الفن يساهم في النهوض بالمجتمع وخلق حضارة أبدية تحمل هوية خاصة للمجتمعات المعاصرة، الفن هو لغة الحضارات ورسالة ثقافية وتربوية وتوعوية واجتماعية، فلولا الفنون لما كانت حضارات أوثقافات؛ فالفن لغة عالمية وسيلة إتصال بين الشعوب، الفن رسالة الحاضر والمستقبل في سمو ورفعة المجتمعات والأسر ؛ فالفن هو الحياة والحرية، فالفن يعلم الولاء والإنتماء ويعلم معني قدسية الأوطان ويساعد الإنسان في أن يميز بين الصواب والخطأ ويساهم في تقديم حلول مناسبة لمنع الجريمة ويساهم في إثراء العقل، فمن خلاله تعلمنا عادات وثقافات شعوب عن طريق الكتب والشعر والغناء والدراما والسينما وأيضا يساهم في تعزيز الصحة النفسية ويعمل علي التخلص من الإكتئاب والقلق والإضطراب.
فالفن يعد علاقة تبادلية بينه وبين المجتمع، لأنه يحمل رسالة في مناقشة القضايا المجتمعية المختلفة عن طريق المادة التي تقدم أو التي تنتمي للعالم الواقعي، فالفن صاحب وظيفة هامة ومؤثرة لمجتمعه، لذلك أجد بينهما علاقة حية تبادلية لأنه يعتمد بقاؤه من حركة وتطور المجتمعات.
هناك عاتق ومسؤولية مشتركة بين المجتمع والإنسان الواعي المثقف الذي يشعر بمشاكل وهموم مجتمعه لمحاولة خلق طرق وأفكار جديدة لمجتمع أكثر حبا وعطاء، بمعني أن البيئة والمؤثرات الخارجية سواء الإستقرار والسلام والأمان والحب والعطاء والتربية والثقافة والحرية كلها تستعد في خلق تطورات ثقافية علمية وأدبية وفنية واجتماعية وتوعوية هادفة واقتصادية فمن أجل النهوض والإرتقاء بمجتمعاتنا العربية، لابد من تجاوز أبرز وأهم المشكلات الخاصة بمحو الأمية ووضع مناهج دراسية هامة لبناء الإنسان السوي وتطوير عقله وتوسيع مداركه وأن يكون حر في نشر أفكاؤه ويكون له دور مؤثر حقيقي فعال في المجتمع.
الفن هو الذي يشارك في نهضة المجتمعات فعلا يحب أن ننظر إليه نظرة سطحية وأيضا لن نقبله دون النقد البناء لتحقيق الهدف الحقيقي منه ولذلك نري له تأثير كبير علي الأسرة بجميع مراحلها المختلفة والمجتمع، الفن ليست مرآة عاكسة بل رؤية وفكر لفنان يظهر مايبدعه في مادة فنية محترمة ورسالة عظيمة.
الفن يؤثر في التربية وأيضا التربية تؤثر في الفن وكافة الطرق التربوية الحديثة لها علاقة وطيدة بالتربية الفنية، لأنها تعمل علي الموارد العقلية الإنسانية وهي التخيل لأنه سبب في إيجاد حلول جديدة ومبتكرة بالتفكير والإبداع المختلف.
فالفن مثل ماهو سبب في النهضة والإرتقاء بالحضارات، ممكن يكون سبب في انهيار هذه المجتمعات إن لم نستغله ونستخدمه بشكل حضاري سليم، دون إسفاف وبدون هدف، فالفن الذي يتسم بأنه إيجابي هو الفن الذي ينشر القيم الأخلاقية والإنسانية والتوعوية والإجتماعية ويعمل علي نشر الحب والألفة بين أفراد المجتمع ويعمل علي الإرتقاء بالفرد والذوق العام وتعديل القيم والسلوكيات، بعيدًا عن العنف والتطرف والتعصب وبعيدًا عن الإغراء والإثارة التي لاتتناسب مع مجتمعنا العربي.
الفن في عصرنا هذا إعتمد إعتماد أساسي علي التجارة والصفقات التجارية الهدامة التي تنشر العنف والشر وارتكاب الجريمة، دا غير الأغاني الهابطة المسفة وكلماتها الغير مفهومة وابتعدو عن الرقي والذوق الجميع المبدع.
إهتموا أيضا بنشر كل ما يهتك عرض الأسرة من تخليها عن كل القيم الأسرية والإجتماعية والكره والحقد بين الأخ وأخيه والإبن للأب والأم وتجسيد صورة المرأة علي أنها خائنة تاجرة مخدرات متعددة العلاقات، تجسيد صورة الرجل علي إنه رجل ليس له نخوة ولاشرف يمكن أن يبع زوجته وأولاده مقابل المال وأيضا تجسيد صورة الفقراء والمناطق الشعبية علي إنهم طبقة لاتعد من البشر وأنها شريحة غير شريفة وأصبحت بؤرة للجريمة والفساد وتشجع علي ارتكاب الجريمة والقتل والسرقة والإعتداء علي الأعراض.
والفن هو الذي أصبح أداة لتعليم كل هذه القيم المخلة الغير لائقة بعاداتنا وتقاليدنا، بدل من أن تكون لنشر أخلاق كريمة فاضلة، ولا بد أن نعلم أن الواقع السلبي في مجتمعنا إنعكس علينا من الفن والعكس صحيح بأن المجتمع أجبر الفن علي طرح كافة القضايا المجتمعية المنتشرة من خلال كافة الوسائل الفنية لكل تحاكي الواقع ولطرح تساؤلات عديدة لخلق حلول لهذه القضايا.
فالدراما والسينما هم سلاح ذو حدين، إما أن تؤثر بالإيجابيات والقيم المجتمعية والإنسانية وتعمل علي بناء الإنسان وإما أن تعمل علي هدم الإنسان وتحويل المجتمع إلي مستنقع للإجرام والإنحراف أو أن تصبح المنصة التي تخلق وتبرز الحلول لمثل هذه القضايا
فالمجتمع يشتاق إشتياق حقيقي للفن النظيف الراقي الهادف بكل أشكاله، سواء بالغناء والكوميديا والمسرح والسينما والدراما وأيضا الفن يشتاق إشتياق حقيقي للمجتمعات التي تحمل هوية ثقافية وقيم راقية فلن يصبح الفن راقيا هادفا إلا إذا أصبحت المجتمعات هي نفسها تحمل الرسالة السامية الراقية محتفظة بهويتها وقيمها.