلاقي لا ينفصم عنه تحمية منظومة من القيم ويهدف الى جعل الرقي في كل العلوم والفنون والانشطة الانسانية سمة أساسية له !
وإذا ماتقدم يعتبر رؤية ذاتية لما يجب أن تكون عليه الجمهورية الجديدة بلا أي نزعة طوباوية لدى كاتب السطور فإننا مع اطروحة الجمهورية الجديدة بما يطلق العنان لكل صاحب فكر ثاقب كي يعبر في رؤاه عن كل معنى جديد يحقق إرادة المجتمع الفاضل الجديد !