على مدى أكثر من 1400 عام شهد الإسلام والمسلمون موجات فكرية مناهضة للتوجه الحنيف ووسطية فكره وهو أمر معروف في التاريخ بما يسمى بالخوارج والفرق الباطنية التي انتشرت في كل الدول الاسلامية خاصة منذ انتهاء عصر الخلفاء الراشدين مع بداية الدولة الأموية !
ويعتمد هذا التوجه الفكري على خلط متعمد بين الثوابت والاراء أو الاستناد الى الفروع دون الرجوع للاصول ومثال ذلك حادثة الاسراء والمعراج رغم وضوح وتيقن الإعجاز فيها من النص القرآني في سورتي الإسراء والنجم حيث ربطت السورة الأولى بين الأدلة المادية للعقل البشري و سيناريو رحلة الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى لتصبح مقدمة لأدلة إيمانية يقتنع بها الادراك العقلي لما طرح في السورة الثانية من تفاصيل تتعلق برحلة العروج الى السموات العُلى حتى الوصول الى سدرة المنتهى حيث عرش الرحمن !
ولهذا حاول بعض المفسرين المغرضين منذ صدر الدولة الإسلامية تقديم تفاسير تشكك في رحلة المعراج مستندين الى أنها لم تذكر تصريحا في النص!
والرد على هؤلاء ان الله سبحانه وتعالى في كثير من المواضع اكتفى بذكر المعنى دون التصريح المباشر مثل حادثة الافك حيث نجد أن المعنى هنا أهم من اللفظ!
عموما شرح حادثة الإسراء والمعراج وبيان أنها معجزة لها دلائلها أرى انها مهمة الازهر ورجاله الاجلاء !
والقضية التي تعنينا في هذا المقام ان معالجة مثل هذه الموضوعات عن طريق طرح فكر اقرب للافكار الديكارتيه المرتبطه بالشك لايتم من خلال عرض الخطاب في الوسائط الإعلامية العامة التي تخاطب المستويات الثقافية المختلفة وهو أمر كان يجب أن يكون جزءا من السياسة التحريرية للوسيط الإعلامي !
بعبارة اخرى ان المتلقين ليسوا على مستوى واحد في درجة الوعي والادراك وكثير منهم لا يمتلكون درجه ايمانية عالية ة على وجه الخصوص النشأ والاجيال الجديدة التي في طور التكوين والتعليم !
واقول ليس من باب حرية الرأي والتعبير التشكيك في الثوابت الدينية بغرض زيادة نسبة المشاهدة أو مايسمى ( الترند ) بلغة السوشيال ميديا وبالتالي يعد الخوض في مناقشة مثل هذه الموضوعات انزلاقا الى مستنقع الفتنة المجتمعية !
اذن يضعنا هذا الموقف في مأزق يتطلب من صناع القرار إعادة النظر في السياسات الإعلامية والثقافية وطرق مخاطبة العقل الجمعي حيث لا يمكن اعفاؤهم من المسئولية لانهم هم الذين سمحوا من البداية بالتعرض للثوابت الدينية إلى حد يصل إلى ازدراء الدين الخاتم !